طباعة هذه الصفحة

بخصوص القضية الصحراوية، الدكتور سمير محرز :

تحـركات مضـادة لفاعلين إسبان ستأخـذ أبعادا إيجابيـة

حوار: فضيلة بودريش

 ضرورة مرافعة البوليساريو في أجندات المنظمات الدولية لفضح المحتل

 تنظيم الشعب الصحراوي مظاهرات مندّدة بعواصم غربية ورقة رابحة

شهدت القضية الصحراوية  في الآونة الأخيرة تطورات متسارعة، جذبت إليها مجددا الاهتمام الدولي وحشدت المزيد من التأييد والتعاطف، على خلفية المظاهرات العارمة التي صدحت في عواصم غربية من بينها مدريد الإسبانية. وندّد الصحراويون وأوروبيون بقوة في وجه محاولة تجاهل تقرير مصير الشعب الصحراوي مطالبين بتحرير الصحراء الغربية من براثن الاحتلال. إنها تحركات جاءت لفضح محاولة إجهاض مسار كفاح الشعب الصحراوي ووقف الترويج لمقاربة توسعية تهدف إلى احتلال أرض وتشريد شعب لا يساوم.  وفي سياق رصد هذه الأحداث المهمة، وتحليلها أكد الدكتور سمير (أستاذ العلوم السياسية بجامعة تيسمسيلت)، أن ملفات النزاعات مثل القضية الصحراوية تفصل فيها الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى دعم العملية السياسية التي تقودها هيئة الأمم المتحدة والتي إذا أنجزت وفقا لقواعد الشرعية الدولية تحقّق حلا سياسيا عادلا ودائما ومقبولا.
- «الشعب ويكاند»:  ما هي قراءتك للتطوّرات الأخيرة التي شهدتها القضية الصحراوية العادلة؟
 الدكتور سمير محرز: نعلم جيدا بأن ملف الصحراء الغربية هو من بين الملفات التي تؤرق كاهل الأمين العام للأمم المتحدة باعتبارها قضية دولة تمّ انتهاك حقوقها من طرف المخزن المغربي، كونها منطقة مُتنازع عليها مع المغرب منذ عقود. والشيء الذي يجعل من القادة الأمميين يسعون لإيجاد حل نهائي للقضية كون لم تفلح الجهود الدولية حتى الآن في حل النزاع عليها لأسباب أبرزها فشل هيئة الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية في التوجّه لعملية استفتاء من أجل تقرير الشعب الصحراوي مصيره بنفسه، إلا أن المغرب، دولة الاحتلال، يناور في هذه القضية وآخرها تحركه الأخير مع اسبانيا من أجل عدم اعتراف الأخيرة بحق الشعب الصحراوي. وتغيير موقفها الذي كان في السابق مساندا لاستقلال الشعب الصحراوي
وبالتالي القضية الصحراوية شهدت تطورات كبيرة وخطيرة في الأيام القليلة الماضية، ما جعل العديد من الأطراف والفواعل الدولية تنخرط في إعادة إحياء الملف الصحراوي لدى الرأي العام العالمي والافريقي وهذا ما تسعى إليه العديد من المنظمات الحقوقية والناشطين الدوليين في الدفاع على القضية الصحراوية.
- لا يزال نضال الشعب الصحراوي يضغط بقوة بشتى الطرق الشرعية لفضح المحتل أمام الرأي العالمي، فما مدى تأثير ذلك على استمالة المجتمع الدولي لإنهاء النزاع بشكل منصف؟
 القضية الصحراوية في يد أبنائها ومصيرها مبني على تضحيات الشعب الصحراوي بالدرجة الأولى وجبهة البوليساريو وبعدها تأتي الدول الصديقة والحليفة والمنظمات الدولية الرسمية وغير الحكومية، وصولا للأمم المتحدة باعتبارها اليد التي تنظم الشرعية الدولية داخل المجتمع الدولي. فالقضية الصحراوية هي قضية معلومة وواضحة الأسباب والمطالب ونذكر أنه تمكّنت الجالية الصحراوية في الأيام الأخيرة بالعاصمة الاسبانية مدريد وبعض المقاطعات الاسبانية من إسماع صوت الشعب الصحراوي كوسيلة ضغط على المحتل من أجل العدول عن قراره والمطالبة بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، وهذا هو الطريق الوحيد والآلية الاساسية من أجل استمالة المجتمع الدولي. إن بعض القوى الدولية لم توضح موقفها من القضية، كما أن هناك العديد من الدول تلعب على الوترين مساندة بذلك المناورات المغربية ومتعاطفة مع البوليساريو والشعب الصحراوي، ما يجعل من هذه القضية تطول أمدها  لهذا أعتقد بأن الحل الوحيد لنجاح القضية هو مقاومة قوات المخزن ميدانيا وعدم السماح بتجاوز حدودهم داخل المخيمات الصحراوية والتحرّك الدبلوماسي عبر عدة أصعدة لتحقيق الانتصار والحرية والاستقلال من المحتل المغربي.
