طباعة هذه الصفحة

ترانيم عاشق الحمراء

سمير خلف الله

تـذكَّـرتُ خُـلْـدي والـقُـرونَ الـخـوالـيـا    ومَا مـِنْ عـلـيـمٍ غـيـرُ قـيـسٍ بـحـالـيـا    
أنـا عـاشـق والعشق لـلروح غـاشـيـا    وقـلـبـي لأمر الـحـبِّ ما كان عـاصـيـا    
فـأيــن هــي خــيـلـي وأيـن الـمَـوَالـيـا    فـذاك الهوى أضْـنَى وفي القلب ثاويـا     
وأيــن هــي الأجــفــان إنّـيَ مــاضــيـا    لألْـقِـيَ مِـرسـاتـي بـتـلـك الـمَــرَاســيـا
فذاك الـهـوى ورقـاءُ تَـغْـشـَى كَـيَـانـيا    وأشـقـى لـوجـداني وما كـنـتُ جـانـيـا
فـؤادي لـزهــراءٍ ومـا لي سـوى هِـي    وإنِّـي كـــوَضَّــاحٍ قَــتِــيــل الـــمـآقــيـا  
وفي مهجـتي منهـا الـذي أعْـيَ بـالـيـا    كـطـعــنٍ لأرمـاح الـقَــنَـا والمَــطَـاويـا    
ولـسْـع جـِمَـار مَـــيــسَـمٍ والـمــكـاويـا    فــمـِنْ أيـن لـي تِـريـاق داءٍ وشــافـيـا ؟   
أحُـنُّ إلـى الحــمــراء فـالـقـلـب دامـيـا    ومِـنْ دونها ما كنتُ في الناس سـالـيا
أحُـنُّ لِـمَـا سِــفْــرُ الــذّخــيــرة راويــا    أحُـنُّ إلى أهـلـي وصَـحْــبــي ودُورِيــا
أحُـنُّ إلى أنـهــارهـــا والـــسَّــواقــيــا    وحـرفـي لأيّـــام اعــتــمـاد مـنــاغــيـا          
وما كـنتُ مَنْ يرجو الطبـيب المـُدَاويـا    فـهـذا الهوى روحي ولـسْـتُ مُـغَـالـيـا
بـأنـدلــس الأشـــواق قــلـبــيَ فــانــيـا    وحَـطَّ عــصـا الـتـّرحـال غـيـر مُـبـالـيا
بــلــيـلى ولـبـنـى أو بـهــنـد مـعَــاويـا    وما قال فـيـها بعـض نُـتْـف الـقـوافـيـا
ولا رام أنْ يــغــدو لـجــفــنٍ مُــلاقــيـا    ولا فـي هـواهـا سَـلَّ سـيـفَ المُـبـاريا      
ولـسـتُ أبـا الـولـيـدِ أفْـنَـى الـلــيـالـيـا    يُـنـاجي الـتـي يَـهـوى ولـلدَّهـر شاكـيـا
ولـسـتُ الـذي يـسـعـى بـقَـفْـرٍ مُـنـاديا    لطيفك يـا سـلـمــى ومـا مِـنْ مُـؤاسـيـا      
وغـيـرَ الـتي أحـبَـبْـتُ مـا كـنــتُ آتـيـا    ومـا دونها مـا كـان قـلـبـي مُـصـافـيـا
هـواهـا به في النّاس سِـرْتُ مُـبـاهـيـا    فـعـاد كـأخـبــارٍ لــبـلـقــيـس فــاشــيـا
أيَـمِّـمُ شـطـري صـوبـهـا والـنَّـواصـيا    وحـبـل جِـيـاد الـوصل ما كـنتُ راخـيا
نـسـيـم مِنَ الـبُـشْـرات جاء مُـنـاجـيـا    فـأحـيـا رمـائـمــي ومــا كــان بــالــيـا    
أنـا فـي هــواهـا لـحْـنُ نـايٍ وشــاديـا    ولـلحـبِّ والـتـِّحــنـان لـسـتُ مُــدَاريــا
فــمـنهـا لأنـفـاسـي حـبـيـب بــدا لـيـا    حـوى عِـطْـرَ نارِنْـجٍ ودَوْحَ الأضـالـيـا    
أحُـــنُّ إلــــى ولادةٍ والـــــسَّــــوَارِيـــا    أحُـنُّ إلى مَــنْ هُــمْ عُـدُولُ الـحَـوَاريَـا  
