طباعة هذه الصفحة

ندوة حول ممارسة رياضة المستوى العالي في رمضان

التجارب والفحوص الطبية تختلف من رياضي لآخر

محمد فوزي بقاص

تضارب كبير في الآراء والأفكار؛ ذلك ما ميّز الملتقى الذي جمع الأخصائيين في الرياضة من مدربين، باحثين ودكاترة، في قاعة المحاضرات بمركب غرمول بالعاصمة، والذي حمل عنوان ممارسة رياضة المنافسة أثناء شهر رمضان، والتي عرفت حضور أسماء ثقيلة في عالم الرياضة على غرار الدكتور «علي حكومي»، والبروفيسور «ياسين زرقيني» عضو في اللجنة الطبية للفيفا، ووزير الشباب والرياضة السابق «عبد العزيز درواز».
وقبل انطلاق أشغال الجلسة، وقف الجميع دقيقة صمت ترحما على أرواح شهداء غزة بفلسطين الذين يعانون ويلات القصف البري، الجوي والبحري الصهيوني.

بداية الجلسة كانت مع الدكتور «علي حكومي»، الذي عرض على الحضور مجموعة بحثه الطويل الذي دام لسنوات بحكم تجربته الطويلة مع الرياضيين، وقال إن الذي دفعه للقيام بهذا البحث هو معاناة الرياضيين الذين يعالجهم والذين غالبيتهم يفقدون الوعي جراء العمل المكثف في رمضان. وكشف أنه في حال صيام 30 يوما من شهر رمضان زائد الستة أيام «الصابرين» يؤدي إلى فقدان 6 من المائة من إمكانات الرياضي، وقال: «في مباراة التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2010 ضد زامبيا، المنتخب الوطني فاز بشق الأنفس بهدف يتيم ويومها قال سعدان بعد نهاية المباراة، أعتقد أن الصيام ترك آثاره على اللاعبين»، وأضاف: «مرسلي عندما كان في أوج عطائه، ركض صائما في إحدى المنافسات ودخل رابعا»... حكومي ذهب إلى أبعد من ذلك، حين قال لإنقاذ الرياضيين سأل رجال الدين وأكد بأن غالبيتهم يقسم الرياضة إلى قسمين رياضة التسلية ورياضة المنافسات وتختلف آراء رجال الدين بين مؤيد لقضية الإفطار وبين رافض للفكرة، بداعي أن الرياضة تسلية وليس أمراً إجباريا.
الدكتور حكومي ومن أجل التأكد، هل الشهر الفضيل يؤثر على اللاعبين أم لا؟، قام بتجارب على مجموعة من الطلبة في المعهد العالي لتكنولوجيات الرياضة وعدائين في الرياضة العسكرية، وأخضعهم لمجموعة من التمارين والتجارب الرياضية والطبية قبل، أثناء وبعد رمضان، وتأكد في الحالتين بأن حجم العمل البدني المنجز من قبل المجموعتين تراجع كثيرا وبدرجة أكثر بالنسبة لمجموعة الطلبة. أما قبل وبعد رمضان، النتائج كانت أفضل للمجموعتين. وأخضع عدائي الرياضة العسكرية إلى عدة تجارب تيقّن منها بأن كل التمارين بقيت على حالها قبل، أثناء وبعد شهر رمضان، إلا في التمرينين الخاصين بسباق التحمّل وسباق القوة. كما كشف بأن درجة حرارة الجسم للمجموعتين قبل وبعد رمضان تكون مستقرة بمعدل 0.85 درجة مئوية للمجموعتين، في حين في شهر رمضان ترتفع درجة حرارة الجسم بدرجة للمجموعتين.
مجموع هذه التجارب أوصلت الدكتور علي حكومي إلى خلاصة، أن كتلة الدهون تقل بالنسبة للمجموعتين مع نقص في الفعالية والأداء بسبب الالتزام البدني.
ومن بين التوصيات التي سنّها الدكتور، النوم في الوقت للاسترجاع، عدم التدرب في أجواء الحر، المراقبة الطبية الصارمة في رمضان، التدرب 3 ساعات بعد الإفطار، وضرورة تناول وجبة السحور دقائق قبل الإمساك مع تناول كميات كبيرة من المياه، وحتمية الخضوع للراحة بعد نهاية شهر رمضان من أجل الاسترجاع.

