طباعة هذه الصفحة

بعد انتشاره خارج إفريقيا، الأطباء يؤكدون:

تشديـــد المراقبـــة على الحـــدود ضـــرورة

حياة. ك

تسود حالة من القلق والترقب في أوساط الجزائريين، بعد المعلومات التي أوردتها منظمة الصحة العالمية عن هذا الوباء، الذي انتشر بشكل غير مسبوق خارج القارة السمراء الموطن الأصلي للفيروس، ما يستدعي اليقظة واتخاذ إجراءات، قد لا تكون بنفس الصرامة كتلك المطبقة لمحاربة كوفيد، لكنها ضرورية لتفادي تسجيل وانتقال العدوى.

بالرغم من حالة الذعر التي تنتاب دول العالم بعد تزايد عدد الإصابات بفيروس جدري القردة، إلا ان وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات لم تصدر لحد الآن بيانا بشأن هذا الوباء، بحسب ما أكده في تصريح لـ «الشعب» البروفسور إلياس أخاموك، مختص في علم الأوبئة وعضو اللجنة العلمية لرصد ومتابعة فيروس كورونا، مضيفا أنه لا إجراء تم اتخاذه لحد الان، سوى مشاورات بين الأطباء المختصين والوصاية.
 يقول البروفيسور أخاموك، إن الجزائر ليست بمنأى عن تسجيل حالات من هذا الوباء، خاصة وانها مهددة بتوسع رقعة انتشار الفيروس في أوروبا، وهي تستقبل وافدين من دول القارة ومغادرين إليها في موسم العطل الذي سيبدأ الشهر المقبل. والتهديد الآخر يأتي من دول افريقيا التي لها حدود مع الجزائر (مالي والنيجر)، خاصة ان هذا الفيروس موطنه غرب افريقيا.
يضيف المتحدث، ان الفيروس الذي يعود ظهوره الى قرابة 50 سنة، يعد معروفا لدى المختصين، وقد تم القضاء على الجدري البشري سنة 1980، ولكن بعض الحالات بقيت تسجل في افريقيا، بل وصلت الى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث بلغ عدد المصابين به 72 مصابا وذلك سنة 2003، لكن المثير للحيرة والتساؤل هو عدد الحالات المسجلة خارج إفريقيا وتوسع رقعة انتشارها والذي يعتبره أخاموك بالشيء «غير المألوف».
وبالرغم من هذه الحالات، يؤكد أخاموك ان القابلية للعدوى قليلة، لأن تنقلها يحتاج الى الاتصال المباشر مع الشخص المصاب «الموبوء» عن طريق سوائل الجسم، ولذلك فهو لا يرى داعيا لكل هذا الهلع، وبالتالي لا يستدعي الأمر وضع إجراءات صارمة، كما كان الحال مع كوفيد-19 على مستوى المطارات والموانئ، وإنما يتوقع ان يكون هناك بروتوكول صحي خاص بهذا الوباء يكون «أخف»، لكن لم تصدر وزارة الصحية ـ بحسبه ـ تعليمة بهذا الشأن.
من جهته يرى الدكتور لياس مرابط، رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، أن الوضع الصحي في الجزائر لا يستدعي القلق، بحسب ما صرح به لـ «الشعب»، خاصة بعد التوصيات التي خرجت بها لجنة الخبراء التابعة لمنظمة الصحة العالمية، التي تناولت الوضعية بكل تفاصيلها وأكدت أن عدد الإصابات عبر الدول التي وصل إليها الفيروس تجاوز 100 إصابة لحد الآن.
والشيء المطمئن بالنسبة للمتحدث، ان فيروس جدري القردة لم يتحور، بحسب ما توصلت إليه الدراسات. كما ان طريقة العدوى بطيئة، وتكون بالاتصال المباشر مع الشخص المصاب، بالإضافة الى أن أغلب المصابين بهذا النوع من الجدري يشفون منه في مدة 3 أسابيع على الأكثر بدون استعمال الدواء، لكن البثور تترك أثارا واضحة على الجلد، لافتا الى ان لقاح الجدري المستعمل في سنوات الستينيات الى الثمانينيات من القرن الماضي يبدو أنه فعال، لكن الأمر يتطلب دراسات تؤكد ذلك.
 ومع أن جدري القردة ليس بالضراوة التي يتخيلها البعض، إلا ان رفع مستوى الرقابة الصحية على مستوى الحدود البرية والبحرية ضروري جدا ـ يؤكد مرابط ـ لأن إمكانية دخوله الى الجزائر أمر وارد. كما يرى ضرورة القيام بعمليات التحسيس من باب التوعية، داعيا السلطات المعنية ان تأخذ بعين الاعتبار هذا الوضع الصحي، لأنه يبقى وباءً خطرا ويؤدي الى الوفاة في الحالات المعقدة، مشيرا الى ان الأشخاص المسنين وذوي الأمراض المزمنة ونقص المناعة يتمكن منهم الفيروس أكثر من غيرهم.