مـتـي طـلَّ وجـه كـان سِــحْـرا إلاهـيا    فعَـنِّي جِـرَاب المِسْك عـنِّـي الـيـمانـيـا  
وذَرْني فؤادي في هوى حِمْصَ ساجيا    فـإنّـي بـحَـصـبـاء الـرّيـاض مُـجَـازيــا
ومـا رُمْـتُ مَـنْ قـالـتْ بــأنّــك قـاتـلـي    بـسـهـم الهوى أو كنتُ للـثغـر ساعـيا
وقـلـبي بـحُـبِّ الـغِـيـد مـا كـان عـانـيا    ولا كـان لـلــحـــوراء يــومـا مُــوَالـيـا
فـأنـدلـســي حُـبّـي وبالـقـلـب جــاثــيـا    وعُــود مِـنَ الـفـيـحـاء لحـنا شدا لـيا    
وقـولي لمَنْ قـالــوا شَـغـُـوفـا بـنـائـيـا    بـأنَّ الـنُّهى سَكَـرَى بما في الـقـنـانـيـا
هي أختُ للـعـنـقاء ما مـسـّـهـا الـرَّدى    فـعَــنّي مـقــالات الأسـى والــتّـَـعـازيـا
ولـي قـرَّة وقْــف عــلـيــهــا مِـدَاديـا    وما في الورى أوفى لهـا مـن يَـرَاعِـيَا
يَـراهـا كما قـد قِـيــلَ فـي وجـه مَـارِيَـا    فـيـنـساب فـيها الشِّعـرُ مـثل المـَثَـانِـيا
وما لـك يـا قـلـبـي عـلى الرّسـم حانـيا    وذِكْـر لـه مـا كُـنـتَ بـالـنـسّيِ مـاحـيا
ومـنه الـذي في القـلب مـا عـاد دانـيـا    ولـو تَـقْـضِـيَ الأيّـامَ والـعُـمّــرَ بـاكــيـا   
وهَـيـَّـجَــتِ الــذِّكـرى حَـنَـايـا فــؤاديــا    فـيـا داخـل الـفــيـحـاء بــلِّـغْ ســلامـيـا   
وصِفْ للتي أهـوى عـظـيـمَ مُـصَـابـيـا    وصِـفْ لـلـتـي أهـوى رَزَايـا غـرامـيـا  
وقُــلْ إنِّـنــي بــاقٍ كـمـا كــنـتُ هـاويـا    وما وَصْل حسناء القرى القلبُ راجـيا
وإنِّي لـذاك الـعـهْـدِ مـا دُمــتُ سـاعـيـا    عـلى الـدرب مـا بـدَّلـتُ يوما لـرَحْـلـيـا
مـتـي لاح فـي الآفـاق نـجـم أتـي لـيـا    بـفـيـضٍ مِـنَ الإحـساس جَـدَّدَ مـا بـيـا
وحرفي بما في البال في النّاس داعـيا    يُـرَدِّدُ أشــعـار الـجَـوى والــمَـغــانــيـا
وغُـرْد بـما في مُـهـجــي سـار واشـيا    ويـروي إلى الـعـشَّاق ما لـيس خـافـيا
أنـا فـي هـواهـا كـالـفـتـى الـغِـرِّ بـاديـا    يَـبــيـتُ لأهـْـوَال الـصَّــبَـابـةِ صـاحـيـا
وإنْ حـظـرْتْ تـنساب فـيـهـا الـمعانـيـا    كـسـيلٍ لـعَــارضٍ ومُــزْنِ الِــشــواتـيـا   
متى حَـدَّثَ الـخِلانُ عَـمَّـا اسـتـوى بـيا    هـنا تـبـلـغ الـورقــاء حَــدَّ الـتــراقــيـا
ومـــا مــسَّــنــي وُدّ ولا جِــنَّــة بــيـا    ولـكِـنْ غـرامَ غــادتــي هــو مــا بــيـا   
وإنِّـي لـهـا أحــيـا وبــعــد مَــمَــاتــيــا    تُــؤَنّـِـسُـني في الـلـحـد قـبـل مُـقَـامِـيـا
ومـا فـي بـنـات الإنـس وجه مُـكَـافـيا    لأغـدو بـسهـم الحُـبِّ في الجمع رامـيا         
فـغـرنـاطـة الحـمراء مَـهْـوى جَـنَـانـيا    وأخــــت لـهــا جَــيَّــانَ واديَ آشــيــا
فـــيـا طــارق الــرَّيـان حَــيِّ مُــرَاديــا    وبـلّـغْ تـحِــيّــاتـي لأسْــمـى مَــرَامــيـا   
