ناقش مختصون وباحثون تحسين التكفل بالمصابين بالتوحد، في ملتقى دولي بجامعة البليدة 2 عن طريق التحاضر عن بعد، بمشاركة متدخّلين من دول عربية على غرار تونس، مصر والكويت، ودول أوروبية كفرنسا وبلجيكا وسويسرا، تحت شعار “طفل التوحد..واقع وآفاق”.
أفادت المتخصّصة في علم النفس العيادي فتيحة بن موفق، رئيسة لجنة التنظيم، إنّ دوافع إقامة هذا الملتقى العلمي تتمثل أساسا في نقص التكفل بمرضى التوحد في بلادنا، حيث أبرزت في هذا الصدد: “سبق لي وأن عملت مع مرضى التوحد، وتوقّفت على معاناتهم ونقص التكفل بهم”.
وبحسب الأستاذة الجامعية التي تنتمي لمخبر الصحة النفسية، فإنّ ثمّة ثلاثة مطالب رئيسية سيرفعها المجتمعون إلى السلطات لأجل تحسين التكفل بأطفال التوحد سواء الصغار أو الراشدين، وأهمها التشخيص المبكر للمرض.
وأوضحت في هذا الشأن: “إذا استطعنا القيام بالتشخيص المبكر في بداية العمر، أي قبل أن يبلغ الطفل سنتين، وهذا الإجراء وقائي أكثر من شيء آخر، فيصبح من الممكن القيام بتكفل مبكر وجيد فيما بعد، وسيسمح ذلك لاحقا له بالاندماج في المجتمع”.
وأبرزت قائلة: “سيبقى للطفل شخصية توحّدية، فقد يفضّل الجلوس بمفرده وتكون لديه اجترارات، لكن سيكون مندمجا تماما ويمكنه العمل وتشكيل عائلة وإقامة علاقات اجتماعية، غير أنّه سيحافظ على خصوصيات شخصيته التوحدية، ولضمان هذا ينبغي كفالة مبكرة ومتابعة له”.
وسلّطت المتحدّثة الضوء على واقع التكفل بمرضى التوحد في الجزائر، مفيدة “غالبا ما نجد في الجزائر أن التكفل بمرضى التوحد يتم عن طريق جهود الأولياء الذين قد يستنجدون بأخصائيين نفسانيين أو أرطفونيين، كما أنّ مراكز التكفل بهم موجودة لكنها غير فعالة بسبب نقص التكوين لدى القائمين عليها، وحتى نشاط الجمعيات غير كاف وجهودها مبعثرة”.
وأما المطلب الثاني فيخص التمدرس والإندماج في المجتمع، والذي يصبح ممكنا لأطفال التوحد إذا ما تم كشف المرض لديهم مبكرا، وتم تحضيرهم لمرحلة جديدة.وتوضّح الأستاذة بن موفق “نبدأ بالتشخيص الجيد المبكر، وبالتالي يمكن أن نعرف الشخص الموحّد ونحضره للدخول إلى الروضة أو المدرسة لإدماجه في المجتمع، خاصة وأن الأولياء همهم الشاغل تمدرس أبنائهم..”
وأثارت في هذا الصدد الإطار القانوني الذي يصون حقوق هذه الفئة، “هناك قوانين تسمح لأطفال التوحد بالالتحاق بالمدارس العادية أو ما يسمى بالأقسام المدمجة لكن هاته الأخيرة ليس لها الإمكانيات، والأشخاص الذين يشرفون عليها غير مكوّنين”.وتابعت المتحدّثة: “هناك بعض الأطفال يمكنهم الدخول إلى المدارس، ويتم رفضهم من الأستاذة الذين لا يعرفون كيفية التعامل معهم، وأعتقد أن مقترح توظيف مساعدين تربويّين في الابتدائيات سيسهم في التكفل بهذه الفئة، ونرغب في أن نوصل الطفل الموحد إلى سن الأربعة أو الخمسة، وبإمكانه التمدرس بصفة عادية”.وتطرّقت بن موفق إلى مطلب ثالث، وهو الاهتمام بالمتوحدين الراشدين، أي الأطفال الذين تجاوز سنهم 18 سنة وخرجوا من المراكز، وفي هذا الصدد دعت ضمنيا إلى تعزيز المنظومة القانونية التي تصون حقوقهم، كأن يغطي الضمان الاجتماعي مصاريف العلاج الأرطوفوني والنفسي لهم.