حلّ رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أمس، بروما، في إطار زيارة دولة إلى إيطاليا تدوم ثلاثة أيام بدعوة من الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا.
كان في استقبال الرئيس تبون بمطار روما الدولي «ليوناردو دا فنشي»، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي لويجي دي مايو، وسفير الجزائر بإيطاليا وأعضاء من السلك الدبلوماسي العربي والإفريقي المعتمد بروما.
وخصصت إيطاليا مقاتلتين من سلاحها الجوي لمرافقة شرفية للطائرة الرئاسية، ترحيبا بالرئيس تبون.
ويرافق رئيس الجمهورية خلال هذه الزيارة، وفد وزاري يتكون من وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، وزير الطاقة والمناجم، وزير الأشغال العمومية، وزير النقل، وزيرة الثقافة والوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف باقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة.
وتكتسي زيارة رئيس الجمهورية إلى إيطاليا «أهمية خاصة في تمتين أواصر الصداقة التاريخية، وتعزيز العلاقات الثنائية في عديد المجالات، وبخاصة الجانب الاقتصادي، ضمن رؤية جديدة للرئيسين، تهدف إلى بعث ديناميكية جديدة للحوار والتعاون الاستراتيجي بين البلدين الجارين والصديقين»، حسبما أفاد به، الثلاثاء، بيان لرئاسة الجمهورية.
ديناميكية جديدة للحوار والتعاون الاستراتيجي
تكتسي زيارة الدولة التي شرع فيها، أمس، رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الى إيطاليا بدعوة من نظيره الإيطالي سارجيو ماتاريلا، أهمية خاصة في تعزيز علاقات الصداقة التاريخية بين البلدين اللذين يتطلعان لبعث ديناميكية جديدة للحوار والتعاون الثنائي.
أوضح بيان لرئاسة الجمهورية، أن زيارة الرئيس تبون، التي تدوم ثلاثة أيام، «تكتسي أهمية خاصة في تمتين أواصر الصداقة التاريخية، وتعزيز العلاقات الثنائية، في عديد المجالات، وبخاصة الجانب الاقتصادي، ضمن رؤية جديدة للرئيسين، تهدف إلى بعث ديناميكية جديدة للحوار والتعاون».
وتأتي زيارة الرئيس تبون إلى إيطاليا، التي يربطها بالجزائر اتفاق صداقة وتعاون وحسن جوار منذ أزيد من 18 سنة، لتعزيز العلاقات الثنائية في عديد الميادين وتوسيع هذه الشراكة لتشمل، فضلا عن قطاع الطاقة، ميادين أخرى كالصناعة الميكانيكية والفلاحة والسياحة والتعليم العالي.
وأكد كلا البلدين في عديد المناسبات، على تعزيز العلاقات الوثيقة التي تربطهما، سيما بمناسبة الزيارات الثنائية، وبشكل خاص خلال زيارة الدولة الأخيرة التي قام بها الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا الى الجزائر شهر نوفمبر 2021.
وأشار الرئيس تبون خلال تلك المناسبة، الى أن العلاقات الثنائية بين البلدين «قوية» و»ستتعزز أكثر في القريب العاجل».
كما صرح رئيس الجمهورية خلال ندوة صحفية مع السيد ماتاريلا، «لقد اتفقنا على كل شيء»، مشيرا إلى تطابق وجهات النظر بين الجزائر وإيطاليا في مجال التعاون الاقتصادي، خاصة في ميدان المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لاسيما وان إيطاليا مشهورة بنسيجها الصناعي.
من جانبه، وصف ماتاريلا، هذه العلاقات بـ»العريقة والقوية والاستراتيجية»، مؤكدا على إرادة البلدين المشتركة في تعزيزها أكثر فأكثر.
وعلى إثر المحادثات التي جرت على انفراد مع الرئيس تبون، أشار السيد ماتاريلا كذلك الى توافق بين البلدين حول جميع المسائل ذات الاهتمام المشترك، معربا عن استعداده لمواصلة التشاور السياسي حول المسائل الدولية والإقليمية، سيما حول الملف الليبي والوضع في منطقة الساحل.
كما توجت زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الإيطالي والتي دامت يومين، بتوقيع اتفاقات في مجالات التربية والعدل وحفظ التراث الثقافي.
ويتعلق الأمر بفتح مدرسة دولية إيطالية بالجزائر العاصمة، وتوأمة بين المدرستين العليين للقضاء لكل من الجزائر وإيطاليا واتفاق إطار بين المدرسة الوطنية العليا لحفظ الممتلكات الثقافية وترميمها والمعهد المركزي للترميم بروما.
كما قام رئيس مجلس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، مطلع شهر أبريل الماضي، بزيارة إلى الجزائر أسفرت أيضا عن توقيع اتفاقية غاز مهمة بين سوناطراك ومجمع «إيني».
