اعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر إدريس عطية، المجموعات البرلمانية للصداقة، بمثابة دبلوماسية مكملة للدبلوماسيات التنفيذية بشكل أساسي، ويمكن أن تحقّق نتائج هامة على عديد المستويات.
قال في حوار لـ “الشعب”، إنّ البرلمان بغرفيته يسعى من خلالها إلى ترسيخ عديد العلاقات البرلمانية في كل المدارات الجيوـ إستراتيجية التي تنتمي إليها الجزائر، والتي يمكن أن تكون آلية من آليات الارتقاء الاستراتيجي بالدبلوماسية الجزائرية.
- الشعب: ما هي الغاية من تأسيس مجموعات برلمانية للصداقة، وما دورها الأساس؟
الأستاذ إدريس عطية: في الحقيقة، دور المجموعات البرلمانية للصداقة أساسي ومهم في تعزيز أواصر التعاون والترابط بين الشعوب والمجتمعات، وبين المؤسسات الدستورية، فالبرلمان يعتبر مؤسسة دستورية، وبإمكانه إقامة علاقات وتعاون خارجي مع الكثير من نظرائه في الدول .
وبالتالي هذه المجموعات البرلمانية للصداقة، هي المخولة أساسا لإنشاء هذه الروابط وممارسة الدبلوماسية البرلمانية، لأنّها دبلوماسية قائمة بذاتها، وتستطيع أن تحدث وتحقّق نتائج مهمة، خاصة أنها تربط بين ممثلي هذه الشعوب، في الكثير من المناطق، فالبرلمانيين هم من يقومون بوظيفة نيابية، وبالتالي دورهم مهم جدا في الارتقاء بالعمل الاستراتيجي والدبلوماسي مع نظرائهم مع الدول الأخرى.
- هل يمكن أن يقتصر دور مجموعات الصّداقة على العمل الدبلوماسي فقط؟
المجموعات البرلمانية للصّداقة لها دور مهم أيضا، في المجال التشريعي، فالوظيفة البرلمانية هي أيضا وظيفة تشريعية، وبالتالي قد يحدث تبادل خبرات، ونقل كثير من المعارف.
وتستطيع المجموعات البرلمانية أن تسوّق الكثير من المقاربات الوطنية والدولية، من خلالها، سواء كانت هذه المجموعات ثنائية تجمع بين البلدين، أو مجموعات صداقة تجمع بين العديد من الدول، منها الشّراكات المتوسطية والدولية المتعلقة بالبرلمانات، وهذا من أجل توضيح وجهات نظر.
- في منظورك، هل يمكن أن تقوم هذه المجموعات بدور دبلوماسي ملموس؟
يُنظر إلى الدبلوماسية البرلمانية أو المجموعات البرلمانية للصداقة، كدبلوماسية موازية بالنسبة للدبلوماسيات التنفيذية، وبالتالي هي دبلوماسية مكملة للدبلوماسيات التنفيذية بشكل أساس، وقد تحقق الدبلوماسية البرلمانية نتائج جد هامة على كثير من المستويات، لأنها كما أشرت هي أيضا دبلوماسية رسمية، وتستطيع ربما أن تنجز ما تعجز عنه الدبلوماسية التنفيذية.
- وهل يمكن أن تؤدّي دورا في الجانب الاقتصادي؟
كما قلت سابقا، المجموعات البرلمانية للصداقة دورها مهم سواء في الإطار الدبلوماسي من خلال تحديد توجهات عامة ومحاولة ضبط أمور في قضايا وملفات معينة، أو غيرها من الآراء، وأيضا لها دور مهم في الجانب الاقتصادي، حيث تناقش هذه المجموعات البرلمانية الكثير من القضايا الاقتصادية، سواء بشكل مباشر بين هذه الأطراف في تعاملات اقتصادية، ناهيك أنّ البرلمان في حد ذاته يناقش ويصادق على العديد من الوثائق ذات الطابع الاقتصادي، والتي تتعلق بالتعاون في مجالات أخرى.
وبالتالي هذه المجموعات الاقتصادية قد تقرب وجهات نظر، وتسعى لدراسة ملفات قد تقدّم اقتراحات كثيرة سواء هذه الاقتراحات تكون بين هذه المجموعات الصداقة فيما بين البرلمانات، ويمكن رفعها إلى الحكومات أو للسلطات العليا في كل هذه البلدان.
واليوم حري بالجزائر في إطار مخطّط عمل الحكومة الذي ينادي بالدبلوماسية الاقتصادية أن تكون الدبلوماسية الاقتصادية ممارسة ومفعلة على كل المستويات، سواء في الإطار التنفيذي أو في الإطار البرلماني.
- هل يسعى البرلمان من خلال هذه المجموعات إلى ترسيخ العلاقات البرلمانية مع نظرائه من المجالس؟
بطبيعة الحال اليوم، البرلمان باعتباره من المؤسّسات الدستورية التي تمّ تجديدها في إطار برنامج رئيس الجمهورية للإصلاحات السياسية، يسعى لترسيخ الكثير من العلاقات البرلمانية مع الكثير من المجالس في كل المدارات الجيو-استراتيجية التي تنتمي إليها الجزائر، سواء في المنطقة المغاربية أو في الفضاء المغاربي الساحلي أو في المنطقة المتوسطية، العالم العربي، وفي القارة الإفريقية، وأيضا في الدائرة الدولية للتعاون مع الكثير من الشركاء الدوليين في هذا المجال، وبالتالي هذه العلاقات البرلمانية قد تكون آلية من آليات الارتقاء الاستراتيجي بدبلوماسيتنا، وأن يكون البرلمان بمثابة الضابط الحقيقي للعمل الدبلوماسي والأداة الأساسية لتقييم هذه المنظومة الدبلوماسية، وإعطائها دائما الحلول السّريعة والقراءات التي يمكن أن تفيد الدولة والمجتمع الجزائري.