عاد وباء جدري القردة للعدوى والانتشار عبر دول العالم انطلاقا من إفريقيا موطن الفيروس، وهو من الأوبئة الخطيرة التي تخلف ما بين 1 الى 10٪ من الوفيات في وسط المصابين به، حسب ما أفاد به باحث في علم الفيروسات وبيولوجي سابق بمخابر التحاليل الطبية الدكتور محمد ملهاق، في تصريح لـ «الشعب».
لم يستفق العالم بعد من جائحة كورونا التي أتت على الأخضر واليابس، حتى تطلق منظمة الصحة العالمية صفارة إنذار بعودة فيروس جدري القردة للانتشار بين الأشخاص من مختلف الدول والأقطار، حيث تحصي مئات الأشخاص عبر 10 دول من العالم. غير أن المعلومات حول هذا الوباء شحيحة، يقول ملهاق.
ذكر الدكتور ملهاق، أن هذا الفيروس ظهر سنة 1970 بدولة الزايير (سبقا) الكونغو حاليا؛ وقد تسبب في نشر عدوى كبيرة في هذه الدولة الإفريقية سنتي 1996 و1997، لكنه اختفى لسنوات ليعاود الظهور مجددا، مفيدا أن موطنه في إفريقيا الغربية، غير أن حركية الفيروس جعلته ينتقل ليصل الى الولايات المتحدة الأمريكية سنة 2005، ثم الى أوروبا خلال السنة الجارية.
انتقال عدوى الوباء إلى الجزائر وارد
أوضح المتحدث أن فيروس جدري القردة نوع من أنواع الفيروسات الجذرية، انتقل أول مرة من القردة، ثم أصبح ينتقل عن طريق الكلب الى الإنسان، وصارت العدوى تنتشر بين البشر فيما بينهم عبر طرق متعدد، حسب ما لاحظه الباحثون في علم الفيروسات. وقد بدأ في الانتشار في 10 دول من العالم، منها 7 أوروبية على غرار المملكة البريطانية التي سجلت أولى الحالات بها مطلع شهر ماي الجاري، ولحقت العدوى إسبانيا ودول أخرى منها استراليا...
هذا الانتشار لا يجعل الجزائر في منأى عن دخول جذري القردة إليها، خاصة في موسم الاصطياف، الذي يتميز بحركة الأشخاص من وإلى الجزائر بغرض السياحة.
تطورت طرق انتقال هذا الفيروس الخطير بعدما كان يحمله جسم حيوان، حتى أصبح ينتشر بين الناس بواسطة العدوى من الأشخاص المصابين الى الأصحاء، بعدة طرق، منها التنفس، عندما يطرح الشخص المصاب من فمه رذاذا كثيرا وكثيفا، أو ينتقل بواسطة العلاقات الجنسية، ومن خلال أكل الحيوانات المصابة بدون طهو، مشيرا الى انه ينتقل من خلال كل الحيوانات. بالنسبة لأعراض الإصابة فهي تمر على فترتين؛ تتميز الفترة الأولى (غزو الفيروس لجسم الإنسان) بظهور أعراض عامة، وهي عبارة عن حمى مصحوبة بصداع شديد في الرأس، مع إحساس بالوهن وألم في العضلات والظهر وتضخم في الغدد اللامفاوية. أما الفترة الثانية، فيتم فيها ظهور طفح جلدي، وهو عبارة عن بثور تظهر في مختلف أنحاء الجسم، يخرج منها سائل ملوث، والأكيد ان الحذر يبقى مطلوبا، خاصة أن الوباء ما يزال غير معروف.
ويفيد ملهاق في هذا السياق، أن المعلومات حول هذا الوباء «القديم الجديد»، الذي هو في طور الاستكشاف والبحث قليلة، والأكيد ـ حسبه ـ أنه ليس له دواء ولا لقاح خاص به، ولا يستعمل لعلاجه إلا اللقاح المضاد لمرض الجذري وقد سجل الأطباء فعاليته بنسبة 80٪، غير ان ملهاق يحذر من أن هذا الوباء خطير ويقتل ما بين 1 الى 10٪ من المصابين به.
وأشار الى ان الباحثين يعكفون حاليا على دراسة وبحث إن كان فيروس جذري القردة يتحور، وبالتالي إمكانية حدوث طفرات فيه كفيروسات أخرى، على غرار فيروس كورونا المستجد، أو أنه يبقى يحافظ على خصائصه القديمة.