- هناك من يرى أن المغرب بعد أن أفلس، تحوّل إلى انتهاج ابتزاز الدول الأوروبية.. ويناور لتحقيق مصالحه الضيقة.. والهدف محاولة سرقة الصحراء الغربية من شعبها والاستيلاء على ثرواتها.. ما هو تعليقك؟
 المغرب سيلعب لآخر ثانية من أجل تحقيق أطماعه وإلحاق الأراضي الصحراوية المحتلة لمجاله الجغرافي بالرغم من أن الأمر مناف لقواعد القانون الدولي ولهذا سيحاول تمييع القضية وإفشال كل المشاريع السياسية والدبلوماسية التي تدافع عن قضية الصحراء الغربية، وبالتالي فإن سياسات المخزن هي إقصاء كل مطالب الشعب الصحراوي في تحقيق حريته واستقلاله.. وكملاحظ للمشهد العام في منطقة الصحراء الغربية أني متفائل جدا بإرادة الشعب الصحراوي، خاصة بعد وقفته الأخيرة في العديد من عواصم العالم وخاصة بالعاصمة الاسبانية مدريد
وبالتالي كل هذه التحركات تندرج في سياق الوقوف في وجه المحتل المغربي الذي يرغب في السيطرة على ا الصحراء الغربية وهي أرض شرعية للشعب الصحراوي.
- شخصيات إسبانية بارزة خرجت مؤخرا عن صمتها ووصفت التغيّر المفاجئ لموقف مدريد بخطأ لا يغتفر، فهل سينقلب السحر على الساحر وتسقط معها خطط المغرب التوسعية؟
 الموقف الأخير لرئيس الحكومة الاسبانية بيدرو سانشيز كان موقفا غريبا غير واضح وضبابي ما جعل العديد من الأطراف في الداخل الاسباني ترفض هكذا قرارات مزاجية غير مدروسة من طرف الحكومة الاسبانية، ما أدى لردود فعل دبلوماسية منها استدعاء الجزائر لسفيرها في مدريد من أجل التشاور وبحث أسباب ولاء سانشيز للمخزن المغربي وردود أفعال صحراوية من خلال خروج الجالية الصحراوية في العديد من المقاطعات الاسبانية رافضة قرارات الحكومة الاسبانية غير المدروسة. ما جعل حكومة سانشيز باتت مطالبة بشرح موقفها للشعب الإسباني أولا والذي رفض التدخل في القضية بهذا الشكل الذي لا يخدم سمعة وتاريخ مملكة اسبانيا وخاصة بعض الأحزاب السياسية التي رفضت دخول اسبانيا كطرف في هذا النزاع لكونه جاء قرارا انفراديا للحزب الاشتراكي الذي ينحدر منه رئيس الحكومة ووزير الخارجية خوسي مانويل ألباريس. ما جعل الكتل البرلمانية الممثلة في البرلمان الإسباني تطالب بيدرو سانشيز بتبرير موقف الحكومة، فالأمر لا يتعلق فقط بالمعارضة ممثلة في الحزب الشعبي، وإنما في الشريك في الحكومة حزب بوديموس، الأمر الذي من شأنه أن يتسبّب في عدة مشاكل جدية للحكومة، نتيجة التصرفات الانفرادية التي تقوم بها الحكومة الاسبانية. حيث ردّ العديد من الناشطين والقادة السياسيين الإسبان على موقف سانشيز والحكومة الاسبانية أهمها ما صرّحت به وكتبته السيدة (يولاندا دياث) وهي النائب الثاني لرئيس الوزراء وزعيمة أعضاء الحزب داخل الائتلاف الحكومي، في تغريدة على منصة تويتر في أحد مناشيرها «أجدد التزامي بالدفاع عن الشعب الصحراوي وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أي حل للنزاع يجب أن يمر عبر الحوار وباحترام إرادة الصحراويين وسأستمر في العمل على ذلك».
أما الكتلة البرلمانية للحزب الشعبي المعارض، فقالت في بيان إن رئيس الوزراء «قام بتغيير الموقف السياسي المجمع عليه تقليديا والذي يُعد من سياسات الدولة منذ 47 عاما، وذلك دون إبلاغ حزب المعارضة الرئيسي بالأمر، ما يوضح الطريقة التي يفهم بها بيدرو سانشيز سياسة الدولة»، كما اتهم رئيس الوزراء بأنه تسبب في إيذاء سمعة إسبانيا التي لها تاريخ في الديمقراطية، وفق البيان الذي أصدرته الكتلة البرلمانية لحزب الشعب الاسباني، ما يجعل كل هذه المواقف والتحركات المضادة من طرف حكومة سانشيز ستأخذ أبعادا ايجابية لصالح قضية الصحراء الغربية.
