بعد مرور شهر على الحرب الروسية الأوكرانية، انعقدت، نهاية الأسبوع، قمة ثلاثية غير مسبوقة في بروكسل، ناقش فيها زعماء حلف شمال الأطلسي ودول مجموعة السبع الغنية والاتحاد الأوروبي أسوأ صراع نشب في القارة العجوز. وأعلن الحلف عن تأسيس مجموعات قتالية جديدة في أربع دول في شرق أوروبا، بينما زادت واشنطن ولندن من حجم مساعداتهما لأوكرانيا ووسعت العقوبات ضد روسيا لتشمل شخصيات جديدة، بينها امرأة قالت لندن إنها ابنة زوجة وزير الخارجية الروسي.
قال الرئيس الأمريكي جو بايدن للصحفيين في بروكسل «الأمر الأكثر أهمية بالنسبة لنا هو أن نستمر في الوقوف صفا واحدا، وأن يستمر العالم في صب تركيزه على معرفة كم من أرواح بريئة تُزهق». وأعلن عن تأييده استبعاد روسيا من مجموعة العشرين، وأكد أن الولايات المتحدة سترد إذا استخدمت روسيا أسلحة كيماوية.
من جانبه، أشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أن حلف شمال الأطلسي سيستمر بإرسال الأسلحة الدفاعية لأوكرانيا لكن دون الانجرار إلى حرب مع روسيا. إلى ذلك، تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية كبيرة بلغت 140 صوت، قرارا جديدا يطالب روسيا بوقف الحرب في أوكرانيا فورا، في حين امتنعت 38 دولة عن التصويت وعارضته خمس دول. وفي الثاني من مارس الجاري، وفي تصويت اعتبر تاريخيًّا في الجمعية العامة، أيّدت 141 دولة عضوًا قرارًا أول غير ملزم يطالب روسيا بأن تكف فورًا عن استخدام القوة ضد أوكرانيا، وعارضت خمس دول القرار، بينها روسيا، وامتنعت 35 دولة عن التصويت.
بايدن قرب الحدود الأوكرانية
طالب ما يقرب من ثلاثة أرباع أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة بوصول المساعدات إلى أوكرانيا وانتقدوا روسيا «لتسببها في وضع إنساني مروع»، وهي المرة الثانية التي يصوت فيها أعضاء الجمعية بأغلبية ساحقة لصالح التنديد بموسكو بسبب الحرب.
وزار، أمس الجمعة، الرئيس الأمريكي جو بايدن مدينة رزيسو البولونية الواقعة على بعد 80 كلم من الحدود الأوكرانية، في خطوة تأتي في وقت يسعى فيه لإبراز الموقف الغربي الحازم بمواجهة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وكذا تشكل فريق عمل للنظر في الحد من التزود الطاقوي من روسيا.
ومع ذلك، لم ترق هذه الإجراءات إلى حد الاستجابة الكاملة لدعوات الرئيس فولوديمير زيلينسكي لمقاطعة شاملة لمصادر الطاقة الروسية، وفرض منطقة حظر جوي فوق أوكرانيا لوضع حد للدمار الذي تسببه القنابل الروسية.
وردّا على استعراض الوحدة الذي شهدته بروكسل، قالت موسكو إن الغرب يتحمل مسؤولية اندلاع الحرب من خلال تسليح «نظام كييف».
دمار هائل بماريوبول
في الوقت الذي حشد فيه بايدن حلفاء بلاده في أول رحلة له إلى الخارج منذ بدء الحرب، أعلنت واشنطن تقديم المزيد من المساعدات الإنسانية لأوكرانيا بقيمة مليار دولار وكذلك عرضا لاستقبال 100 ألف لاجئ.
فيما قال رئيس أركان القوات المسلحة الأوكرانية إن روسيا ما زالت تحاول شن هجمات للسيطرة على مدن كييف وتشرنيهيف وسومي وخاركيف وماريوبول.
وفي كلمة عبر الفيديو خاطب فيها قادة دول مجموعة السبع المجتمعين في بروكسل، حذّر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من «مخاطر حقيقية لاستخدام روسيا الواسع النطاق لأسلحة كيميائية على الأراضي الأوكرانية.
تدمير آخر محطّة وقود متبقية
بينما أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها شنت ضربات بصواريخ مجنحة من طراز «كاليبر» على قاعدة وقود كبيرة تابعة للجيش الأوكراني قرب كييف.
وصرّح المتحدث باسم الوزارة، إيغور كوناشينكوف، خلال موجز عقده، أمس الجمعة: «نُفّذت مساء يوم 24 مارس ضربات بعدد من صواريخ «كاليبر» المجنحة عالية الدقة المطلقة من البحر إلى قاعدة وقود في بلدة كالينوفكا قرب كييف، وتمّ تدمير أكبر قاعدة وقود متبقية لدى القوات المسلحة الأوكرانية استخدمت لإمداد الوحدات العسكرية وسط البلاد بالوقود».
وقال كوناشينكوف إن مجموعة القوات الروسية أحرزت خلال الليل الماضي تقدما لمسافة أربعة كيلومترات وأحكمت سيطرتها على قرى باتمانكا وميخايلوفكا وكراسني بارتيزان وستافكي وترويتسكوييه، وتواصل تقدمها على مواقع وحدات اللواء الـ25 للإنزال التابع للجيش الأوكراني.
نهاية الأحادية القطبية
في السياق، وصف وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، رغبة الغرب في استعادة العالم أحادي القطب بأنها «وهم»، حيث تابع أن «رغبة الغرب في الحفاظ على هيمنته في الشؤون الدولية وإخضاع كل شيء وكل دولة وعودة العالم أحادي القطب ليست سوى وهم، وهي تطلعات تسبب توترا خطيرا في العلاقات الدولية»، وأضاف: «إننا نقاوم تلك الرغبة مع شركائنا وحلفائنا».
تفنيد استخدام قنابل فسفورية
على صعيد آخر، نفت روسيا، أمس الجمعة، أن تكون قد انتهكت القانون الدولي بعدما اتهمتها أوكرانيا باستخدام قنابل فوسفورية في إطار تدخلها العسكري في الدولة المجاورة، وفقًا لما نقلته مصادر إعلامية.
وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف بعد سؤال من أحد الصحافيين حول الاتهامات الأوكرانية باستخدام موسكو قنابل فوسفورية في أوكرانيا «لم تنتهك روسيا أي اتفاق دولي».
وقالت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني، إن الممرات الإنسانية فتحت، أمس الجمعة، من ماريوبول ومليتوبول إلى زاباروجيا.
وأضافت، في كلمة صباح أمس، أن الممرات الإنسانية فتحت من ماريوبول للسيارات الخاصة.
ويواصل الجيش الروسي للشهر الثاني، استهداف المرافق العسكرية في أوكرانيا في إطار عمليته الخاصة هناك، فيما يؤكد الغرب عزمه على مد كييف بمزيد من الأسلحة وتشديد العقوبات ضد موسكو.