استطاع الشاب الجزائري عمار قواسمية افتكاك المركز الأول في مسابقة «ترجمان العرب 2022» من بين 614 متسابقا من 28 دولة، وكانت مشاركته المتميزة نتيجة بحث دائم وسعي ونهل من نصائح ذوي الخبرة كما أكده في حوار مع «الشعب».
- «الشعب»: بداية من هو عمار قواسمية لمن لا يعرفه؟
عمار قواسمية: جزائري ينحدر من مدينة الشرَيعة بولاية تبسة، ولدت بتاريخ 29 فيفري عام 1992 بالمدينة ذاتها، حيث ترعرعت وكبرت ودرست الأطوار الثلاثة فيها بابتدائية الشيخ العربي التبسي ومتوسطة النهضة وثانوية مصطفى بن بولعيد. تحصلت على شهادة البكالوريا عام 2011 في شعبة الرياضيات، واخترت تخصّص المحروقات في جامعة ورقلة، حيث أنهيت دراستي فيها، لكن الحظ لم يسعفني للظفر بمنصب عمل في هذا التخصّص، بالإضافة إلى أنني لم أكن شغوفا به كثيرا فقرّرت المشاركة في البكالوريا مرة أخرى وفي شعبة آداب ولغات أجنبية، وتحصلت عليها مرة أخرى بمعدل 15 واخترت تخصّص اللغة الإنجليزية وآدابها ثم تخصّصت في الترجمة في طور الماستر.
أُدرّس اللغة الإنجليزية في العديد من المدارس الخاصة، ومؤخرا عبر الخط، حسب ما اقتضته إجراءات الوقاية من جائحة كوفيد-19، كما أنني أصمم دورات تعليمية في تدريس الترجمة وتدريبها للطلبة والمبتدئين.
- كانت لك مشاركة مميزة في مسابقة ترجمان العرب لعام 2022، حدثنا عن هذه التجربة وما تفاصيل هذه المسابقة وما الأهمية التي تحظى بها في ميدان الترجمة؟
مُسابَقَة «تُـرجُـمَـان الـعَـرَب 2022»، تنظمها سنويا المدرسة العربية للترجمة بجمهورية مصر العربية الشقيقة في نسخة 2022، شارك فيها 614 مُتسابقا مِن 28 دَولَة بِتَرجَمَاتٍ مِنَ العَرَبِيَّة إلى 10 لُغات أجنَبِيَّة، في سِتة تخَصصَات (التَّرجَمَة العامَّة والأدَبِيَّة والعِلمِيَّة والصحافية والقَانونِيَّة والدِّينِيَّة) وَقَد فازَ فِيها 40 مُتَسَابِقًا، افتَكَكتُ بَينَهُم المَركَز الأوَّل في الثنائية اللغوية (عربية -إنجليزية).
بالنسبة لتجربتي، فقد تركزت بالأساس على إحاطتي بالأنواع الستة للترجمة، وكذا الاجتهاد في إنتاج تراكيب تلائم اللغة الهدف ويستسيغها القارئ، فلا يحس بالغرابة أو الركاكة. خلال السنوات القليلة الماضية، مارست هذه الأنواع وكنت في بحث دائم عن تطوير ذاتي فيها، بالبحث والسعي والنهل من نصائح الخبراء والسابقين، والحمد لله أن وفقت في نيل المركز الأول.
أما أهمية المسابقة، فتكمن بالأساس في شِعار المدرسة وهو: مصنع المترجمين، حيث إن رؤية المدرسة وأساتذتها وعلى رأسهم الدكتور حسام الدين مصطفى هي أن تكتشف المواهب الشابة في الترجمة، وتؤطرها وترافقها لتحمل المشعل في باقي المشوار، وهذا يفتح بطبيعة الحال آفاقًا كثيرة أمام الطامحين والمجتهدين.
