كشف الشاعر حسين عبروس مآلات المشهد الثقافي الجزائري اليوم وتداعياته ضمن الراهن، حيث تعدّدت الفرق وتشعّبت الجماعات ولم يعد الخطاب الثقافي يحمل هموم المثقف، واتسعت الهوة بين المتلقي والنخب، بفعل تأثيرات خارجية أملتها الظروف الراهنة، وعوامل فرضتها المنظومة الاجتماعية بشكل واقعي لا يمكن الخروج منها إلا بإعادة الاعتبار إلى المثقف بوصفه فاعلا مهما في كل شؤون الإبداع وصانعا للوعي والفكر.
أثار الناقد الأستاذ حسين عبروس من خلال منشور على صفحته مسألة مهمة يشهدها المشهد الثقافي الجزائري، حيث يقول بأن «المتأمل إلى وضعنا الثقافي والفكري والإبداعي والفني يدرك حقيقة المأساة» التي تعيشها الثقافة والمثقف في وطننا الذي هو بحجم قارة، وللأسف أصبحت فيه كلّ قافلة بعلم، وكلّ قافلة تغني في عرسها الخاص، ومن هنا تتجلّى تلك القطيعة مع كلّ موروث ثقافي ووطني وحضاري».
اعتبر صاحب المجموعة الشعرية «ألف نافذة وجدار» أن العزلة التي يعيشها أهل الثقافة والفكر والإبداع في الجزائر اليوم تستند إلى مرجعية «العزلة العروشية والقبلية» ببعديها الجهوي والشللي التي تفرضها المنطقة حسبه، وذلك من خلال كل جمعية تديرها عناصر معية، لا تؤمن أصلا بدور التنمية الثقافية، والإبداعية، وكل مجموعة تحاول ضرب المجموعة الأخرى، وتحاول أن توجّه الدعوة للأشخاص الذين تتفق معهم في التوجه الإيديولوجي والفكري، ويبقى الوحيد في الوسط هو من لا ينتمي إلى شلة معية أو إلى دكان معين».
أوضح الاستاذ حسين عبروس، أنه وبالعودة إلى هذا المنطق «يمكن مساعدة الجهات الوصية في كل ولاية من دور الثقافة والمكتبات العمومية على الحدّ من الضغط الموجود على المستوى المركزي، و»حتى لا يكثر فعل الضغط والمطالبة بتحسين الوضع العام للثقافة والفكر والإبداع، وتبقى بعض الأشياء غامضة من صنع القوة المهيمنة، ولهذا نجد في كل عام الدعوة توجه لنفس الأشخاص في تنشيط الجو العام لكل النشاطات والفعاليات الثقافية في المعرض الدولي للكتاب».
دافع الناقد حسين عبروس عن الثقافة التي يعتقد البعض على أنها «مادة لتضييع الوقت والتسلية في غياب التوجّه السليم الذي يصنع الإنسان الواعي المتحضّر. ولعلّ الجهات التي تنادي بتصدير الوعي الثقافي والحضاري للشعوب، وكسب المردود المادي مقابل الصناعة الثقافية واهمة مادام هذا الوباء يطال واقعنا الثقافي، ولعلّ ذلك الانقسام الحاصل على صفحات التواصل الاجتماعي، وعلى مواقع الفيسبوك يعطينا الدليل، والصورة الحقيقة عندنا، وهو الحال الذي تعيشه كثير من الدول العربية».
ودعا عبروس في ختام منشوره الأقلام المبدعة والمثقفة التي تحترق في صمت بعيدا عن «الشللية» المتآمرة على الثقافة الوطنية الأصيلة إلى الجهر بأصواتهم عاليا، من أجل حماية صرح الثقافة في الجزائر، لأنه واجب كل المخلصين للثقافة والإبداع والفكر.