معدل النمو الحقيقي المسجل سنة 2023 هو الأعلى منذ 2015
صادرات وإيرادات الدولة دلالة على الأداء الجيــد
الوضع المالي والمصرفي.. مؤشرات مريحــة
عملـيات الدفـع عــبر الهاتـــف بلغت 39 مليـون معاملـة
سجل الاقتصاد الجزائري أداء إيجابيا خلال سنة 2023، رغم استمرار التوترات الجيوسياسية والاضطرابات في سوق المحروقات، وفق ما أكده بنك الجزائر في تقريره السنوي، مشيرا إلى النتائج الجيدة التي تم تحقيقها، لاسيما من حيث النمو والصادرات وتحسن إيرادات الدولة.
وجاء في التقرير، أنه “على الرغم من استمرار التوترات الجيوسياسية والاضطرابات في سوق المحروقات، لايزال أداء الاقتصاد الجزائري ملموسا بشكل عام في عام 2023، لاسيما من حيث صادرات وإيرادات الدولة.
وساعد هذا التطور الاقتصادي، مدفوعا بتحسن ظروف التجارة الدولية، على تخفيف الضغوط التضخمية قرب نهاية عام 2023”.
في هذا السياق، أبرز البنك المركزي الأداء المسجل سنة 2023، لاسيما التباطؤ “القوي” في التضخم، ومعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي “الملحوظ”، وفوائض ميزان المدفوعات، والتراكم “المتزايد” للنقد الأجنبي، والنمو “الملحوظ” للقروض الموجهة للاقتصاد، وكذا صلابة القطاع المصرفي.
«هي كلها مؤشرات تظهر النتائج الجيدة للاقتصاد الوطني سنة 2023”، بحسب ما جاء في التقرير المخصص لتطور المؤشرات الاقتصادية والنقدية والمالية الرئيسية للاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى التدابير المتخذة من طرف بنك الجزائر في القطاع المالي.
وفيما يتعلق بالنشاط الاقتصادي، فقد سجلت معدلات نمو ملحوظة سنوات 2021 و2022 و2023 على التوالي، بنسب تراوحت بين 3,8٪ ،3,6٪ و4.1٪، بعد الركود الكبير سنة 2020 (-5٪) في سياق جائحة كوفيد-19 العالمية، وفق ما جاء في التقرير.
وأشار البنك، إلى أن معدل النمو الحقيقي المسجل سنة 2023 هو الأعلى في كامل الفترة الممتدة من 2015 إلى 2023، مؤكدا أن هذا التسارع في وتيرة النمو، يرجع بالأساس إلى قطاع أنشطة الصناعات الاستخراجية، الذي سجل نموا بنسبة 4,8٪ سنة 2023، مقارنة بانكماش بنسبة 5,1٪ في السنة السابقة.
كما لفت التقرير إلى مساهمة قطاع البناء، الذي سجل نسبة نمو قدرها 3,7٪، والذي يساهم في الناتج المحلي الإجمالي بحصة تبلغ 12,9٪ سنة 2023، مقارنة بـ12٪ سنة 2022.
أزيــــد مـــن 10500 مليـــــــــــار دج من القروض الموجهة للاقتصـــاد
وخلال السنة المالية 2023، سجل أيضا نمو في القروض الموجهة للاقتصاد بنسبة 5,8٪، بزيادة 2,6 نقطة مئوية مقارنة مع نهاية 2022 (3,2٪)، لتبلغ 10694,9 مليار دج بنهاية ديسمبر 2023، مقابل 10112,3 سنة 2022.
ويتعلق هذا التغير الملحوظ في الاعتمادات الموزعة من كل من البنوك العمومية التي سجلت ارتفاعا بنسبة 5,3٪، والبنوك الخاصة التي سجلت ارتفاعا بنسبة 8,7٪، مقابل 3,4٪ و20,4٪ على التوالي في نهاية سنة 2022.
وبخصوص الوضع المالي والمصرفي، فإن أغلبية المؤشرات تقريبا لاتزال مريحة، بحسب ما أفاد بنك الجزائر في تقريره.
