طباعة هذه الصفحة

تسيير الشـأن العام في شفافية..الخبـير مختار علالي لـ”الشّعــب”

الثــورة الرقميـة.. التــزام يتحقّــق

هيام لعيون

 خلق منـاخ رقمـي آمـن ودائـم.. رهـان الجزائـر الجديـدة 

تعميـم الرقمنـة يحقّـق التنميـة الاقتصاديـة والرفـاه الاجتمـاعي

يعرف مسار التحوّل الرقمي في الجزائر تسارعًا لافتًا لمواكبة التحوّلات الحاصلة في العالم، ومسايرة التحدّيات التكنولوجية والمخاطر المتزايدة للهجمات الالكترونية، من خلال تعميم استخدام تكنولوجيات الإعلام والاتصال لاسيما في الإدارات والخدمات العمومية إضافة إلى تحسين تسيير القطاع الاقتصادي، بُغية الوصول إلى تحقيق تكامل في الموارد البشرية والمادية وترشيد نفقات الدولة وتجسيد مبدأ السيادة الوطنية الرقمية..

أكد أستاذ الاقتصاد مختار علالي، أن التحوّل الرقمي من شأنه القضاء على البيروقراطية، ومحاربة كل أشكال الفساد من خلال اعتماد الشفافية في تسيير الشأن العام، وتعزيز حماية المنظومة المعلوماتية داخليا وخارجيا والبنية التحتية للبلاد، وذلك بالاعتماد على السواعد الجزائرية في رسم معالم هذا التحوّل المبني على إستراتيجية وطنية، تجسيدا لالتزام رئيس الجمهورية بـ “تحقيق التحوّل الرقمي خدمة لراحة المواطن وتحسين الخدمات، والرقي بالعلاقة بين المواطن والإدارة وهي من الأهداف السامية للجزائر الجديدة..
وأفاد الخبير الاقتصادي، أن الرقمنة أصبحت ضرورة ملحة لكل القطاعات، لكن بحذر شديد، وفق ما أوصى الرئيس تبون الحريص على الأمن السيبراني، نظرا لمخاطر الحروب السيبرانية المؤثرة، مبرزا أن الاقتصاد، هو العمود الأساسي لكل الدول، لذلك فإن التكيّف مع المحيط الخارجي مهم في تسيير دواليب الدولة إلى جانب التحكم في المحيط الداخلي.
وأوضح علالي أن العالم يشهد تغييرات سريعة جدا، لهذا فإن تحوّل الأداء الاقتصادي نحو الرقمنة حاليا، يعتبر من أبرز العمليات التي غيّرت وجه الاقتصاد العالمي في العصر الحديث، وأشار - في السياق - إلى أن المعلومات الدقيقة تدعّم تطوير وظائف وآليات ترقية الأعمال بمختلف المجالات، على غرار التجارة الإلكترونية ومدى تأثيراتها على الأسواق، حيث يساعد التحوّل الرقمي في نقل المستهلكين من الاعتماد على المنتجات المادية إلى الخدمات الرقمية، ما يحقّق التكامل بين المنتج والمستهلك.
بهذا الخصوص، قال الخبير الاقتصادي إن الجزائر اعتمدت مسار التحوّل الرقمي في إطار الإستراتيجية الوطنية للتحوّل الرقمي، من خلال إطلاق برامج في إطار تأمين الشبكة والأجهزة والمعطيات، حتى يتم التأسيس للمناخ الآمن الذي يسمح للمواطن بالاستفادة من الخدمات الإلكترونية بأمان.

