طباعة هذه الصفحة

سنبلة القدس الكنعانية .. شيريــن ابوعاقلــة

بقلم: جلال نشوان

يرحل الشهداء، لكن تفاصيل حياتهم، تبقى ماثلة في وجداننا،  رحلت شيرين بعد أن عزفت أجمل الألحان لفلسطين والعالم، رحلت بعد أن أنارت ليل فلسطين، فغدت فلسطين تتربع على عرش الأمم، رحلت يا شيرين من ركام الألم، ومن رحم المعاناة،  رحلت وتركت وراءك  شعبا يئن من ظلم الظالمين واحتلال المحتلين، الغزاة الذين جاؤوا من وراء البحار.

 يا شيرين

  يا أيقونة الكلمة، وصوت الحقيقة، يا سنبلة القدس المشرقة دوماً،  تقف الحروف حيرى، عاجزة على أن تنتظم بمديح يليق بمقامك، لكن هيهات،  رحلت يا ابنتنا بعد أن أصبحت أنشودة التضحية والفداء، حملت همّ فلسطين في عقولك وقلبك، رحلت الى عليين، وبقيت سيرتك العطرة تفوح في أرجاء الدنيا، فمهما عبرنا عن تضحيتك لن نوفيك حقك.

 يا شيرين

تزاحمت الكلمات  على بوابة فلسطين، تاهت الحروف واختنقت الاصوات ألما وحزنا، ووجعا،  ذرفت دموع العيون وشردت الأذهان، تلعثم اللسان، وذبلت المآقى، لكن ضوء الشمس أشرق وتوهج وجعلنا نقترب من تضحياتك  وشجاعتك، رحلت يا أيقونة التضحية والفداء، رحلت يا  سنبلة فلسطين، رحلت يا أيقونة الكلمة وصوت الحقيقة..
 
 يا شيرين..

 تركت برحيلك ألما ووجعا، في قلوب أبناء شعبنا والأمة العربية بأسرها، فكان موتك مبضعا نكأ جرح الكرامة من جديد، غضب لأجل كل قطرة دم سالت. شيرين لم تمت، لقد تعبت من مشاهد الظلم وقسوة الموت والعدوان فغفت لترتاح..
 
يا الله..

أن تُقتل صحافية في أثناء عملها فهذه لم تعد مسألة عروبة وصراعا على الحق، بل  إنَّ اعدام شيرين هو اعتداء على حقوق الإنسان وشرفه أيا كان انتماءه ودينه، رحلت يا شيرين شهيدة، لتلتحقٍ بإخوتك وأخواتك الشهداء ممن تركوا جروحاً في نفوسنا، جروحاً لم تبرأ بعد ولن تبرأ حتى تعود فلسطين، نامي يا شيرين، قريرة العين، لأن استشهاد المناضلين لا يعني موت قضيتهم، بل هو حياة متجددة لعودة الحق لأصحابه،  وعدالة كبيرة ترد كل ما سلب منهم حين كانوا أحياء. لكل روح سقطت لترفعنا، وكل يد قطعت لتمتد أذرعنا، وكل عنق دقت لتبقى أعناقنا عزيزة، سلام عليكم يا شهداء فلسطين وشهداء أمتنا العربية، هنا يخيم الصمت، ولا يبقى للحرف معنى، فكل الكلام رخيص أمام رصاصة غادرة  تسرق منا،  الطاهرين من أرضنا .
 
يا شيرين..

مع كل نبأ باستشهاد مناضل، ومع كل سيف يستله العدو ليقتلنا، يكون الشعر أوّل ما نذكره، لوصف حالنا، ومن لم  تكنْ أوطانهُ مفخراُ لهُ،  فليس له في موطنِ المجدِ مفخرُ، ومن لم يبنْ في قومهِ ناصحا لهم، فما هو إِلا خائنٌ يتسترُ، وَمن كانَ في أوطانهِ حاميا لها،  فذكراهُ مسكٌ في الأنامِ وعنبرُ، ومن لم يكنْ من دونِ أوطانهِ حمى، فذاك جبانٌ بل أَخَسُّ وأحقرُ.
 
يا الله..
رحلت شيرين، فمن أين لنا شيرين، كم فقدنا وكم ينبغي لنا أن نفقد، لتعود فلسطين حرة أبية. إن اغتيال شيرين أبو عاقلة هو تجسيد لمحاولة العدو إسكات صوت الحق وطمس الحقائق وقتل العروبة التي تتجسد بكل روح طاهرة تدافع عن كرامتها وكرامة أرضها. شيرين أبو عاقلة هي الحقيقة، والحقيقة لا تموت، ربما تغفو لأنها تعبت من القتال لكنها تعود مجددا أقوى من السابق.

أيها المحتلون الغزاة:
لا تحسبوا أنكم قتلتم الحق وتجرأتم عليه،
الصورة ترعبكم
وتقض مضاجعكم
قتلتم شيرين أبو عاقلة فاستشهدت وتركت دماءها نورا يستضاء بها، لكن لدينا الكثير من المناضلين، وصوتنا لا يموت وحقنا لا يموت.
سلام لروحك ابنتنا
سلام لك يا سنبلة القدس الكنعانية
وسلام لك يوم ولدت
ويوم غادرت
ويوم تبعثين