في هذا الإطار، أشار البنك إلى أن الرصيد الإجمالي لميزان المدفوعات سجل سنة 2023 فائضه الثاني على التوالي، بعد ثماني سنوات من العجز المتواصل (2014-2021)، بقيمة 6.347 مليار دولار.
وسمح هذا الفائض، إلى جانب ما تحقق في عام 2022، بحسب التقرير، بإعادة بناء احتياطي الصرف الرسمي من النقد الأجنبي (لا يشمل الذهب النقدي)، الذي بلغ 66.988 مليار دولار في نهاية عام 2023، مقابل 60.944 مليار دولار بنهاية عام 2022.
وأوضح المصدر ذاته، أن “هذا المستوى من احتياطيات النقد الأجنبي، الذي يفوق بكثير الحد الأدنى من توصيات المعايير الدولية، يشهد على صلابة وضعية الاستثمار الخارجي للجزائر”.
وسجل الميزان التجاري سنة 2023 فائضا قدره 12.713 مليار دولار، بانخفاض مقارنة بسنة 2022 (26.958 مليار دولار)، بسبب انخفاض أسعار المحروقات في السوق الدولية.
وبذلك بلغت الصادرات السلعية 55.554 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2023، مقابل 65.716 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2022، بانخفاض قدره 10.161 مليار دولار (-15,5٪).
أما واردات السلع فقد سجلت ارتفاعا بنسبة 10,5٪، حيث انتقلت من 38.757 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2022 إلى 42.842 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2023.
وتتعلق هذه الزيادة في الواردات بشكل رئيسي بسلع المعدات الصناعية والسلع الاستهلاكية غير الغذائية ومنتجات أخرى.
في حين أظهرت واردات السلع الغذائية، التي تمثل 23,2٪ من إجمالي واردات السلع، انخفاضا من 10,367 مليار دولار عام 2022، إلى 9,921 مليار دولار عام 2023، وذلك عقب تراجع واردات الحبوب بنحو 1.176 مليار دولار.
كما أشار البنك المركزي في تقريره إلى انخفاض معدل التضخم من 9,29٪ في نهاية عام 2022، إلى 7,84٪ في نهاية عام 2023، موضحا أنه “يمكن ملاحظة ديناميكية تباطؤ التضخم هذه منذ بداية النصف الثاني من نفس السنة”.
الصيرفة الإسلاميـة.. استقطـــــاب أكـــــــثر من 680 مليـــــار دج حتـــى نهايـــــة 2023
بلغت ودائع الصيرفة الإسلامية 680,1 مليار دج حتى نهاية 2023، تم جمعها عبر الشبابيك البنكية المخصصة لهذا النشاط عبر كامل التراب الوطني، مسجلة ارتفاعا بنسبة 22,6٪ مقارنة بعام 2022، بحسب ما أفاد بنك الجزائر في تقريره السنوي.
وأوضح بنك الجزائر، أنه “في نهاية سنة 2023، بلغ حجم الودائع المتعلقة بالتمويل الإسلامي 680,1 مليار دينار مقابل 554,8 مليار دينار نهاية 2022 و444,7 مليار دينار نهاية 2021، وهو ما يمثل نمو بنحو 22,6٪، أي أقل بقليل من العام السابق الذي شهد ارتفاعا بنسبة 24,8٪”.
كما أشار ذات المصدر، إلى أن حجم الودائع المتعلقة بالتمويل الإسلامي على مستوى البنوك العمومية، تابع اتجاهه التصاعدي ليصل إلى 137,4 مليار دينار في نهاية سنة 2023 بمعدل نمو قدره 89٪، وهي زيادة أكثر اعتدالا من تلك المسجلة خلال عام 2022 والتي بلغت 216,7٪ في نهاية 2022.
وبذلك، بلغت حصة البنوك العمومية في إجمالي الودائع الإسلامية القائمة 20,21٪ في نهاية 2023 بزيادة 7.11 نقطة مئوية مقارنة بالعام السابق 13,10٪، في حين تحتفظ البنوك الخاصة بحصة تصل إلى 79,79٪، حيث بلغ إجمالي حجم الودائع لدى هذه البنوك 542,6 مليار دينار في 2023 بنسبة نمو تقدر بـ12,5٪ مقارنة مع نسبة نمو 14,3٪ في نهاية 2022.
