طباعة هذه الصفحة

سلطـان المالوف أحمـد عوابدية لـ«الشعــب»:

«الأندلــسي» لــن يـزول والجيـل الصاعــد يحمل المشعــل

حوار: مفيدة طريفي

 المالـوف جـزء مـن هويتنـا الثقافيـة

يعتبر سلطان الأغنية الأندلسية، كاتب كلمات وصانع للوصلات الغنائية الموزونة، يؤدي أغانيه بهدوء ورقي وشموخ شيوخ الطرب الأصيل الذين تزخر بهم مدينة الجسور المعلقة، تتلمذ على يد أكبر شيوخ المالوف، فنهل من تجاربهم واستلهم من خبراتهم.. هو صاحب الحنجرة الماسية أحمد عوابدية الذي فتح قلبه لـ»الشعب» في هذا الحوار الشيق..

- «الشعب»: المالوف تاريخ مدينة وحضارة وطن.. كيف كانت بداياتك مع هذا الطابع الفني؟
 أحمد عوابدية: بدأت رحلتي مع الفن ومع المالوف منذ صغري، فقد كنت محاطًا بهذا النوع الموسيقي في محيطي العائلي وبيئتي الثقافية أين تعلّمت الأساسيات ومبادئ الفن الأندلسي من أساتذتي والشيوخ القدماء، وقرأت كثيرًا عن تاريخ المالوف وتطوراته عبر العصور، هذا الطابع الفني يجسد جزءًا كبيرًا من هويتنا الثقافية، وكان لدي دائمًا شغف بهذا التراث، وحرص على نقله للأجيال القادمة.
- المالوف خارج المهرجانات الرسمية، كيف هو وضعه، وهل يمكن القول إنه تراجع مقارنة بالفنون الموسيقية الأخرى؟
 الفن الأندلسي أو ما يعرف في الشرق الجزائري بالمالوف، مثل أي نوع آخر من الفنون التقليدية، يواجه تحديات في الحفاظ على مكانته خارج المهرجانات الرسمية، ومع ذلك، هناك جهودا مستمرة من قبل الفنانين والمؤسسات الثقافية للحفاظ على هذا التراث وتعزيزه، حيث يمكننا القول إن بعض الفنون الموسيقية الحديثة قد أخذت مساحة أكبر في المشهد الموسيقي، ولكن المالوف لا يزال يحظى بتقدير كبير ومكانة أكبر من قبل العديد من محبيه ومتابعيه سواء من الجيل القديم والجديد.
- كان هناك حديثا متداولا عن فتح مدارس خاصة بالمالوف للحفاظ عليه وضمان استمراريته مستقبلا..
 إن فتح مدارس خاصة بالمالوف هو خطوة إيجابية ومهمة للحفاظ على هذا التراث الهام ونقله للأجيال القادمة، هذه المدارس ستساعد كثيرا في تعليم الشباب الأساسيات والتقنيات الصحيحة لهذا النوع من الموسيقى، ما يضمن استمراريته ويعزز من قدرته على مواجهة التحديات المعاصرة.
-  أسماء قليلة لا تزال تمارس هذا النوع الفني، هل يمكن القول إن رحيل الشيوخ المالوف أثر على تواجده؟
 بالفعل، رحيل الشيوخ أثّر بشكل كبير على تواجد المالوف وانتشاره، الشيوخ كانوا حماة لهذا التراث ومصدر إلهام لكثير من الموسيقيين الشباب، والذين هم اليوم يواصلون المسيرة نحو مرحلة جديدة من هذا الفن النبيل، ونثمن دائماً الجهود المستمرة من قبل الفنانين والمؤسسات الثقافية التي تساهم بشكل كبير في استعادة هذا الفن الراقي ونشره بشكل أوسع.
- كيف يرى أحمد عوابدية وضعية الفنان الجزائري حاليا؟
 الفنان الجزائري حاليا يواجه العديد من التحديات، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية، ومع ذلك، هناك الكثير من المواهب والمبدعين في الساحة الفنية الجزائرية، إلا أن الدعم المناسب والجهود المتواصلة من طرف المؤسسات الثقافية والحكومية يساهم في تحسين وضعية الفنان وتمكينه من التعبير عن إبداعاته بشكل أفضل.
- ما هو تقييمك للمهرجانات التي تقام دوريا، وهل تعتبر عنصر فعّال في خلق جيل جديد؟
 المهرجانات التي تقام دوريا تلعب دوراً مهماً في تعزيز الثقافة والفنون في المجتمع، كما تعتبر منصة هامة لتقديم المواهب الجديدة، وتوفير فرص للفنانين للتفاعل مع جمهور واسع، كما أن المهرجانات تساعد على خلق جيل جديد من الفنانين والمحبين للفن وتعزز من تقدير المجتمع للتراث الثقافي والفني.
- المالوف صار فنا مناسباتيا يسيطر عليه الفعل التجاري، ما رأيك؟
 يمكن القول إن المالوف، مثل العديد من الفنون التقليدية الأخرى، قد تأثر بالتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، وأن الفعل التجاري أصبح جزءًا من الحياة الثقافية اليوم، وقد أثر على كيفية تقديم الفن وتلقيه، ومع ذلك، لا يزال هناك العديد من الموسيقيين والمحبين للمالوف الذين يسعون للحفاظ على جوهر هذا الفن وتقديمه بنزاهة واحترام لتراثه.
- هناك جيل كبير عاشق للمالوف والفنون الأندلسية، هل يمكن أن نرى سلطان المالوف يفتح مشروعا للتكوين في الموسيقى؟
 من الممكن جدًا أن نرى مبادرات من هذا النوع، خاصةً مع تزايد الاهتمام بالمحافظة على التراث الثقافي والفني، ومسألة فتح مشاريع جادة للتكوين الموسيقي في المالوف يمكن أن يكون خطوة مهمة لتعزيز هذا الفن وضمان استمراريته وحمايته من الزوال والاندثار.
-  كيف ترى الساحة الفنية بعد رحيل الشيوخ في مقدمتهم المرحوم الحاج محمد الطاهر الفرقاني؟
رحيل الشيوخ الكبار أمثال المرحوم الحاج محمد الطاهر الفرقاني، كان له تأثير كبير على الساحة الفنية، حيث فقدت الأوساط الفنية شخصيات لها ثقلها وتأثيرها الكبير. مع ذلك، تظّل الساحة الفنية مليئة بالطاقات الشابة التي تسعى للحفاظ على التراث وتقديمه بطرق جديدة ومبتكرة، ما يعكس استمرارية هذا الفن وتجدده.