فـما غـايـتـي ذات الـتُّــقـى والـغـوانـيا    ولا مُـنْـيَـتـي خَـمْـر الـلّـمى والـدَّوالـيـا
وإِّنـِي أخـو قـيـسٍ ومـا كــنـتُ نـاسـيـا    فـحُـبّي لها رَحْـبُ الـفـضـا المـتـرامـيـا
وأسْـعَـى إلـيـهـا راهـب سَـاحَ حـافـيـا    ومـا لـي ســوى بُـرْدُ الـمـودّة كـاسـيـا
وما لي بـشُرياني سـوى الحـبِّ جـاريا    ومـا لي سـوى قـلـبـي مُـحِــبّا وفـاديـا
وإنِّـي أبـيـتُ الـلـيـل يـقـضـان سـاهـيـا    وما كـنتُ لـلـنجـمات والـغِــيــدِ راعـيا
لأنِّـي مُــتَــيَّــم شـغُــوف ومــا لــيـــا    سِـواهـا صَــفِــيَّـة ومـا مِـنْ مُـجـاريـا
بــدفــتــر أوراقـــي نِـداء الــمُــنَــاديــا    بـحيَّ عـلى الصَّـلاة عـنـد الـصَّـحـَابـِيـا
مـتي أشْــرَقــتْ أنـوارُ لـلـمـــتـعـــالـيـا    تَـبَـدَّى بـعــيـني حُـسْـنهـا الـمـتـسامـيا
فـعـنّـي تَــغـَـنِّـي بُــلـْبُــلٍ والـمَـلاهــيـا    وعَـنِّي فـمـا مـنها لها مِـنْ مُــضـاهـيـا
بها مُـقْـلة الحوراء والـرَّبــضُ حـاويـا    فـسُـبحان مَـنْ سَـوَّى ومَـنْ كـان باريا
لـئِـنْ كـنـتُ وسْــنَـانـا تَـحُـوز مَـنَـامـيـا    وتَـصْـحَــبُ لـي أيَّـــان لـم أكُ غـافــيــا
ومـا حـاجـة لي فـي تـعــاويــذ راقـيـا    فـهذا الهوى غـيـث ولـلـرُّوح سَـاقِـيـا
ومـا فـي الـورى إلا الـنّـَوى مُـتـنـاهـيا    يُـخَــبِّــرُ عَـمَّـا فـي الحَـشَـى مُـتـواريـا
وإنِّي لـَـقَــيْـسُ عَــامِــرٍ أو مُــسَــاويـا    أهــيـمُ كَـبُـلْـهٍ فـي الـقُــرى والـبـواديــا
لـفرط الـجـوى ما عُـدّتُ أعْـقِـلُ ما بـيا    فـكـلُّ جـوارحي كَـصَـرعَـى الـمَـغَـازيـا
يُـرَى طـيـفـهـا ظـلّـي ومِـنّي مُــدانــيـا    فـيـا عـاذلــي مَــهْـلا ولا تَــكُ قـاســيـا
وما كـنتُ أصْـغـي لـِلَّـَجُـوج الـمُـمَـاريا    فــفـي ذِكـْـرها يـأتي أراجـيــف لاغــيا
وإنَّ لِـرَبِّ الــنـاس والـخَـلْــق سُـؤْلـيـا    أيا ربُّ حَــقِّــقْ لــلــفــؤاد الأمــانـــيــا
فـإنَّ الــزَّمــان بالـــغـــرام ابــتـلانــيــا    فمَنْ ذا يُـجِـيـرُ مِـنْ كُـرُوبِ الضّـواريا   
بقلبي هــواهـا كـالـجــبـال الــرَّواسـيـا    ومـا دونـهـا بـحــور نَـظـمـي جـوافـيـا                  
ويَـصــبُـو لـهـا قــلـبـي بــكـلِّ نـهـاريـا    وروحي بها تَـسْعـى بـجـوف الأمَاسِـيا
أيـا مَــنْ ثــرى جَــيَّـان أو بَــلْـشَ آتـيـا    لـهــا قُـــلْ بـأنِّـي لا مــحـالـة غــاديـــا
وإنِّي بـهـا ولـهــان والـحــبُّ قـاضــيـا    بـأوْبـي لـهــا يــومــا وحَـثِّ ركــابــيــا  
تـركتُ لمَا في الحـُورِ يـسـعـى ورائـيـا    فـكـلُّ الـذي فــيـهـا بـعــيـنـي فَــيـافِــيـا
