عقد المجلس الأعلى للغة العربية أولى محاضراته تحت عنوان «المعجم التاريخي للغة العربية، منجز حضاري» و»التنال العربي، اختبار إلكتروني وتدريبات لغوية»، وذلك ضمن نشاطاته بمعرض الكتاب الدولي في دورته 25 تحت شعار «الكتاب جسر الذاكرة».
أشار الدكتور امحمد الصافي المستغانمي الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالشارقة، إلى أن العرب تأخروا في إنجاز المعجم التاريخي، على الرغم من أنهم اشتغلوا وشهروا بالصناعة المعجمية قديما، وأضاف أن أول من كتب معجما تاريخيا دقيقا مبنيا على تقلب الحروف هو الخليل الفراهيدي، وبعده الزمخشري الذي ابتكر الطريقة الأبجدية، ثم كانت المعاجم المتنوعة التي بني بعضها على تقليب الحروف وبعضها على الترتيب الأبجدي، وبعدها جاء الامام ابن سيدا وكتب كتابه المخصّص الذي بناه على الحقول الدلالية.
الفرق بين المعاجم الموجودة والمعجم التاريخي
أوضح امحمد المستغانمي أنّ المعاجم الموجودة هي معاجم عامة تشرح الكلمة وتعطي بعض الأمثلة، وليس لها ترتيب دقيق داخل المادة، وهذا ما نجده عند ابن منظور والفيروز ابادي وغيرهم، في حين نجد أن المعجم التاريخي له رؤية أخرى تكمن في تأريخه للألفاظ العربية منذ أقدم استعمال، وهو بهذا يرصد التاريخ، ثم يتتبع الألفاظ من الناحية اللغوية.
وأردف المتحدث قائلا «نظرا لضخامة التراث العربي الذي يزيد عن 18 قرنا قبل الميلاد، جمعنا الكتب والمصادر وحوسبناها، ووضعت في مدونة رقمية، وفي كل دولة لدينا 10 مجامع من بينها القاهرة والسودان..ولدينا شبكة من المجامع واللغويين قمنا بتدريبهم على المنهج المعتمد من قبل اتحاد المجامع، وها أنتم أولا قد رأيتم في معرض الكتاب السابق صدور 17 مجلدا للمعجم التاريخي، وسنجتهد بعد 10 سنوات لإعادة تحيينه».
وفي السياق ذاته، قال المحاضر «الآن نحن مقبلون على حروف أخرى، أبشّركم بأنه ستكون حروف الحاء والخاء والدال والذال في 17 مجلدا، وبالتالي نتوقع أن ينتهي هذا العمل بعد 5 سنوات على الأقل في مرحلته الأولى في 70 مجلد، يجد فيها القارئ العربي والمثقف غايته».
سبب تأخّر العرب في إنجاز المعجم التاريخي
نوّه الدكتور امحمد الصافي المستغانمي إلى أنّه منذ تأسيس الملك فؤاد الأول لمجمع القاهرة سنة 1932، تم وضع إنجاز المعجم التاريخي ضمن أهدافه، لكن لضخامة المشروع وضخامة التكلفة وتشتت المجامع عجزوا عن ذلك، إلى أن وفّق الله حاكم الشارقة مع المجامع لبداية شق هذا الطريق.
وأكّد المحاضر أنّ العرب يحتاجون إلى معجم عظيم، يكون ذاكرة للعرب، ويؤرّخ للذائقة العربية، لتاريخ الكلمات وللكلمات الدخيلة، وأضاف في السياق ذاته «الإنجليز والفرنسيون والألمان سبقوا إلى إنجاز مجامعهم نظرا لكون لغتهم قصيرة الأمد، مقارنة بلغتنا العربية التي تمتد إلى اسماعيل.
الجزائر ثالث دولة تعتمد التنال بعد الأردن والقاهرة
أوضح رئيس المجلس الأعلى للغة العربية الدكتور صالح بلعيد، أنّ التنال هو نظام شهادة الكفاءة الدولية تعطى في اللغات الوظيفية، تمكّن صاحبها من الاشتغال في أي بلد يريده، مضيفا أن الجزائر تبنّت هذا التنال الذي يديره اتحاد الجامعات العربية، وتعتبر ثالث دولة تعتمده بعد الاردن والقاهرة .
وقال بلعيد إنّه مؤخرا تم إجراء هذا الامتحان، وقد شارك فيه 30 شخصا، وسيكون الناجحون مدربين تابعين للمجلس الأعلى للغة العربية.
وأشار المتحدث في السياق ذاته، إلى أنّه تمّ اختيار 4 حقائب (حقيبة الإعلام، حقيبة الإمامة، حقيبة المثقّفين والمحامين وحقيبة الاداريين).
ومن جهته قال الدكتور مراد عباس الأمين العام للتنازل العربي بالجزائر، إنّ التنال مشروع دولي منتشر في كثير من البلدان، وقد تم الترويج له في البلدان العربية والاسلامية، ويحتضنه في الجزائر المجلس الأعلى للغة العربية.
وأشار المحاضر إلى أنّ التنال امتحان معياري مقنّن لقياس مهارة اللغة العربية، وهو موجه للناطقين باللغة العربية وغيرها، وأضاف السيد مراد عباس أنه ينقسم إلى أنواع (التنال العربي الاكاديمي، التنال العربي الدبلوماسي، تنال البيت الموجه للحجاج والمعتمرين والتنال الوافد).
وذكر المتحدث في السياق ذاته، أن اعتماد التنال يأتي تماشيا مع الأهداف المحلية الأعلى، وهي تحسين استخدام اللغة العربية الوظيفية، وكذا التوجه نحو مجتمع مبني على المعرفة. وأردف قائلا إنّه «في جمهورية مصر العربية تم اعتماد التنال الغربي من قبل وزارة التعليم، وجعلته شرطا لترقية المعلمين في جميع التخصصات، وشرطا لقبول الطلبة في الماستر والدكتوراه، كما قامت جمهورية أوزبكستان أيضا باعتماد التنال العربي، وتشجيع كل من يجتاز هذا لامتحان بزيادة تقدّر بـ 50 في المائة».