تبرز أهمية البعد الإستراتيجي للأرشيف في بناء الذاكرة الوطنية. غير أن هناك عمل كبير يتعين القيام به في هذا المجال، بداية من إنشاء مؤسسة الذاكرة، بحسب ما يدعو إليه الدكتور بونعامة أستاذ التاريخ بجامعة الجزائر.
أعلن الدكتور بونعامة عن عملية جرد لجرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر، مع تصنيف كل نوع من هذه الجرائم كجريمة الإبادة الجماعية بقطع الرؤوس والتي تصنف أساسا أنها جرائم ضد الإنسانية، لأن هذه الوثائق والمشاريع العرقية التي حاول الاستعمار من خلالها المزج بين الجزائري والمالطي، وبين الجزائري والكالدوني، حتى توضع في يد المشرع الجزائري، ليتمكن من خلالها سن قانون لتجريم الاستعمار.
ذكر المتحدث في هذا الإطار، أن هناك لجنة استشراف وهو أحد أعضائها، تعمل على إيجاد تقارب بين أصدقاء الجزائريين المؤرخين في الثورة، والاستعانة بهم، للاطلاع على الأرشيف، «لأن لديهم إمكانية أكثر منا في ذلك».
وأكد في سياق مداخلته، أمس، في فوروم «الشعب»، أهمية البعد الجيو ـ سياسي للأرشيف، ومحاولة الاستعانة بالمؤرخين الأقرب من الجزائريين، من أمريكيين، كنديين وفرنسيين... الذين قدموا كتابات وإسهامات في هذا المجال.
وكشف في معرض حديثه عن الشروع في إعداد دليل حول جرائم الاستعمار، يوثق بكل موضوعية لتاريخ الاحتلال الفرنسي للجزائر. وأفاد في هذا الصدد، أن الحرب النكراء التي قامت بها فرنسا كانت قبل أن تدخل إلى بلادنا، حيث كانت هناك سرقات للأرشيف، قال إن بوتان أسس لغزو الجزائر والملك فيليب الثاني أصدر مرسوما، وشكل لجنة تجمع كل الوثائق الخاصة بالجزائر، مشيرا إلى أن النهب الحقيقي للأرشيف ما بين 1830 و1833.
وتبرز أهمية استرجاع الأرشيف الخاص بالجزائر، لوقف «النزاع القائم بين المؤرخين، السياسيين والأرشيفيين، نظرا لافتقادهم للمادة التاريخية التي يعتمدون عليها والمتمثلة في الأرشيف. كما تدعو الضرورة إلى إنشاء مؤسسة الذاكرة، تتشكل من سياسيين، مؤرخين ومختصين في علم النفس وعلم الاجتماع، هذه التركيبة تمكن من إنشاء مؤسسة «هستوغرافية».
أكد في هذا الصدد، أهمية إنشاء هذه المؤسسة، لتفادي التشتت في المصطلحات، خاصة ما يتعلق بتأريخ مسار دولة «الذي لا يقبل التشتت». كما يؤكد على إرساء شبكة وطنية معلوماتية لمعرفة الموجود في الجزائر وفرنسا للمحافظة عليه، كما لابد - بحسبه - من وضع استراتيجية مؤسساتية تعطي قيمة للأرشيف، الذي يعتبر غنيمة حرب، تستعمله الدولة المستعمِرة كوسيلة ضغط في المفاوضات.