شهدت شواطئ تقزيرت وأزفون بولاية تيزي وزو، إقبالا كبيرا من طرف المصطافين عبر شواطئها الثمانية المسموحة للسباحة. وقد سخرت السلطات المحلية وعلى رأسها مديرية السياحة والصناعات التقليدية، كل الإمكانات اللازمة والضرورية لضمان توفير أجواء مريحة للمصطافين وكذا السياح الوافدين إلى الولاية، لاكتشاف مناطقها الساحلية الطبيعية الجذابة التي تجمع بين السياحة البحرية والمناطق الجبلية الفريدة من نوعها.
ساحرة تتواجد بكل من غابات ميزرانة، إعكورن وغيرهما... كل التفاصيل في هذا الاستطلاع الذي أنجزته “الشعب”.
من أجل إنجاح موسم الاصطياف، تضاعفت جهود كل القطاعات المعنية، خاصة وأنه ينتظر أن تتحول الجهة الشمالية لتيزي وزو إلى قطب سياحي هام، وهو ما أكده مدير السياحة والصناعات التقليدية بالولاية، رشيد غدوشي، الذي أشار إلى أن إعطاء دفع قوي للسياحية يتطلب أخذ كل الجهات المعنية بعين الاعتبار، وأن لا يكون الاهتمام منصبّا على الشواطئ فقط، لأن السياحة الجبلية لها دور كبير وفعال في استقطاب السياح في هذه المنطقة التي حباها الله بسلسلة جبلية متنوعة.
وفي هذا السياق، باشرت مديرية الأشغال العمومية، بتهيئة الطرق التي تضررت في فصل الشتاء من الثلوج والإمطار الغزيرة، حتى يتسنى للمواطنين اختيار وجهاتهم لقضاء العطلة الصيفية في الأماكن السياحية المختلفة.
وإذا كان الموسم الماضي ناجحا، تأمل السلطات المحلية أن يكون الحالي الأنجح، حيث عكست الأرقام المسجلة تزايد عدد المصطافين في المنطقة، والفضل يعود إلى المجهودات المبذولة والمتضافرة في هذا الإطار لإنعاش السياحة بها وإعادة المصطافين والسياح إليها، بعد أن هجروها إلى ولايات ساحلية أخرى، حيث تتوفر كافة الخدمات التي يحتاجونها.
واستنادا لإحصائيات مديرية السياحة، فإن ولاية تيزي وزو، أصبحت تعرف توافدا للمصطافين، حيث شهدت شواطئ أزفوف توافد 1289 مصطاف في السنة الماضية، مقابل مليون و166 ألف مصطاف بتقزيرت، لينخفض العدد بحلول شهر رمضان، الذي تزامن هذه السنة مع موسم الاصطياف.
ولتدارك الوضع، فقد تم اتخاذ إجراءات جد هامة لاستقطاب السياح وذلك بفتح المجال لـ6754 حرفي لعرض ما أبدعته أناملهم من مختلف الأدوات التقليدية، وخلق جو تجاري على مستوى ميناء تقزيرت، ليتسنى للعائلات والزوار اقتناء أدوات تقليدية تذكارية من منطقة القبائل.
7 شواطئ مسموحة للسباحة
كشف مدير السياحة لولاية تيزي، أن عدد الشواطئ المسموحة للسباحة، بلغت سبعة شواطئ بتيقزيرت وتيزي وزو، من مجموع 12 شاطئا. وأكد في سياق حديثه، أنها كافية لاستقبال المصطافين في أحسن الظروف، حتى يتسنى لهم قضاء عطلة صيفية مريحة والاستمتاع بالمناظر الجميلة المحيطة بها، ومن بين هذه الشواطئ، شاطئء كاروبي، سيدي خليفة، الجنة الصغيرة بأزفون، تاسالست، الشاطئ الكبير، بحر فرعون وإفليسن.
وتدعو المديرية سنويا، كلاًّ من ممثلي وكالات الأسفار والمطاعم الضخمة بالولاية، إلى ضرورة احترام المقاييس المعمول بها، بغية تحسين واقع السياحة بالولاية، وكذا الخدمات المقدمة للمصطافين، مع تأكيدها على أهمية تضافر جهود الجميع لتتمكن تيزي وزو من إعادة السنوات الذهبية التي كانت تحتل فيها المراتب الأولى من حيث عدد المصطافين الذين كانوا يتوافدون إليها للاصطياف بمختلف المناطق السياحية التي تزخر بها، لا سيما وأنها معروفة باحتوائها على الأطلال الرومانية “حبس القصور” والضريح الروماني “تكسيبت” بإفليسن، وكذلك معابد وكنائس رومانية بمنطقة تيقزيرت، التي تسجل وحدها إقبالا يوميا للعائلات لقضاء العطلة الصيفية أو عطلة نهاية الأسبوع على مدار أيام السنة، خاصة بعدما تم تهيئة الميناء وتدعيمه بحديقة للعب الأطفال وغيرها من الإمكانات التي تضمن راحة الزوار، حيث تعج هذه المنطقة بالوافدين إليها لأنها تزخر بالمواقع الأثرية والتاريخية الهامة المطلة على البحر، التي تعود إلى الفترة الرومانية الوندالية والبيزنطية، وأصبحت العديد من العائلات تتوافد عليها من مختلف ولايات الوطن بهدف استكشافها، خاصة وأنها أماكن تتميز ببرودة منعشة في فصل الحر، واستغلال الفرصة لالتقاط صور تذكارية لا تنسى عن هذه المنطقة الساحرة.
