طباعة هذه الصفحة

الشاعرة صليحة نعيجة:

جل الشعراء يهاجرون نحو الرواية والقصة

قسنطينة: مفيدة طريفي

أكدت الشاعرة «صليحة نعيجة» في تصريح لـ»الشعب» أن الحديث عن الشعر هو مرادف للقيم وزرع بذور الجمال بالكون لغة وسلوكا وأداء، نقلا لرسالة الروح وتماهيا مع عالم لا يؤمن بالحدود لترسيخ الفكرة بشتى أساليب الكلام والكتابة، ونثره ببراري الحياة وبساتين الوجدان، متسائلة هل لا يزال الشعر حاجة من الحاجات الإنسانية الراقية للإنسان المثقف والبسيط معا، خاصة وأن الشعر ـ تقول ـ زاد هؤلاء كي يواصل كل واحد منهم معاركه اللغوية والفكرية، ويجسد حضوره على منصات القول والأداء بعد التأمل.

أشارت صليحة نعيجة، أن الشاعر اليوم يحتاج لنفس عميق وشحذ الهمة بطاقة ايجابية وأفكار جديدة تعتبر مفتاح باب الغموض، سيما وأنه يبقى رسالة الروح المتسامية على الواقع القذر، وتشذ به لترتفع عاليا في سمو الملائكة ترسم بسمة عند كل تنهيدة أو نقطة وفاصلة الكلام.  
وعن واقع الشعر في الجزائر أبانت صليحة نعيجة عن تشاؤمها في وصف الواقع المعاش بالجزائر، خصوصا  في نظرها أنه لا يوجد فرق بين الواقع والافتراضي، قائلة «نشهد موجات متتالية في هجرة كل الأسماء الشعرية المعروفة إلى عالم الرواية، التي تلقى رواجها وإقبال القراء عليها»، متسائلة عن الأسباب الحقيقية والخلل في هجر الدواوين الشعرية والذهاب نحو أصناف أدبية أخرى.
وأضافت «أعاتب زملاء الشعر الذين يعدون على الأصابع، لأنهم لا يناضلون ولا يصمدون أمام هذا الإنطفاء الجماعي للشعراء وانتحارهم كلاميا وكتابيا وحتى افتراضيا، أتابع في أسى جديد دور النشر للموسم الأدبي، فتصفعني الحقيقة بالإحصائيات كم شاعر أخرج باكورة جديدة ؟ لنقل خمسة أو ستة أو عشرة.. فهل هذا الرقم يعكس واقع الشعر بالجزائر؟ أين اختفى فطاحلة الكتابة؟».  
وأكدت الشاعرة في سياق حديثها، أن الأسماء الشعرية التي تنشر اليوم بقسنطينة تعد على الأصابع، مشيرة إلى أن الساحة الثقافية شهدت مؤخرا أعمال لكل من الشاعر محمد الأمين حجاج، ياسين بوذراع نورى، فريدة بوقنة، سوسن نورى، راوية يحياوى، عبد القادر رابحي والأخضر بركة فقط، هذا في غياب كوكبة من الشعراء الذين شوهد أن أغلبهم احترف النقد والبعض احترف الرواية والكثير منهم استقال كليا، حيث عكف ـ حسبها ـ البقية منهم على كتابة الأناشيد للأطفال والمسرح، لتقول إن المشهد لن يصمد إلا بالأوفياء للجنس الأدبي «الشعر» وذلك من باب الولاء والغيرة والولع لا غير.
الشاعرة التي تعتبر من أهم الأقلام الشعرية بالجزائر، تساءلت عن أهمية دور النشر التي تشرف على الطبع، المقاهي الأدبية والنوادي الثقافية التي تنظم دوريا لقاءات تناسب نزق الشعراء وتمردهم، دور وزارة الثقافة في توسيع دائرة النشاطات الخاصة بالشعر والشعراء، لتقول في ذات الشأن إن «الشعراء هم سادة القول، أمراء المنصات، صعاليك المشهد، أطفال البهجة، عقلاء الكلمة» وهو حسبها الكوكتيل الرائع لمشهد متنوع، بعيد عن كل ما هو تقليدي أو حديث، بعيدا عن كل التصنيفات من الغرابة، حيث يسجل اليوم أن شاعرا بالجزائر وصل لقمة المجد عربيا، لكن بالمقابل تجد أعماله لم تروج وطنيا لكنه عربيا يعتبر من الشعراء الأكثر طلبا.  
اليوم وحسب «صليحة نعيجة» الحركة الشعرية بكل الدول كقصيدة النثر والشذرة والومضة.. متواجدة ومتجدّدة بطريقة تدفع بالشعراء بالعمل والإبداع في نشر الدواوين الشعرية، لكن في الجزائر لا نزال نختلف في الأوزان ولا نعترف بالكثير من أجناس الكتابة، ولا نؤمن بها، قائلة بأننا نمارس كل هاته السادية في أبوة واستبداد يقتل روح الإبداع والمنافسة والندية، مؤكدة على أن المشهد في الجزائر خصوصا يحتضر في الآونة الأخيرة، لولا صمود الأقلام المؤمنة بالشعر ملحمة وقصيدة ورسالة لترسيخ قيم الخير والجمال.