40مليون طن لتغطية الاحتياجات الوطنية
أثار التوتر الحاصل بين روسيا وأوكرانيا مخاوف من تأثر سوق القمح الذي ارتفع إلى مستويات قياسية، خلال الأسابيع الأخيرة وبنسبة 12بالمائة، خاصة وأنّ روسيا تحتل الصدارة وأوكرانيا المرتبة الخامسة عالميا في إنتاج هذه المادة، في حين، الجزائر تعتبر من البلدان الرائدة في استهلاك القمح وبنسب تتراوح بين 70 و 100 مليون قنطار، إلا أنّ الفاعلون في قطاع الزراعة استبعدوا حدوث أزمة في تموين السوق الجزائرية بالقمح خلال هذه السنة.
طمأن الخبير الفلاحي لعلى بوخالفة في تصريح لـ «الشعب»، أنّ تبعات الصراع الأوكراني-الروسي لن يحدث أزمة في مخزون القمح خلال السنة الجارية، مشيرا أنّ الجزائر مطالبة بتحويل التهديدات إلى تحديات، خاصة على ضوء الظروف الحالية التي تتميز بالجفاف المتزامن مع استغلال فرصة ارتفاع أسعار النفط والغاز إلى مستويات قياسية، حيث أكد أنّ الجزائر بلد فلاحي بامتياز يملك كل الإمكانات لإنجاز المشروع الذي يضمن تحقيق الأمن الغذائي للمواطنين.
أوضح أيضا، أنّ الجزائر بلد منتج للحبوب بامتياز، خاصة القمح الصلب الذي يمكن زراعته في كل مناطق الوطن من صفر إلى ثلاثة آلاف متر على سطح البحر، علما أنّ نجاح الزراعة مرتبط بتوفير الماء لضمان الري الإقتصادي والذكي.
ويجب الاعتماد على عدة مصادر لتوفير هذه المادة الأساسية لإنجاح التنمية الفلاحية، على غرار تحلية مياه البحر لاستغلالها في الزراعات الساحلية في مسافة لا تبعد بعشر كيلومترات عن الشاطئ للتقليص من تكاليف إنجاز القنوات لإيصال المياه.
واقترح في إطار الإستراتيجية التي يجب اعتمادها في آفاق 5 سنوات من أجل تحويل الجزائر من بلد مستورد إلى مصدر للقمح، إنشاء سدود صغيرة ومتوسطة الحجم مع حواجز مائية لتجميع مياه الأمطار الغزيرة التي تهطل خلال أواخر الصيف وبداية موسم الخريف والتي غالبا ما تتسرب إلى البحر، هذه الثروة المائية تستغل في الولايات التي تبعد عن الساحل وخاصة الهضاب العليا،أما بالنسبة لأقصى الجنوب، فيجب تهيئة المساحات الكبرى مع توفير الطاقة وإنجاز المسالك والطرقات لتسهيل التنقلات إلى هذه الأراضي.
وأكد أنّ الجزائر أمام تحدي اعتماد إستراتيجية ناجعة لإنتاج 40 مليون طن في الهكتار من القمح لتلبية الطلب الوطني والاستغناء عن الاستيراد، حيث يجب أن يسلط الضوء على الاستثمار في مناطق الجنوب خاصة على مستوى ولايات إدرار،المنيعة، الجلفة التي أجريت تجارب عديدة على مستواها وأعطت نتائج إيجابية في زراعة القمح الصلب بمردودية مرتفعة تصل إلى حوالي 80 قنطارا في الهكتار.
قال المتحدث بالرغم من أنّ الجزائر من البلدان القليلة في العالم التي تعتمد على القمح ومشتقاته في نمطها الغذائي، حيث تستورد سنويا من 8 إلى10 مليون طن من مختلف بلدان العالم وخاصة روسيا وأوكرانيا الرائدتان في إنتاج المادة الغذائية، إلا أنّها لن تتأثر بإمدادات السوق العالمى من القمح، لأنها تعتمد على سياسة التنويع التجاري.
وأشار في سياق آخر، أنّ أوكرانيا تعتبر بلدا فلاحيا بامتياز بتربة متميّزة ومردودية عالية، حيث ينتج عالميا حوالي 12بالمائة من القمح 20بالمائة من الذرة الصفراء و20بالمائة من السلجم، وتمتلك مخزونا يقدر بـ 9 مليون طن من القمح وبين 6 و 7 مليون طن من الذرة الصفراء، حيث تمثل هذه الكميات نسبة ضئيلة جدا من احتياجات السوق العالمية، ويصعب حتى تصديرها نظرا لمايحدث من توتر بين البلدين.
وشدّد أيضا على ضرورة الاستفادة من تأثيرات هذه الأزمات، أيّ ظاهرة الجفاف والصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا وخاصة مع إرتفاع أسعار المحروقات،»البترول والغاز» في الإستثمار في مجال الفلاحة والاستغناء مستقبلا على الاستيراد، واستغلال سقوط الأمطار لإنشاء سدود وحواجز مائية كبيرة.
وطمأن الخبير الفلاحي المواطنين، أنّ الجزائر لا تتأثر بتبعات الأزمة الروسية الأوكرانية، بخلاف العديد من الدول التي يمكن أن تعيش مشكلا حقيقيا بسبب اعتمادها على القمح الأوكراني الذي يمثل نسبة تصدير 18 مليون طن من إجمالي 24 مليون طن، ما يجعلها خامس مصدر للقمح على مستوى العالم، لكن دول العالم الثالث تشكل أهم مصدر لواردات القمح الأوكرانية.
ختاما، أكد لعلى بوخالفة، أنّه في حال تطبيق هذا البرنامج ستتحول الجزائر من بلد مستورد للقمح إلى بلد يحقق الاكتفاء الذاتي وينافس الدول الرائدة في هذا المجال، حيث أشار إلى المخططات التي وضعتها الحكومة لإعادة الاعتبار للقطاع الفلاحي واستغلال القدرات الوطنية، التي من شأنها تحقيق الأمن الغذائي.