تراجع الإصابات لا يعني عدم احترام البروتوكولات الصحية
بعد نزول منحنى الإصابات اليومية تخلى المواطن عن قناعه الواقي وصار أقل احتراما للتباعد الاجتماعي، معلنا عودته إلى حالة التراخي، زاده تعالي أصوات تؤكد انتهاء الوباء إصرارا على لامبالاته واستهتاره، مؤشرات ثلاثة حدّدها الباحث في علم الفيروسات، محمد ملهاق، تثبت بقاء الوباء غير مستبعد واحتمال موجة خامسة بعد رابعة يطيلها عدم احترام الإجراءات الوقائية بأسابيع أخرى، خاصة مع ظهور المتحور الفرعي (BA2) المرشح لأن يكون المسيطر على الخامسة.
يرى الدكتور محمد ملهاق وجود احتمال دخول الجزائر في موجة خامسة بعد انتهاء الرابعة التي بلغت ذروتها 2500 إصابة جديدة في 25 جانفي الماضي، لوجود ثلاثة مؤشرات مهمة هي التراخي السائد بعد انخفاض عدد الإصابات في الأسابيع الأخيرة، وبطء وتيرة التلقيح، أما المؤشر الثالث فتعلق بظهور وانتشار المتحور الفرعي (BA2) سريع العدوى.
وعن المؤشر الأول قال الدكتور أنّ المواطن الجزائري تعوَّد عدم احترام الإجراءات الوقائية خاصة ارتداء القناع الواقي والتباعد الاجتماعي في كل مرة يبدأ منحنى الإصابات في النزول، حيث نلاحظ حالة من التراخي والاستهتار تسود المساحات والفضاءات العمومية، وبالرغم من تحذيرات المختصين والأطباء من التعامل بسلبية تجاه الإجراءات الوقائية استبعدها المواطن من قاموسه اليومي، ما جعل من الموجة الخامسة احتمالا واردا، بالإضافة إلى مساهمة حالة التراخي في إطالة عمر الموجة الرابعة بأسابيع أخرى بسبب خاصية الانتشار السريع والكبير للمتحور أوميكرون وسلالاته الفرعية.
أما فيما يتعلق بالمؤشر الثاني، أوضح ملهاق أنّ ضعف وتيرة التلقيح بالنظر إلى الإقبال الضعيف على مراكز التلقيح، سيكون له أثرا عكسيا على المناعة الجماعية بسبب عدم تحقيق أو بلوغ النسبة المنشودة من التلقيح، وعليه لن تحمي النسبة المحققة إلى غاية اليوم من موجة جديدة محتملة، يؤدي فيها ضعف الإقبال على التلقيح دورا محوريا في انتشار العدوى.
في ذات السياق، تحدث ملهاق عن المؤشر الثالث المتعلق بوجود المتحور الفرعي (ب ا 2) الذي يتميز بسرعة انتشاره وانحساره في الجزائر، ما يرجح احتمال إطالة الموجة الرابعة، مع وجود احتمالات علمية تنذر بحدوث موجة خامسة، دون استثناء فرضية ظهور متغير جديد بعد «أوميكرون» خاصة على ضوء المؤشرين الأولين المتمثلين في حالة التراخي وضعف نسبة التلقيح، مؤكدا أنّها احتمالات وتوقعات علمية تحتمل الصواب والخطأ، مثلما أخطأ مروّجو عدم خطورة «أوميكرون» وانتهاء الوباء.
وأكد محدثنا ضرورة الإبقاء على حالة الحيطة واليقظة من خلال احترام الإجراءات الوقائية بالدرجة الأولى التقيد التام بالبروتوكولات الصحية التي يهملها كثير من المواطنين بالرغم من أهميتها كارتداء القناع الواقي والتباعد الجسدي والاجتماعي، بالإضافة إلى التلقيح لأنه السبيل لتحقيق مناعة جماعية تحمي المجتمع من أيّ احتمالات واردة لموجة خامسة.
فيما لاحظ الدكتور أنّ معارضي التلقيح ليست ظاهرة خاصة بالمجتمع الجزائري بل هي ظاهرة عالمية مسّت جميع المجتمعات، لكن استطاعت تلك المجتمعات بالرغم من وجود التيار الرافض للتلقيح بلوغ نسبة تلقيح تفوق 70 بالمائة من مواطنيها كفرنسا، والنرويج التي تجاوزت نسبة التلقيح فيها 80 بالمائة، وهو ما أفضى إلى رفعها للتدابير الاحترازية والإجراءات الوقائية، فتحقيقها للنسبة المنشودة من المناعة الجماعية يضعف آثار أيّ موجة محتملة.
وفي ذات السياق، نفى المختص في علم الفيروسات انتهاء الوباء لأنه مازال باق ويتحور بصفة مستمرة، مذكرا بتصريح رئيس منظمة الصحة العالمية الأخير الذي أكد وجود احتمال أن يشهد العالم تحورات وطفرات جديدة للوباء، مرجّحا احتمال ظهور بؤر جديدة وخطيرة للوباء، وقال ملهاق أنّ توطين الفيروس لن يكون بدون بلوغ المناعة الجماعية التي تحوله إلى فيروس عادي مثل الانفلونزا الموسمية، حيث يشكل بؤر مؤقتة وضيقة على عكس ما نشاهده اليوم في كونه عالمي.