زرقيني: «كل الدراسات تؤكد أن الرياضيين تزداد فعاليتهم ويتحسن أداؤهم أثناء الصيام»

من جهته البروفيسور «زرقيني»، عضو اللجنة الطبية للفيفا، لم يشاطر الرأي بالنسبة للتجارب والبحوث الذي قام بها الدكتور «حكومي»، وقال: «جسم الإنسان جد متطور وأعطيك أمثلة أخرى مناقضة للتي قدمتها، عداء تانزاني فاز بالميدالية الذهبية في سباق 5000 متر ولم يتأثر أبداً. في منافسة رابطة الأبطال الأوروبية، اللاعبون الذين يلعبون وهم صائمون يكونون الأفضل فوق الميدان، وكل التجارب التي قمنا بها على أعلى مستوى تؤكد بأن الرياضيين الذين يقررون الصيام، تجاربهم الطبية والبدنية جد عادية. وأعطيك مثالا، «غيرو»، المدرب السابق لأوكسير، كان يندهش لأداء تاسفاوت أثناء التدريبات والمباريات في رمضان. ونشرت عدة تقارير صحفية في كبرى المجلات العالمية الرياضية والطبية أهمها «جريدة سبورت سايلنت»، تقول إن أداء وفعالية الرياضيين المسلمين تكون أفضل في فترة الصيام»، وذهب إلى أبعد من ذلك حين قال: «الجسم نحن الذي نتحكم فيه، ومجمل ما فهمته من العرض المقدم أن نسبة انخفاض المياه في الجسم هو ما يقلق، لكن كما قلت أنت الذي تتحكم في الجسم وإذا قمت بمده بكمية كبيرة من المياه من وقت الإفطار إلى الإمساك جسمك يلزمه ثلاثة أيام على الأكثر من أجل التأقلم مع هذا الوضع.
وكنت تحدثت منذ قليل عن مباراة زامبيا التي خاضها المنتخب الوطني، يمكن أن أؤكد لك بأننا قمنا بفحوصات على اللاعبين بعد نهاية اللقاء وكانت جد عادية. أما الحديث عن «الإيبوغليسيميا، التي أصبح الجميع يتحدث عنها، فأقول لكم إن الإنسان هو الذي يمد جسمه بالسكريات تماما مثل الماء».
من جهته أوضح المدرب الوطني السابق لمنتخب كرة اليد عزيز درواز، «ما لا يعرفه البعض أني قررت الاستقالة من منصبي كمدرب للمنتخب الوطني الجزائري بعد 10 سنوات من التدريب قبل كأس العالم وبعد كأس أمم إفريقيا بسبب قضية صيام اللاعبين أو إفطارهم، وكل المنافسات التي خضناها كنا نصوم ونلعب وأول لقب فزنا به كان في كأس إفريقيا في تونس في رمضان، بعدها فزنا بأربع كؤوس وفي الخامسة والتي كانت الأهم بالنسبة لي لأنها في الجزائر، كان لزاما علينا الرفع من وتيرة العمل في تربص يوغوسلافيا سابقا.. ورغم إعطائنا الضوء الأخضر للإفطار من طرف الأئمة الذين سألناهم، إلا أن اللاعبين كان لهم رأي آخر، لأنّ اللاعب الجزائري لا يريد إعادة الصيام بعد رمضان، وهو ما خلق المشكل وبلغنا النهائي ذلك العام وفزنا بفارق هدف تحت تأثير الصيام، واستقلت بعدها من منصبي».