في سياق متصل، أكدت مصادر من بلدية أزفون أن ما ساهم في توافد المصطافين على المنطقة، حملة تنظيف مختلف الشواطئ التي سبقت موسم الاصطياف والتي باشرتها السلطات المعنية لاسترجاع واجهتها الجمالية، إضافة إلى إعادة دهن مختلف المحلات التجارية المتواجدة بواجهة البحر في أزفون، وهي العملية التي ستتواصل طوال فترة موسم الاصطياف لإبقاء المدينة في أحسن وجه في صورة مشرفة لها لاستقبال زوارها وذلك بالتنسيق مع مديرية الشؤون الاجتماعية ببرنامجها المسمى الجزائر البيضاء.
مكانة السياحة الجبلية لا تضاهى
أولى مسؤولو قطاع السياحة بولاية تيزي وزو، اهتماما كبيرا للسياحة الجبلية، من خلال برمجة مشاريع مسجلة في إطار إنجاز دراسة مناطق التوسع السياحي، حيث تم إحصاء 4 مواقع تتواجد بالمناطق الجبلية تجري أشغال أنجاز الدراسات بها بغية إعادة تهيئتها.
وبحسب ما علمناه من مصدر مقرب من مديرية السياحة للولاية، فإن العملية ستمس كلاّ من أزرو نطهور الواقع بإفرحونن، مرتفع تيروردة، غابة إعكورن التابعة لعزازقة، ثالة غيلاف، تيز أوجعبوب، التي تتوزع على مرتفعات جرجرة، والتي تعرف إقبالا كبيرا، خاصة منها موقع أزرو نطهور حيث يتم إحياء بها زردة سنويا.
كما كشف نفس المصدر، أن برنامج المديرية لا يقف عند هذا الحد فحسب، حيث ينتظر إنجاز دراسات أخرى خاصة بالمنتجعات وستشمل أشغال تهيئة 6 مناطق توسع سياحي، على اعتبار أن السياحة الجبلية لها تأثير كبير على الدفع بالسياحة بصفة عامة نحو الأمام واستقطاب أكبر عدد من السياح لاكتشاف جمال الولاية.
ودائما في إطار حماية المناطق السياحية الجبلية، أعطت الوزارة الوصية موافقتها على برمجة أشغال إنجاز دراسات بشأن استحداث وإنشاء مخيمات على مستوى غابة إعكورن التابعة لعزازقة بغية جلب السياح إلى هذه المنطقة، التي تمتاز بمناظرها الساحرة والجملية التي تبهر الناظرين، بالإضافة إلى إنشاء مخيمات بجوار سد تاقسبت وأخرى موزعة على الشريط الساحلي للولاية بكل من منطقة أزفون، آث شافع، ميزرانة، إفليسن وتيقزيرت، لاستحداث أجواء ملائمة للوافدين عليها في موسم الاصطياف.
ولتجسيد ذلك، سطرت السلطات المعنية بقطاع السياحة استراتيجية جديدة خصيصا لهذا الغرض، والتي ستتحقق أهدافها وبصفة نهائية السنة الجارية، وذلك بالاعتماد أكثر على المواقع الأثرية، بالإضافة إلى تنظيم معارض على مستوى مختلف مراكز الحرف اليدوية والتقليدية العاكسة لتراث المنطقة وعاداتها، على غرار معرض صناعة الفخار ببلدية معاثقة، ومعرض آيث هشام لصناعة السجاد اليدوي، فضلا عن معرض صناعة الحلي الفضية بمنطقة آيث يني.
11 فندقا بـ450 سرير ومشاريع طور الإنجاز
لضمان السير الحسن لموسم الاصطياف، تم استغلال كل هياكل الإيواء، حيث يتواجد بتقزيرت وأزفون 11 فندقا، تحتوي على 450 سرير، 6 منها بأزفون والخمسة المتبقية بتقزيرت. وفي هذا الصدد، صرح مسؤول السياحة بتيزي وزو أن العدد غير كاف، بالنظر لكثرة الوافدين إلى المنطقة. ولتدارك الوضع، بحسب ذات المسؤول، يرتقب فتح 5 فنادق لاستيعاب العدد المتزايد من المصطافين، حيث تعمل السلطات المحلية جاهدة على أن تكون جاهزة في أقرب الاجال، فثلاثة منها تتواجد على مستوى مدينة تيزي وزو، تتراوح أشغال إنجازها بين 70 و95 من المائة، توفر في مجملها 590 سرير، إضافة إلى مشروع تدعيم المنطقة الساحلية تيقزيرت بفندق تصل طاقة استيعابه 128 سرير، وهو الآخر سجل تقدما في الأشغال بنسبة 20 من المائة، فيما انطلقت أشغال إنجاز فندق على مستوى المكان المسمى ثالة مقران بتيزي غنيف، بطاقة استيعاب تقدر بـ60 سريرا، وستسمح هذه الفنادق الجديدة بتوفير 499 سرير إضافي.