ومـا كـنـتُ درب الغِـيـد يـوما مُـؤاخـيـا    ولا لِــلــوَاءات الـــخــصـام مُـدَاجـــيـــا
وإنْ في الـمُـنى مـا قلتُ نَظْـما ووافـيـا    فـحـتما هـي يـومَ الحـسـاب تُـقَـاضــيـا
ويـأتي كـتـابـي دائـنـا عَــنْ شِـمَـالــيـا    وهـيـهـاتَ عـنِّي مِـقْـولي أنْ يُـحَـامـِيـا
فـيـا زائــر الـحَــمْـراء بـلِّـغْ مَــقَــالـيـا    وقـُــلْ لــلـتـي أهـــوى بـــأنَّــكِ دائــيـا
وإنْ ما عَـلـِقْـتُ ما بأمْـسي سَـبَـى لـيـا    فـإنِّي بـمـا فـي الأرض لـلــدَّاء شـاريـا  
ألا خــبِّــــروا الــــدَّاراتِ أنِّــيَ أتِــيــــا    لأغْــــشـــى رُوَا ولادةٍ والــنـــواديــــا
وإنِّي عِــنـانُ الـخَــطْـــو لا بُــدَّ لاويـــا    لمَنْ أيـقـظـتْ حِـسّي ونـبـضَ خـيـالـيـا
هـي أخــتُ عـلـيـاءٍ إلــيـهــا مَـسَـاقـيـا    وطــاب بـهـا مَــمْـشــى وطـاب مـآلـيـا
ولــلـقـلـب لي مـنـهـا مـواويـل حـاديـا    ولي مــثـلـمـا نـجـم لـمَـنْ ظـلَّ هـاديا  
ولي مَطْهَـر إنْ خَـطْبُ سوءٍ اعـتلانيا    ومِحـراب روحي قُـرطُـبـا والضواحـيا
يَرى حُـبَّها مَنْ سار في النَّاس عَـامـيا    فـكـيــف بَـصِـيـر الـحـيِّ أو مُـتـَعـَافـيـا؟
تـَرَاهـا الـرُّؤَى تـخـتـال فـوق بَــنَـانـيـا    وأنّـَى هـي شـاءتْ ومـا مِـنْ نــواهــيـا
وما كـان حُـبُّ الغـيـد لـلـقـلـب كـاسـيـا    وبُـعـْـدا لـمَـن تَـهـوى دروب وِصَـالـيـا
زهِـدّتُ بـدنـيـا الـناس ما عُـدّتُ راجـيا    سـوى أنْ أرى مَثْوى الألى والـبَـواقـيا  
تُــعَـــطِّـــرُ أيَّـامـي بــطِــيـــبٍ شَـآمِــيَـا    فـأغـدو عـلـى بـحـر المَـسَـرَّة طـافــيـا
ثــمـانــيــة مَــرُّوا مُــرُورَ الــثَّـوانــيـا    وطــيــف كأحـلام الــشَّــبـاب أمـامـيـا
فـهـيهـات يُـغْــني عـن ودَادِي يَـبَـابِـيـا    وإنِّي لـيـوم الـبَـعْـثِ لـلـوصـل شـاهـيـا
فـيـا طـارق الأجـفـان هُــنَّ الـنـواجِـيـا    وطُـولُ الــتّـنـائـي والـبَـلى ما نَهَى لـيا     
هـواهـا بـقـلـبـي ســيـلُ جـمْـرٍ وواديـا    وإنِّي بـما تـقْـضـيْ الـمـقـاديـر راضـيا
لـيــوم الـــتَّــنـاد حــبُّـهـا لِـيَ كــافــيــا    ومـا لـي ســواهـا فـي مَـقُـولِ كِـتـابـيـا
ثـلاثـون عـامـا والـهـوى نـاب ضـاريا    ونار الجَـوَى تَـسـري بقلبي كـما هِــيـا
وقَـصْـر مَـنَ الأحـلام بـالـوهــم بـانـيـا    ومــا دون ويـلات الـــصَّـبـابـة واقــيـا
فـلـيـتَ الـذي قـد كان مـا كـان ماضـيـا    ولــيـت الـذي ولّـى هـو الــيـوم أتــيــا
وربّـِي لـمـن أشـكـو الـهـيـام ومـا بـيـا    وقـلبـي قــريـر مـا اشتكى حُـبَّهـا لـيـا   
فــمـنِّـي لـهـا وَجْـدي ودَوْحُ حَــنَـانــيـا    ومـا كــنـتُ لـلـوجـدان والـحُـبِّ ثَـانِـيـا