أكبر الشّركـات العالميـة تبحـث عـن فــرص للاستثمــار بالجزائـر
بعد مرور سنتين على دخول قانون الاستثمار حيز التنفيذ، يعرف مناخ الأعمال في الجزائر تحسّنا تدريجيا بفضل ارتفاع تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة أو بالشراكة، حيث كان للمنظومة القانونية الدور الكبير في هذا التحسّن، مع صدور قانوني النقدي والمصرفي والعقار الصناعي، حيث تتضمّن هذه المنظومة التشريعية اليوم مزايا تتمثل خاصة في الاستقرار التشريعي والتحفيزات الجديدة والضمانات لجلب المستثمر الأجنبي.
أكّد الباحث بمركز البحث في الاقتصاد المطبق من أجل التنمية، الدكتور محمد حيمران أن الأرقام التي تنشرها الجهات المعنية حول مناخ الاستثمار بالبلاد، جد مشجعة وتبعث على التفاؤل، وهذا بعد أن قطعنا أشواطا في ترقية مناخ الاستثمار كان من أهم التزامات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، خلال برنامجه الانتخابي سنة 2019، وهذا لتحسين مستوى استقطاب المتعاملين الأجانب، وتحسين مناخ الأعمال في الجزائر، وهو الالتزام رقم 16.
وأشار حيمران إلى أن المعيار المهم هو تحقيق الإنجاز النهائي للمشاريع، موضحا أن “الأرقام - إلى غاية شهر جوان - تشير إلى أن عدد المشاريع المسجلة على مستوى الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار في ارتفاع مستمر، خاصة وأن القوانين المتعلقة بمناخ الأعمال مثل قانون الاستثمار الصادر عام 2022 وقانون النقدي والمصرفي وقانون منح العقار الصناعي الصادر عام 2023 سمح بخلق ديناميكية اقتصادية، تجارية ومالية”.
امتيازات مالية وجبائية
وبخصوص نوعية الاستثمارات التي يبحث عنها الأجانب في الجزائر سواء في قطاع المحروقات أو خارجه، أكّد الخبير الاقتصادي أن “الجزائر كانت في السابق محطة للاستثمارات الأجنبية الطاقوية أكثر من قطاعات أخرى، لكن، وخلال عهدة الرئيس عبد المجيد تبون، وابتداء من عام 2022، فقد تغيرت البوصلة مع صدور قانون الاستثمار في جويلية 2022 ومعه المراسيم التنفيذية الثمانية التي تبعته..”.
وأضاف: “منح القانون الجديد عدة مزايا مالية وجبائية وإدارية سواء في مرحلة الإنشاء آو في مرحلة الاستغلال، ومن حيث القيم، حيث بلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة المصرّح بها 36.6 مليار دج، مع توقّع إنشاء 3336 منصب شغل للجزائريين، أما بالنسبة للمشاريع بالشراكة مع الأجانب، فقد بلغت قيمة الاستثمار المصرح به 893 مليار دج، مع توقّع توفير أزيد من 12 ألف منصب شغل”.
وبخصوص توزيع الاستثمارات حسب قطاعات النشاطات، فقد احتل قطاع الصناعة - على اختلاف شعبه وفروعه - المرتبة الأولى، كالبتروكيمياء والبلاستيك والمطاط والمعادن والمحاجر والمياه والطاقة والميكانيك والإلكترونيك، والصناعات الغذائية والتحويلية ومواد البناء على غرار السيراميك والزجاج، وصناعة الخشب والورق وصناعة الجلود والأحذية، واحتل قطاع البناء والأشغال العمومية المرتبة الثانية، متبوعا بقطاعات الخدمات والسياحة، والفلاحة. يؤكد حيمران.
وعن أهم جنسيات المتعاملين الذين تقدّموا للتسجيل للاستثمار في الجزائر، أشار محدثنا إلى أن الشركات التركية احتلت المرتبة الأولى، ليليها المتعاملون الصينيون متبوعين بالدول العربية.
صناعة السيارات..خطوات واثقة
أما عن الاستثمار في مجال صناعة السيارات، يقول حيمران: إعلان شركات أجنبية عريقة عن إنشاء مصانع للسيارات في الجزائر كانت آخرها علامة هيونداي مهم للغاية”، وثمّن محدثنا هذه السياسة قائلا إنّها “تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي عن طريق إنتاج السيارات في الجزائر، لأن سوق السيارات في بلادنا عرف ركودا في السنوات الأخيرة”.
وتحدّث الخبير عن أهم العوامل التي من شأنها زيادة حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وقال إن “هذه الشركات تفكر في تحويل استثماراتها إلى الجزائر نظرا للمزايا التنافسية التي تتمتع بها بلادنا، على غرار أسعار الطاقة المنخفضة واليد العاملة المؤهلة والموقع الاستراتيجي باعتبارها بوابة للأسواق الأوروبية والإفريقية، بالإضافة إلى ضرورة الإصلاح العميق للنظام الضريبي لجعله وسيلة للتوجيه الاقتصادي وتشجيع الإنتاج الوطني، وأيضا انضمام الجزائر إلى مبادرات التجارة الحرة وخلق المناطق الحرة والصناعية، على غرار اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية “زليكاف”، يضاف إليها وجود مجهودات تبذل من طرف السلطات من أجل تنصيب وكالات التهيئة العقارية، وتموين الحافظة العقارية للوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار بمساحات أكبر، وتشكيل مخزون من العقارات لتوجيهها للاستثمارات المحلية والأجنبية”.