طباعة هذه الصفحة

ضيف شرف الطّبعة الـ 25

إيطاليا..بلد الحضارة والثّقافة والفنون

أسامة - إ

يعود اختيار إيطاليا لتكون ضيفة شرف الدورة الخامسة والعشرين لمعرض الجزائر الدولي للكتاب، وبشكل أساسي إلى العلاقات التاريخية والاقتصادية والثقافية التي تربطها مع الجزائر.. هو ما أكّده محافظ «سيلا»، محمد إيقرب، وقبل ذلك، أكّدته العلاقات السياسية والتعاون في أكثر من مجال، وأكّده التاريخ المشترك على مرّ العصور، تاريخ مشترك كلّلته مواقف روما الداعمة لقضية الجزائر وثورتها من أجل التحرر والاستقلال.
 نشرت محافظة سيلا على موقع التظاهرة الرّسمي، أنّ اختيار إيطاليا لتكون ضيف شرف هذه الدورة «قرار مدروس بعناية كبيرة لما بين الدولتين من علاقات وطيدة استراتيجيا وسياسيا واقتصاديا وتاريخيا وثقافيا»، مضيفة أنّ محافظ المعرض محمد إيقرب كان قد أكد أنّ هذا الاختيار «يعود إلى العلاقات التاريخية والاقتصادية والثقافية التي تربطها مع الجزائر، خاصة وأنّ إيطاليا دعمت القضية الجزائرية خلال ثورة التحرير، كما أنّ تراثها الثقافي الاستثنائي وأدبها المعاصر وإسهاماتها المختلفة، ستشكّل بلا ريب عناصر مواتية لمشاركتها الفعّالة والناجحة في التظاهرة».
كما أنّ التّعاون بين الجزائر وإيطاليا ليس وليد اليوم، تضيف محافظة التظاهرة، وذلك في مختلف المجالات بما فيها الثقافي، وعلى سبيل المثال، فقد وقّع البلدان، في نوفمبر 2021، ثلاث اتفاقيات تشمل قطاعات التربية والعدالة وحماية التراث الثقافي، وذلك على هامش زيارة الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا للجزائر. وقبل ذلك، يعود إلى الأذهان فيلم «معركة الجزائر» الذي يرصّع تاج التعاون الجزائري الإيطالي.
من جهة أخرى، فإنّ تجربة النشر في إيطاليا نموذجا جديرا بالاهتمام، وقد أحصى اتحاد الناشرين الإيطاليين (في 2021)، ما مجموعه 4977 دار نشر قامت بإصدار أكثر من كتاب خلال السنة، منها 71 ٪ أصدرت أقل من تسع عناوين، بينما أصدرت 120 منها فقط أكثر من 100 كتاب، و4.1٪ تخطّت عتبة الثلاثين إصدارا. وإذا كانت الأرقام تشير إلى هيمنة دور النشر الصغيرة والعائلية على المشهد الأدبي الإيطالي، فقد أدّت ظاهرة المركزية، على غرار البلدان الأخرى، إلى ظهور أربعة مجمعات كبرى تحتكر 5.52 ٪ من المبيعات.
وكما هي الحال في أغلب دول العالم، أثّرت الأزمة الصحية بشكل مباشر على هذا القطاع، وقد تمّ امتصاص صدمة الجائحة جزئيا بفضل المساعدات الحكومية، حيث سخّرت الدولة الإيطالية 81 مليون يورو لبرنامج دعم المكتبات وكتب الأطفال والتسهيلات الضريبية لصالح باعة الكتب ودور النشر الصغيرة ومشاريع الترجمة. كما موّلت «بطاقة مرور ثقافية» بمبلغ 30 مليون أورو، ما سمح للطلاب باقتناء الكتب الجامعية مجانا.
وينتظر أن يحتضن الجناح الإيطالي بمعرض الكتاب العديد من النشاطات واللقاءات، ونذكر على سبيل المثال لقاء حول الرواية التاريخية، مع ستيفانياأوتشي، ناشرة (دار الشمال) ومؤلفة رواية «أسود صقلية». وبالرغم من ولادتها في تراباني، إلا أن ستيفانيا باليرمية الروح، تشتغل كمعلمة وتكتب منذ سنوات، ونشرت روايتها التاريخية «فلورنسا» سنة 2015 ثم عكفت على سلسلة «فلوريو» الأدبية وجزئها الأول «أسود صقلية» المترجم إلى الفرنسية. أما تنشيط اللقاء فهو لباولا كاريدي، وهي كاتبة صحفية ورئيسة اتحاد الصحفيين المستقلين «ليتيرا 22». درست الأدب وتاريخ الأحزاب السياسية وتحصلت على دكتوراه في تاريخ العلاقات الدولية، كما تنتمي حاليا للجنة التحريرية لمعرض الكتاب بتورينو، وتشرف فيه منذ 2016 برفقة لوسيا سوربيرا على برنامج «الروح العربية»، الذي يحتفي بثقافات وطلائع المنطقة العربية وجاليتها.
ومن النّشاطات نذكر أيضا المائدة المستديرة حول «حرب التحرير ومساندة الشعب الإيطالي للقضية الجزائرية»، بمشاركة برونا بانياتو صاحبة كتاب «إيطاليا وحرب التحرير الجزائرية»، وأندريا برازودورو صاحب كتاب «جنود دون قضية: ذاكرة حرب التحرير الجزائرية»، وكاترينا روجيرو، صاحبة كتاب «تاريخ الجزائر المستقلة»، وماسيميليانو تارنتينو، رئيس مؤسسة فيلترينيلي، وسيتناول مساهمة المؤسسة في تأييد القضية الجزائرية.
ولن تغيب إيطاليا عن نشاطات سيلا الأخرى، حيث سيتم تكريم خمس شخصيات إيطالية من مختلف المجالات، ويتعلق الأمر بإنريكو ماتي (المدير العام لـ ENI) الحائز على وسام أصدقاء الثورة بعد وفاته، وهو شخصية أساسية ومحورية في علاقة الايطاليين بالثورة الجزائرية، والغاية من عقد هذه الندوة تسليط الضوء أيضا على الجانب الجزائري ممثلا في شخصية المجاهد والدبلوماسي الراحل الطيب بولحروف، الذي كان ممثلا للحكومة المؤقتة الجزائرية في روما عام 1958. كما سيكرم جيوفاني بيريلي (رجل أعمال، صاحب شركة تصنيع إطارات Pirelli)؛ دانتي كرويتشي (صحفي، سياسي، رئيس بلدية، ورئيس جمعية)؛ روبيرتو كريبا (فنان شارك في اللوحة الجدارية ضد الفاشية) سنة 1960؛ ليفيو مايتان (سياسي وزعيم اليسار الإيطالي والأممية الرابعة).
ليست هذه سوى بعض الأمثلة عن سلسلة طويلة من النشاطات في الأدب والمسرح والسينما والتاريخ وغيرها، تشكّل مجتمعة برنامجا ثريا ثراء ثقافة إيطاليا وتاريخها.