علاوة على ذلك، تطرق بنك الجزائر في تقريره إلى تطور نشاط النقد الآلي خلال سنة 2023، مشيرا الى أن إجمالي بطاقات الدفع الإلكتروني بلغ أزيد 16 مليونا و500 ألف بطاقة مصرفية متداولة، منها أكثر من 4 ملايين بطاقة CIB تم طرحها من طرف البنوك (بنسبة 24,4٪)، بينما بريد الجزائر أصدر أكثر من 12 مليونا و200 ألف بطاقة نقدية (أي بمعدل 75,6٪).
وبحسب نفس التقرير، فقد عرف نشاط النقد الإلكتروني نموا في إجمالي عدد البطاقات المصرفية التي تم طرحها للتداول من قبل البنوك وبريد الجزائر في نهاية 2023 بنسبة زيادة تقدر بـ21,1٪ مقارنة بسنة 2022.
ويتكون مجال خدمات النقد الآلي من 3847 موزع أو صراف آلي و53 ألفا و191 محطة دفع إلكترونية، بزيادة بنسبة 5,7٪ بالنسبة للفئة الأولى و15٪ بالنسبة للفئة الثانية مقارنة بسنة 2022، تم وضعهم تحت تصرف حاملي البطاقات المصرفية والتجار.
كما تم تسجيل أكثر من 174 مليون عملية سحب بواسطة هذه البطاقات، بقيمة مالية تقدر بـ3.262 مليار دج في 2023، مقابل 128.03 مليون معاملة سحب بقيمة مالية تقدر بـ2.183 مليار دج في سنة 2022، أي بتطور معتبر بنسبة 36,2٪ من حيث الحجم و49,5٪ من حيث القيمة.
وخلال نفس الفترة، تم إحصاء 4 ملايين معاملة دفع عبر محطات الدفع الإلكترونية، بقيمة 31 مليار دينار مقابل 3 ملايين معاملة دفع بقيمة 19 مليار دينار خلال 2022، بارتفاع كبير بنسبة 47,3٪ من حيث الحجم و63٪ من حيث القيمة.
وفيما يخص المعاملات النقدية عبر شبكة الإنترنت، فقد بلغت بـ32 مليار دج سنة 2023، من خلال 15 مليون معاملة مقابل مبلغ 18 مليار دج سجل عبر 9 ملايين معاملة سنة 2022، بارتفاع كبير بنسبة 69,7٪ من حيث الحجم و77,4٪ من حيث القيمة، وفقا للمصدر ذاته، الذي أبرز أنه تم الموافقة على 510 تاجر عبر الإنترنت، مقابل 291 في نهاية 2022، بنسبة نمو تقدر بـ75,3٪.
من جهة أخرى، أفاد التقرير أن عمليات الدفع عبر الهاتف المسموح بها من طرف بنك الجزائر داخل المصارف في سنة 2023، شهدت حجما كبيرا يصل إلى 39 مليون معاملة بقيمة إجمالية تقدر بـ28 مليار دينار، ما يشكل، بحسبه، قيمة جد مشجعة لتطور المدفوعات الإلكترونية في الجزائر.
في هذا الصدد، أكد البنك المركزي أنه تم إطلاق العديد من المشاريع خلال سنة 2023 في قطاع الخدمات المصرفية الإلكترونية، أبرزها مشروع “Mobile Switch” الذي يشجع على استخدام وسيلة دفع جديدة وأكثر حداثة وأقل تكلفة في المقام الأول، وهي الدفع عبر الهاتف المحمول وكذلك مشروع نظام الدفع الفوري الذي سيتيح إمكانية تسوية المعاملة في حوالي عشر ثوانٍ بين مختلف الأطراف المعنية، مما سيزيد من مقبولية وسائل الدفع الإلكترونية ويعزز معاملات الدفع، لاسيما على محطات الدفع الإلكترونية.