وأضاف نفس المصدر، في سياق متصل، أن المديرية استقبلت طلبا من أحد الخواص للاستثمار السياحي في المنطقة، وينتظر منحه رخصة لإنجاز نزل على مستوى دائرة بني يني بـ44 سريرا، و55 منصب شغل لأبناء الولاية. موضحا أن الملف قيد الدراسة على مستوى الوزارة الوصية.
من جهتها، جندت مديرية التجارة كل أعوانها خلال موسم الاصطياف لضمان مراقبة واسعة وصارمة للأسواق والمحلات التجارية تفاديا لحدوث تسممات غذائية، حيث اتخذت في هذا الصدد إجراءات صارمة لمنع بيع مختلف أنواع السمك بعد الساعة الحادية عشرة صباحا، لتفادي التسممات الغذائية. كما ستعمل مديرية الصحة، بالتنسيق مع مديرية التجارة، على تكثيف خرجاتها الميدانية لمراقبة المطاعم والمحلات التجارية للتأكد من مدى احترامها لشروط النظافة، حيث أكد المسؤولون أنهم لن يتراجعوا عن اتخاذ إجراءات الغلق في حال إخلال أصحابها بالشروط المنصوص عليها.
وظائف مؤقتة في إطار تشغيل الشباب
شاركت مديرية التشغيل بتيزي وزو هذه السنة، بتوفير 70 منصب شغل مؤقت، في اطار عقود التشغيل لمدة 6 أشهر قابلة للتجديد، وذلك بهدف تشغيل عدد من الشباب العاطل عن العمل والطلبة خلال موسم الاصطياف في وظائف مؤقتة في إطار ضمان السير الحسن، خاصة في مجال التنظيف الدوري للشواطئ وتطهيرها من جميع النفايات.
وفي هذا الصدد، كشف مدير السياحة، أن هذا الإجراء جديد واستثنائي، حيث سيتم تدعيم العاملين بالبلديات خلال الموسم بالشباب البطال، خاصة الفقراء وأبناء العائلات المعوزة والطلبة، وبالتالي دعم أداء الموارد البشرية في هذا الموسم وذلك من أجل خدمة المصطافين والحفاظ على الوجهة الحضارية للشواطئ.
هؤلاء الشباب انطلق 20 منهم في العمل منذ 1 أفريل، وتتواصل العملية إلى نهاية موسم الاصطياف، مؤكدا أن الهدف من هذه المبادرة هو التكفل باستقبال وتقديم يد المساعدة لعمال النظافة.
الحماية المدنية تحذر من السباحة ليلا
بحسب ما أفادت به مصادر من الحماية المدنية بتيزي وزو، فإن شواطئ الولاية المسموحة للسباحة، ستضمن حراستها في أوقات مضبوطة بقوانين، وهي محددة من الثامنة صباحا إلى السابعة مساء. وأشار المصدر ذاته، إلى أن هؤلاء الأعوان لا يتحمّلون مسؤولية من يغامرون بالسباحة ليلا، أين تنعدم الرؤية.
ولضمان سلامة المصطافين بالشواطئ، فقد تم تجنيد أزيد من 54 عون حراسة، تفاديا لحدوث حالات غرق، إضافة إلى 356 عون محترف في المراقبة سيسهرون طيلة موسم الاصطياف على ضمان أمن وراحة المصطافين، مع تدعيمهم بـ3 سيارات إسعاف ستضمن نقل وإسعاف المرضى والغرقى في حال وقوع حوادث. وبحسب ما أكده ذات المتحدث، فإن هذه الأخيرة، وككل سنة ومع انطلاق الموسم، تسخر وتجنّد كل إمكاناتها المادية والبشرية وذلك لكونها حريصة على ضمان سلامة المصطافين، وقد أثبت أعوان الحماية ذلك، حيث لم تسجل الولاية الموسم الفارط أية حالة غرق بشواطئها.
وأضاف المتحدث، أن كل الأعوان تلقوا دورات تكوينية في مختلف تقنيات التدخل والإنقاذ وتقديم الإسعافات الأولية، والإجلاء إلى الوحدات الصحية. وواكب عمليات التأطير التي خضع لها الأعوان ـ بحسب نفس المصدر ـ تعزيز عتاد التدخل، سيما فيما يتعلق بالزوارق المطاطية التي سيتم تسخيرها خلال الموسم. وإلى جانب الإنقاذ وتقديم الإسعافات الأولية، تقع على عاتق هؤلاء الأعوان، بحسب مصدرنا، مهام توعية وتحسيس المصطافين والتواصل معهم لتذكيرهم بالأخطار التي يمكن أن تحدق بهم، بما في ذلك التعرض المفرط لأشعة الشمس وعدم احترام رايات السباحة.