جعلت السلطات المحلية بوهران موضوع إعادة تأهيل وترميم الاحياء والمباني القديمة وكذا المعالم الأثرية العديدة، صلب اهتمامها وضمن أولوياتها، حيث أُعلن عن عدة عمليات ومشاريع ترميم منها ما انطلقت الأشغال بها وأخرى لا تزال قيد الدراسة، ترمي مجملها لإعادة الاعتبار إلى الباهية عاصمة غرب الجزائر، لتكون قطبا معماريا وحضاريا وسياحيا بامتياز، يجمع بين العراقة والأصالة والتاريخ وبين العصرنة.
قطع مشروع إعادة الاعتبار الى البنايات والأحياء القديمة بوهران، أشواطا كبيرة جراء العمليات الكبرى التي سيسمح تجسيدها من تحسين صورة الباهية من جهة والحفاظ على تاريخها وذاكرتها المعمارية من جهة أخرى.
وموازاة مع التطور والتوسع العمراني الذي تعرفه الولاية، تعاني الكثير من البنايات التي يعود تاريخ تشييد البعض منها الى القرن 19 من آثار القدم والاهتراء، مما دفع بالسلطات المحلية إلى التحرك وبقوّة لتدارك الأمر خاصة بعد رفع السلطات التجميد على عدة مشاريع في هذا السياق.
حي رأس العين، حي الدرب، حي سيدي الهواري، حي «اكميل» وغيرها من الأحياء التي تحمل بين جدرانها وأبنيتها، الكثير من تاريخ وهران، الثوري، والثقافي، والاجتماعي، هي اليوم بحاجة إلى عمليات ترميم وإعادة تأهيل شاملة، وهذا ما أصبح من الملموس حاليا مع الورشات المفتوحة والدراسات قيد الانجاز، وذلك تحت إشراف وتوجيه من والي وهران، السعيد سعيود ومختلف الهيئات التنفيذية.
وآخر ما أعلن عنه نهاية الأسبوع المنصرم، هو مشروع إعادة تأهيل حي الحمري العتيق، حيث اعتبر الوالي أن إعادة هيكلة وتأهيل مدينة وهران القديمة لاسيما حي الحمري، سيدي الهواري، اكميل،.. وغيرها يمثل تحديا كبيرا بالنسبة للسلطات العمومية لاسيما وأن هاته الأماكن جزء من تاريخ المدينة».
وفي هذا السياق سيعرف حي الحمري الشعبي مشروع ضخم لإعادة تأهيل حديقة التسلية «جنة الأحلام»، المساجد، الطرقات، الجدران والبنايات المهترئة إلى جانب الأرضية وشبكات الكهرباء والتزويد بمياه للشرب وقنوات الصرف الصحي.
أما منطقة سيدي الهواري وكل الأجزاء المطلة عليها، من بلانترز إلى الحاسب، عبر «رأس العين» و»كوشة الجير»، فقد استفادت من عملية تهيئة تشمل المعالم الأثرية والتاريخية، على غرار مسجد الباشا، الى جانب العديد من البنايات السكنية.
وتهدف العملية التنموية التي مسّت حي بلونتار الى دمجه في النسيج الحضري للمدينة، من خلال إعادة هيكلة المركز الحضري للمنطقة والقضاء نهائيا على الأحياء الفقيرة والهشة التي توسعت فيه على مر السنين، إضافة إلى تعزيزه بالمرافق العمومية اللازمة، لاسيما وأن الأوعية العقارية للمباني التي تم هدمها بعد ترحيل سكانها المرتقب أن تتحول إلى مشاريع معمارية عصرية.
وقد شهدت هاته المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية ترحيل 2500 عائلة إلى سكنات لائقة في الأقطاب العمرانية الجديدة، في حين تتواصل عمليات الترحيل لتطال ما يقارب 2000 عائلة.
وتشهد الكثير من بنايات وسط المدينة، بما فيها الفندق الكبير، سوق «لباستي» ومبنى البلدية، عمليات ترميم على نطاق واسع، فمن بين المشاريع الهامة التي تعرفها الباهية في هذا المجال مشروع إعادة تأهيل وترميم 137 من المباني القديمة وسط المدينة، خصص له غلاف مالي يقدر بـ 40 مليون دج، تسير فيه الأشغال منذ شهر أفريل الماضي على قدم وساق، وتمس العملية كمرحلة أولية 30 بناية على مستوى شارع العربي بن مهيدي، وتخص العملية في شطرها الثاني 73 بناية أخرى 34 منها ملكية خاصة.
وتشمل العملية إعادة تأهيل الواجهات وترميم الأسطح والسلالم مع الحرص على الترميم الفني وضرورة الحفاظ على الطابع المعماري المميز.
ودائما بقلب مدينة الباهية وهران، خصص لمقر البلدية أو «فندق المدينة»، الذي يعود تاريخ تأسيسه إلى سنة 1848 والواقع في ساحة «بلازدارم « أول نوفمبر 1954 مبلغ 70 مليار لإنجاز عملية ترميمه.
ويعرف الفندق الكبير صاحب الـ 5 نجوم والتاريخ الطويل في استقبال شخصيات عالمية زارت وهران، هو الآخر عملية إعادة تهيئة وصلت الأشغال بها الى نسبة جد معتبرة. يقدر الذكر أنه سبق الإعلان عن مشروع اعادة تهيئة سوق الاوراس «لباستي» الغني عن التعريف.
ويرتقب أن ستساهم كل هذه العمليات ومشاريع التهيئة والترميم بالحفاظ على الطابع المعماري المميز للبنايات والأحياء الشعبية العريقة إلى جانب برامج التهيئة العمرانية التي تخص المساحات الخضراء والطرقات والبنية التحتية في إعادة لوهران بريقها ووجهها السياحي الذي يستقطب ألاف الزوار على مدار السنة.