تعزيز الاقتصاد الرقمي

ولتحقيق رؤية اقتصادية فعّالة بحلول 2030 ــ يقول علالي ــ  هناك مجهودات حكومية بالجزائر لتعزيز الاقتصاد الرقمي وتحسين جودة الخدمات الحكومية من خلال استخدام التكنولوجيا الرقمية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، للمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة والتطوّر الاقتصادي والاجتماعي، تماشيا ودور الدولة في إطار المبادئ الدستورية.
وفي السياق، أشار أستاذ الاقتصاد بجامعة بشار، إلى أن النجاح في سياسة التحوّل الرقمي، تم من خلال رقمنة جميع الخدمات بتوفير حلول إلكترونية أسرع وأدق، باستخدام الذكاء الاصطناعي الذي يقوم بهذه المهام في وقت جد قصير، كما يمكن له قطع الطريق أمام ممارسات بائدة، ويحارب كل أشكال العراقيل البيروقراطية، حيث أن الذكاء الاصطناعي يسمح بتقديم الخدمات بطريقة شفافة للغاية، وأضاف أن تعميم الوسائل الالكترونية يشجع الشفافية ويحارب الفساد ويحدّد المسؤولية، ومثال ذلك المنصة الالكترونية “بلغني”  التي تمكّن المواطنين من التبليغ عن الفساد، وفضح المماطلين، فيعاقب كل الذين يماطلون في أداء مهامهم بذرائع وهمية، فالرقمنة وسيلة ناجحة لمحاربة الفساد، والمضي في رقمنة القطاعات وتوفير المنصات الإلكترونية، ومن بين أهدافها محاربة الفساد وترسيخ مبدأ الشفافية في تسيير الشأن العام، وطمأنة المواطن الجزائري من خلال توفير خدمات جيّدة.
وسعت الجزائر إلى وضع إستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، وهذا ما تجلى من خلال إنشاء عدّة هيئات لتحقيق هذا المسعى، من بينها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، الديوان المركزي لقمع الفساد، وخلية الاستعلام المالي، مجلس المحاسبة والمفتشية العامة للمالية، والسلطة الوطنية العليا للشفافية والوقاية من الفساد واستحداث المحافظة السامية للرقمنة.
في هذا الإطار، أبرز المتحدّث أن “التحوّل الرقمي يعتبر عملية لتحسين العمليات للشركات والمؤسسات، حيث يتضمن استخدام التكنولوجيا مثل الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الدقيقة، والإنترنت، لتحسين الكفاءة وزيادة الإنتاجية، مشيرا إلى وجود تحدّيات عديدة، تواجه عملية التحوّل الرقمي باعتبارها محيطا خارجيا يجب التكيّف معه ومنه الجوانب القانونية والتشريعية، والسياسية، والاجتماعية، والتي تتطلب معايير وقوانين جديدة لضمان حماية البيانات الشخصية وتنظيم استخدام التكنولوجيا، إلى جانب المحيط الثقافي والتنظيمي وحتى الديني، حيث يتطلب التحوّل الرقمي تغييرا في ثقافة العمل وثقافة الأشخاص والتفكير التنظيمي، وميولاتهم الدينية، بالنظر إلى التحول الرقمي الذي يوفر إمكانيات للابتكار والإبداع في تطوير الأعمال.

تقوية الأمن السيبراني..

وفي السياق، قال الخبير علالي إن الجزائر وضعت إستراتيجية واضحة للرقمنة، ورؤية متكاملة لتطويرها في البلاد، من أجل تقوية الأمن السيبراني ورفع درجة الوعي من خلال نشر ثقافة الرقمنة، مع توفير شبكات أنترنيت عالية السرعة، وتوسيع تغطيتها في جميع أنحاء البلاد، وتحسين جودة الاتصالات اللاسلكية، مع دقة الإستراتجيات الفعالة للحماية من هجمات القرصنة والاختراقات الإلكترونية، وترتيبها عبر التكوين والتدريب والرسكلة في مجال التكنولوجيا والمعلوماتية”.
وأوضح محدثنا أن العمل يتضمن “التكوين من أجل تأهيل كل الفاعلين وتمكينهم من المشاركة في اقتصاد المعرفة والابتكار، إلى جانب تشجيع ريادة الأعمال الرقمية في قطاع التكنولوجيا والابتكار، عبر الدعم المالي والمرافقة للشركات الناشئة، مع التكيّف في مجال تعزيز التعاون الدولي والشراكات الإستراتيجية خاصّة بتوفير بيئة الأعمال وحماية حقوق المستخدمين في مجال الرقمنة”.
وعن أهم التحدّيات التي تواجه الجزائر في هذا المجال، أبرز علالي أن الجزائر تبذل مجهودات رائدة، وهي تتجاوز تحدّيات البنية التحتية الرقمية، حيث توسعت التغطية الشبكية وسرعة الإنترنت.

الجزائر على مسار التحوّل الرقمي

وأكّد أستاذ الاقتصاد أنّ الجزائر تعمل على إنجاح مسار التحوّل الرقمي من خلال اعتماد إستراتيجية تخصّ هذا التحوّل والتي تسمح بتعزيز السيادة الرقمية في ضوء التحدّيات كان آخرها العطل التقني العالمي، والذي تسبّب في شلّ مطارات وشركات للطيران وللاتصالات ووسائل إعلام.
وانطلاقا من ذلك أبرز الأكاديمي أن “استغلال منصّات التواصل خاصّة غوغل وفيس بوك، وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي حقّق تطورا مهماً في الاقتصاد الرقمي، باعتمادها على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين خدماتها والتواصل مع المستخدمين بشكل أفضل.
وهذا ما تعتمده الشركات الكبرى في تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما يحقق تحولاً جذرياً في الاقتصاد العالمي، خاصّة أنها ثورة تقنية تفرض تحدّيات كبيرة، باستغلال المهارات الرقمية ووضع آليات الحماية من المخاطر بتقنيات الأمن السيبراني، ويتم ذلك من خلال تطوير بنية تحتية قوّية تجسّد هذا التحوّل وتحقيق النمو الاقتصادي”.
وخلص محدثنا إلى التأكيد على أن استعمال وتعميم الوسائل الالكترونية في مختلف القطاعات، يحقق ترشيد نفقات الدولة، ويسمح باستغلال أمثل للموارد البشرية ويحقّق تنمية اقتصادية واجتماعية منشودة.