الاستثمار في الثّقافة مرهون بتذليل العراقيل الإدارية
تكتب بصمت بعيدا عن الأضواء، بلغة سردية بسيطة تتسلّل إلى أعماق القرّاء، تلج قلوبهم قبل عقولهم، ودون ملل تسافر بك إلى متون القصص والروايات، دون الحاجة إلى تذكرة سفر ورقية، فهي ترى الأشياء من خلال أصابع يديها وما تخطّه من كلمات، ليس مزاج مراهقة إنما «مزاج المرايا» الذي من خلاله أعادت إلى كينونتها الإبداعية سحر الكتابة من جديد، إنّها عزيزة المبدعة أو «عزة» كما يعرفها الوسط الأدبي في الجزائر وفي المشرق العربي، حين تلامس أناملها الحروف لا تكترث للوقت، فالزمن في نظرها يمتد من بداية النص إلى اللاّمنتهى، فالعملية الابداعية حسبها جسر ممتد من «الأنا» إلى «الآه» في رحلة أزلية وهجها الهوس.
- الشعب: في أيّ مدن الإبداع تحيين الآن؟ وما هو جديدك؟
القاصّة عزة بوقاعدة: بدايةً، أحيّيكَ وكل قرّاء جريدة «الشعب»، أحيانا أشعر بأنّني أعيش على هذه الأرض منذ آلاف السنين، وبأنّني زرت كل الأمكنة وأقمت بكل مدينة، أما المفضّلة عندي فهي تلك المدن التي أوجدتها كلماتي.
أما عن جديدي الإبداعي بعد ثلاثيتي «مزاج المرايا»، «إنّي أرى بأصابعي» و»أسفار السّحاب»، هي عناوين مجموعاتي القصصية في جنس القصة القصيرة والقصيرة جدا، أما الجديد يتمثل في التحضير للطبعة الثانية من رواية «أرواح بلا أجنحة» التي نقحتها أكثر وأضفت فصلا آخرا، وأكتب مجموعة قصصية جديدة مختلفة عن سابقتها، وأكمل «مغامرات السلحفاة لولي» في البلدان العربية.
- خُضت تجربة المقهى الثّقافي «نون» بمدينة ميلة، لماذا توقّف المشروع؟
«نون» فكرة جادّة ومشروعي الثقافي الذي أردت من خلاله تحقيق أهداف كثيرة من بينها الاستثمار في الثقافة وتقريبها من المواطن البسيط، توقف نون المقهى الثقافي بمدينة ميلة بعد عام واحد من انطلاقه لأسباب كثيرة، أستطيع اختصارها في العراقيل الإدارية وعدم دعمنا من طرف السلطات خاصة في أزمة كوفيد 19، وأسباب أخرى جعلتني والكتب وحيدين معا.
- ألا تعتقدين أنّ تجارب الصّالونات الأدبية في الجزائر فاشلة؟
الخلل يكمن فينا نحن حينما نستسلم في أول الطريق، ولا نصر على إعلاء كلمة تلك الصالونات والمقاهي، وعندما أقول نحن أقصد أصحاب المبادرات والسلطات المعنية التي لا ترى هذه الصالونات والمقاهي من زاوية واضحة من خلالها سيكون التغير إلى الأفضل.
- الرّواية أقرب الأجناس الأدبية إلى الأديب، هل فكّرت الخوض فيها؟
نعم لقد كان لي نفس طويل في عالم الرواية أين قدّمت ثلاث روايات، الأولى كانت بعنوان «البئر» والثانية «أرواح بلا أجنحة»، وقد نفدت بسرعة وأنا بصدد إصدار طبعة أخرى بتنقيح وفصل جديدة و»فتاة النانو» من الخيال العلمي.
- هل النّماذج القصصية اليوم في مستوى الرّهانات؟
عمر القصة القصيرة جدا في الجزائر قصير مقارنة بالأشقاء العرب، إلاّ أنّها استطاعت أن تجعل لها مكانة في الساحة الثقافية، وكل عام هناك أعمال جديدة جيدة ومنافسة، وهناك أسماء كبيرة خاضت غمار القصة القصيرة جدا.
- ما رأيك في غياب المرافقة النقدية للنّصوص؟ وهل أنت من دعاة النّشر الالكتروني؟
معياران هدّامان مع الأسف سواء للنصوص الجيدة حين يتجاهلها النقاد، وللنصوص الرديئة عندما يكثر حولها اللغط، أؤمن بفكرة أن المجد للنص بعيدا عن صاحبه، حتى قلة النقاد جعل الساحة الأدبية تهيمن عليها أسماء معينة لا يمكنها الاحاطة بكل النصوص.
أما النشر الإلكتروني فهو وسيلة عصرية للحصول على المعلومة بطريقة سهلة وسريعة، وأحبّذ هذا في المصادر والمراجع الجامعية، وذلك لتسهيل عمل الطالب أثناء إنجاز بحوثه، أما فيما يخص الأدب كأدب فأنا مع الكتاب الورقي سواء أكان شعرا أم نثرا.
- ما هي قراءتك للمشهد الثقافي اليوم وماذا يمكنك قوله للقرّاء؟
المشهد الثقافي بين مدّ وجزر، فهناك مبادرات فردية تحاول إثراء هذا المشهد، كما نلاحظ بأنه في فوضى أحيانا أشعر بأنها قد تكون خلاقة، بالفعل سعدت جدا بهذه الفسحة الأدبية، وأقول للقرّاء عالم الأدب من أرقى العوالم، وأضاع الكثير من لم يطرق بابه.