- تلقى المغرب مؤخرا رفضا صريحا من الكونغرس الأمريكي بفتح قنصلية في الداخلة المحتلة وبيع طائرات بدون طيار وهما وعدان سابقان لترامب ثمنا لتطبيع الرباط مع الكيان الصهيوني.. وفوق ذلك طلب الكونغرس بتفعيل العملية السياسية لحل النزاع بالصحراء الغربية، أليست صفعة قوية من شأنها أن تعجل بتجسيد الشرعية الدولية؟
 المواقف الأمريكية الخارجية الأخيرة تجاه بعض القضايا المعقّدة والصعبة في عهدة الرئيس بايدن تختلف عن مواقف سابقه دونالد ترامب وهذا دليل على أن تحرك البوليساريو وبدعم من الدول الحليفة والصديقة من أجل المرافعة لصالح القضية الصحراوية وما يمكن أن نسجله بمثابة نقطة إضافية في رصيد الدبلوماسية الجزائرية المدافعة عن عدالة القضية الصحراوية ونجاح التضحيات الصحراوية في الأراضي المحتلة، كما يمكن أن نعتبر رفض الكونغرس الأمريكي الاعتراف بالسيادة المغربية المزعومة على الصحراء الغربية وهذا عندما أدرج المساعدات المقدمة للصحراء الغربية بشكل منفصل عن تلك المتعلقة بالمغرب بمثابة اعتراف ضمني بعدم شرعية الاحتلال المغربي للصحراء الغربية عكس ما كان يراه السنوات الأخيرة أي في حكم الرئيس السابق دونالد ترامب. وحاليا في رئاسة جو بايدن الذي صرّح في أكثر من مناسبة بأن الملفات ذات النزاع تفصل فيها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، كما أنها تسعى إلى دعم العملية السياسية التي تقودها هيئة الأمم المتحدة والتي تحقق حلا سياسيا عادلا ودائما ومقبولا للطرفين المغرب وجبهة البوليساريو، حسب السيناتور باتريك ليهي الذي أكد أن الوضع السياسي للصحراء الغربية هو قضية يجب حلها بين الطرفين وليس من قبل الكونغرس الأمريكي، لأن هذا تداخل في صلاحيات هيئات أخرى ذات صلة بالملف والنزاع في المنطقة.
 وباعتقادي أرى بأن الموقف الذي صدر من الولايات المتحدة الأمريكية وبالضبط من طرف الكونغرس يعتبر نجاحا للقضية الصحراوية وللمقاربة الجزائرية العادلة المدعمة لتحرّر الشعوب وفشل وصفعة قوية للمناورات المغربية
- مضايقات مشينة وممارسات قمعية يمارسها المغرب في حق الشعب الصحراوي في صدارته المناضلين، حيث تُخرق حقوق الإنسان، كيف يمكن التنديد بذلك لمحاسبة المجرمين لمعاقبتهم بقوة القانون الدولي؟
 هذا دليل على أن الاحتلال المغربي غير صادق في موقفه وما الانتهاكات والاغتيالات والقمع الذي تمارسه المملكة المغربية في حق الشعب الصحراوي الأعزل لدليل على أن المغرب يرغب في استعمار أرض الشعب الصحراوي
والاستماتة التي تلقتها من طرف البوليساررو إضافة للمساندة المطلقة من طرف الدول الصديقة والمساندة من بينها الجزائر ومقاربتها القوية في حق الشعب الصحراوي بتقرير مصيره بنفسه لدليل على قوة المطلب الشعبي والدبلوماسي وأحقية الصحراء للغربية في الاستقلال التام عن المستعمر المغربي. والتحركات الصحراوية دبلوماسيا قاريا وعالميا وميدانيا هي بمثابة رسائل للمجتمع الدولي بأحقية الشعب الصحراوي في افتكاك استقلاله عبر ممارسة حق تقرير المصير وبسط سيادته على أرضه وتمثل صفعة قوية للمخزن بأنه دولة مستعمرة ومغتصبة لحقوق شعب كامل وهو الشعب الصحراوي وما على هذا الأخير إلا زيادة الضغط أكثر من أجل نيل استقلاله كاملا.
-  برأيك ما هو الدعم والحشد الدولي الذي تحتاجه القضية الصحراوية لإجهاض خطط عرقلة حق تقرير المصير؟
 كما قلت سابقا القضية الصحراوية تحتاج لدعم الدول ودعم الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ووجب مرافعة القضية في أجندات المنظمات الدولية والحقوقية والعالمية، وللإشارة ساهمت الدبلوماسية الجزائرية بشكل كبير في رفع القضية للمنصات والمنابر الدولية. وبالتالي كل ما يساهم في دفع القضية نحو الاستقلال سواء دبلوماسيا وسياسيا واقتصاديا هو إضافة لقضية الصحراء الغربية وصفعة مدوية للمخزن المغربي.