كما تجدر الإشارة الى تنصيب مجموعة الصداقة البرلمانية الجزائر- إيطاليا، مؤخرا، بمقر المجلس الشعبي الوطني، للمساهمة في «تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين خدمة لمصالحهما المشتركة».
وتعمل الجزائر وإيطاليا أيضا على إقامة تعاون قوي في المجالات الثقافية والتعليمية والجامعية والسياحية، من خلال التبادلات بين الجامعات ونشاطات تثمين التراث التاريخي والثقافي وكذا تدريس اللغتين الإيطالية في الجزائر والعربية في إيطاليا، خاصة وأن تلاميذ الثانويات الجزائرية بإمكانهم اختيار الإيطالية كلغة ثالثة.
على الصعيد الثقافي، تميز التعاون الثنائي بمشاركة إيطاليا هذه السنة كضيف شرف في صالون الجزائر الدولي 25 للكتاب (سيلا 2022)، مما أتاح للجمهور الزائر فرصة اكتشاف المنشورات الإيطالية وآدابها، من خلال العديد من الموائد المستديرة ودور الكتب.
وتم تكريم أنريكو ماتيي مؤسس مؤسسة شركة النفط الإيطالية (إيني) والمناهض للاستعمار الذي منحه الرئيس تبون وسام أصدقاء الثورة الجزائرية بعد الوفاة.
علاقات اقتصادية في تطور مستمر
عرفت العلاقات الاقتصادية بين الجزائر وإيطاليا تطورا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، وهذا بفضل المشاريع الاستثمارية والاتفاقيات الاقتصادية المبرمة بين البلدين والتي سمحت للجزائر بأن تكون الشريك الاقتصادي الأول بالنسبة لإيطاليا في القارة الإفريقية وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
بلغت المبادلات التجارية بين البلدين، بفضل قربهما الجغرافي، 8,5 ملايير دولار سنة 2021، مسجلة ارتفاعا كبيرا مقارنة بسنة 2020 حيث بلغت قرابة 6 ملايير دولار، حسب أرقام وزارة التجارة وترقية الصادرات.
من جهتها، بلغت الصادرات الجزائرية نحو إيطاليا (التي تتمثل خصوصا في المحروقات) ما يقارب 6,24 مليار دولار سنة 2021، في حين بلغت واردات الجزائر من هذا البلد (التي تتكون أساسا من الماكينات والمواد البترولية المكررة والمواد الكيميائية والمواد الحديدية) 2,26 مليار دولار.
وفيما يتعلق بالاستثمارات، تمثل المشاريع المنجزة في مجال الطاقة مثالا حيا للشراكة القوية ولدور الجزائر كمورّد موثوق للمحروقات بالنسبة لإيطاليا منذ عقود طويلة.
أما أنبوب الغاز مع إيطاليا العابر للبحر المتوسط (Transmed)، والذي يربط البلدين منذ سنة 1983 مرورا بتونس، فيمتلك قدرة إمداد تقدر بـ33,15 مليار متر مكعب/ السنة.
ويحمل انبوب الغاز هذا إسم أنريكو ماتيي، الذي يعتبر مؤسس الصناعة البترولية الايطالية ومناضل مناهض للاستعمار وصديق الثورة الجزائرية، حيث سمح للجزائر بتصدير 14,8 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي نحو إيطاليا سنة 2020، بزيادة تقدر بـ12٪ مقارنة بسنة 2019، مما صنف الجزائر كثاني مورد للسوق الإيطالية بحصة تقدر بـ22٪.
سترتفع كميات الغاز المصدرة نحو هذا البلد بـ9 ملايير متر مكعب/سنويا ابتداء من 2024/2023، من خلال الاتفاق الموقع في 11 أبريل المنصرم بالجزائر العاصمة بين الرئيسين المديرين العامين لمجمعي سوناطراك وإيني.
والأمر كذلك بالنسبة لنشاطات تصدير وإنتاج المحروقات، إذ أنجزت الشركتان، بالاشتراك، اكتشافات مهمة للبترول الخام والتزمتا تماما في مجال الانتقال الطاقوي بتطوير مشاريع في الطاقة الشمسية (الكهرو-ضوئية) والهيدروجين والوقود الحيوي وغيرها من موارد الطاقات المتجددة.
وتطمح الجزائر وإيطاليا إلى توسيع هذه الشراكة لتشمل مجالات النشاطات الأخرى. ويتعلق الأمر خصوصا بالصناعة الميكانيكية والفلاحة والتعليم العالي والسياحة والثقافة.
وتتطلع الجزائر إلى الاستفادة من التجربة الإيطالية في مجالات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وبناء السفن والصناعة الصيدلانية وتكنولوجيات الإعلام والاتصال وكذا ترميم البنايات القديمة.
وفي مجال المقاولاتية، تجدر الإشارة إلى أن عدد المؤسسات الإيطالية المتواجدة في الجزائر يفوق 200 مؤسسة، تنشط في الأشغال العمومية الكبرى والصناعة والتجهيزات والماكينات.