- تحصّلك على المرتبة الأولى في مسابقة ضمّت العديد من المترشحين وعلى مستوى عربي، ماذا يعني لك؟
المستوى دولي حقيقةً، وليس عربيا فقط، لأن عدد الدول المشاركة هو 28، منها 11 دولة غير عربية هي: الولايات المتحدة الأمريكية وإيران والنرويج والمكسيك وجنوب إفريقيا وألمانيا وأستراليا وفرنسا وكندا والصين والهند.
وعن ما يعني لي هذا الاستحقاق، اعتبره بالدرجة الأولى فخر لبلدي الذي رفع علمه في محفل دولي علمي كهذا، ثم هو بالنسبة لي تحفيز للمضي قدما في باقي المشوار بتوفيق من الله عز وجل.
- كيف تعد الترجمة جزءا مهما في الأدب برأيك؟
هي فعلا جزء مهم وأكيد في الأدب، من حيث أنها المركبة التي تسافر على متنها الآداب العالمية من عوالمها إلى عوالم أخرى: فلولا الترجمة لما قرأنا نحن أعمال شكسبير ولما قرأوا هم أعمال نجيب محفوظ. ولولا الترجمة لما سمعنا عن سندريلا ولما سمعوا هم عن ألف ليلة وليلة. ولولا الترجمة لما حافظ العالم على الإرث الإنساني من المعارف والعلوم؛ فالترجمات بعد الحروب والدمار الذي قضى على المخطوطات والكتب أصبحت كتبا أصلية يُترجَم عنها. قرأت مرة قولا مفادهُ أن عملًا غير مترجَم هو عمل نصف منشور، وهذا يؤكد على أن الترجمة تمنح حياة أخرى للأصل وتكسبه جمهورا أوسَع وتطير به بين الثقافات. الترجمة تجعلنا حقا نعرف الآخر، والذي من خلال معرفتنا به نعرف ذواتنا أكثَر.
- بالإضافة إلى أنك متمكن في مجال مهم، لديك العديد من الأعمال الجاهزة للصدور وأخرى تعمل عليها، هل من تفاصيل حولها؟
من مؤلفاتي كُتُب في مجال الترجمة، هي أربعة إلى غاية الآن، وسترى النور في القريب العاجل بإذن الله: «التَّرجَماء» وفي هذا العنوان تلاعب لفظي يجمع الكَلِمَتَين (الترجمة) و(الماء)، لأعبر به عن فكرة أن محتوى الكتاب هو منهل لكل متعطش للترجمة، وهو كتاب موجه لطلاب الترجمة والمبتدئين فيها.
«نُصوص مُسافِرَة» وفيه أعرض رحلة النصوص من اللغة الأصل إلى اللغة الهدف، وما يصحب عملية النقل هذه من تغييرات لغوية وضياع في المعاني وتصرف في التراكيب، «رُباعِيَّات المُتَرجِم»، جَمَعتُ فيه مجموعة خواطر كتبتها بشأن الترجمة وحب اللغة العربية.
«تَحتَ مِجهَر المُتَرجِم» أرصد فيهِ الأخطاء اللغوية التي تصادفني في استعمال الناس اليومي للغة أو في الأعمال التلفزيونية، ثم أعرض تصويباتها في سبيل نزع كل شائبة تشوب لغتنا العتيدة، إضافةً إلى كِتابَين آخَرَين أعمَل عليهما الآن.
- بالعودة إلى عمار قواسمية الشاب الطموح، ما المشاريع المستقبلية والأهداف التي يسعى لتحقيقها؟
بالدرجة الأولى، تطوير ذاتي ومهاراتي في الترجمة، خدمة للميدان وكل منتسبيه، كما أسعى إلى مواصلة الإنتاج الفكري الذي دأبت عليه منذ سنوات، خاصة في نشر المعلومات على فيسبوك وتصميم الفيديوهات التعليمية ونشرها في اليوتيوب. كما نطمح ونطمع، نحن المتخصصون في الترجمة، إلى تحريك عجلة هذا الميدان التي توقفت منذ زمن بعيد، خاصة بعد تعيين السيدة صورية مولوجي على رأس وزارة الثقافة، وهي دكتورة في الترجمة، عسى أن تسترجع الترجمة مكانتها الريادية في نقل العلوم وإنتاج المعرفة.