طباعة هذه الصفحة

لإنقاذ الموسم، نقابات تقترح:

تقليص العطلة وتحديد الدروس للأقسام النهائية

خالدة بن تركي

 

- تنويع الطرائق والمخططات وفق منحنى تطور الوباء

تجتهد نقابات التربية في تقديم حلول ومقترحات لإنقاذ الموسم الدراسي الحالي، بعد إقرار تمديد تعليق الدراسة لأسبوع آخر، حيث أجمعت على تقديم مقترحين لإكمال المقرر الدراسي الذي لم ينفذ منه سوى 35٪، في وقت يحتاج التلميذ إلى دراسة 70٪ من البرنامج للانتقال إلى مرحلة تعليمية أخرى.


يقترح فاعلون في قطاع التربية جملة من الحلول لإنقاذ السنة الدراسية، ويطالبون الوصاية بإشراك الشريك الاجتماعي لإيجاد حلول فعلية تضمن استكمال الموسم الدراسي، الذي «لن يكون صعبا»، بحسب قولهم، لأن وزارة التربية تملك تجربة في ضمان تمدرس التلاميذ، بالنظر للتعقيدات التي فرضتها الجائحة العالمية الناتجة عن تفشي فيروس كورونا ومتحوراته، حيث وبالرغم من توقيف الدراسة في السنة الأولى من تفشي الوباء لأشهر، وتأخير الدخول المدرسي، مع ذلك تمت السنة الدراسية بنجاح.
تنسيقية الابتدائي: إنقاذ ما تبقى من البرنامج
اضطرت الوصاية إلى غلق المدارس، وبعد عطلة شتوية تجاوزت 20 يوما، واستئناف دام 3 أسابيع، تم تعليق الدراسة لمدة 10 أيام، ثم تمديد القرار لأسبوع آخر، بسبب ارتفاع منحنى الإصابات بالفيروس، شملت الأطفال المتمدرسين، والأساتذة على حد سواء.
هذا الوضع، جعل الأسرة التربوية تواجه تحديا صعبا، لاستكمال المقرر المدرسي في الآجال المحددة، وحسب النسبة التي تسمح بتنظيم الامتحانات، وانتقال التلميذ من طور إلى آخر، ومراعاة الظرف الصحي، الذي يتطلب مزيدا من الحذر واليقظة، لمنع تحول المدارس إلى بؤر للفيروس، وضمان السلامة الصحية للجميع.
يعتقد الأمين الوطني لتنسيقية التعليم الإبتدائي الأستاذ بلال تلمساني، أن تعليق الدراسة لأسبوعين متتاليين، جعل الأسرة التربوية تواجه تحديا صعبا، خاصة مع احتمال تمديد آخر بعد ظهور متحور جديد عبر عدة ولايات والذي يتميز بسرعة الانتشار، بحسب الأخصائيين، لهذا «نحن مضطرين للاجتهاد أكثر وتكييف ما تبقى من البرنامج وفق ما هو متاح»، بحسب قوله.
واستطرد قائلا: «التطورات المفاجئة للوباء أثرت بشكل سلبي على اتخاذ قرار واضح لمستقبل الموسم الدراسي، لهذا نحن مضطرين لتخطيط مزدوج وتنويع الطرائق والمخططات وفق منحنى تطور انتشار العدوى». وبما أن التنسيقية تمثل شريحة معتبرة من أساتذة التعليم الإبتدائي -يقول الاستاذ- تملك اقتراحات وحلولا ملائمة للوضع الوبائي الحالي، فإذا انخفضت الإحصائيات الوطنية هذا الأسبوع، نملك حلا بتقليص أسابيع الإدماج، مع الاكتفاء بالامتحان في المواد الأساسية فقط، مثلما يحدث في الامتحانات الرسمية.  
وأشار المتحدث، إلى إمكانية استغلال أسبوع مجلس الأقسام وصب النقاط للتقدم أكثر في الدروس لتعويض هذين الأسبوعي، مع تخصيص إدارة المدرسة ليوم موحد في العطلة الربيعية لتسليم النتائج للأولياء، يمكن تعميم الاقتراح لكل المستويات. فبعملية حسابية يتبقى لدينا، إلى نهاية الفصل، أسبوعا إدماج وأسبوع اختبار يمكن استغلال هذه المساحة الزمنية لتكييف المطلوب مع ما هو متاح والتركيز على المواد الأساسية ودمج الدروس المترابطة الخاصة بالرياضيات واللغة العربية، لأن المحاور متداخلة يمكن تكييفها.
وفي حال تمديد تعليق الدراسة لأسابيع أخرى، قال المتحدث «على الوزارة إيجاد حل يتوافق مع الوضع المحتم، الذي نحن بصدد مواجهته، خاصة مع اقتراب شهر رمضان الفضيل والحجم الساعي المقلص في هذا الشهر، لهذا يجب وضع مخطط يشمل كل هذه المحطات».
كما اقترحت التنسيقية، في حال استمر الغلق، الاكتفاء بسداسيين، مع ما له من آثار سلبية في تدرج البرنامج والفصل بين المحطات والمحاور وطول امتداد المدة ولكننا أمام حالة استثنائية تستوجب قرارات استثنائية لإنجاح الموسم الدراسي.
ودعت التنسيقية، الوزارة إلى تحضير مخططات استثنائية بنظرة استشرافية للأزمة للتحكم في المسار التربوي والتعامل بطريقة مرنة مع الصعوبات المطروحة وفق تحضير مسبق، خاصة مع استمرار تواتر موجات الوباء.
أنباف: تقليص العطلة وتمديد الثلاثي الثالث
اقترح المكلف بالإعلام بنقابة عمال التربية والتكوين «أنباف» عبد الوهاب زوقار العمري، مقترحين؛ إما تقليص عطلة الربيع وتمديد الثلاثي الثالث، أو التوجه نحو إلغاء عطلة الربيع وتحديد ثلاثي ثالث بأربعة أشهر عوض ثلاثة، لكن يبقى الحل الأمثل -بحسبه- تقليص عطلة الربيع إلى أسبوع وتمديد ب15 يوما للثلاثي الثالث.
ويعتقد زوقار العمري، إنه بهذه المقترحات يمكن الوصول إلى 75٪ من البرنامج، وهي كافية، بحسبه، لاجتياز الامتحانات الرسمية، مع تحديد الدروس أو إلغاء غير المهمة منها، مشيرا بخصوص موعد الامتحانات الرسمية، أنها ستكون في وقتها، حسب تقديرات النقابة. وإذا تأجلت فستكون لأيام فقط، وليس التأجيل مثلما حصل الموسم الأول من الجائحة.
وأكد المكلف بالإعلام بنقابة عمال التربية والتكوين، أن الدروس ليست متأخرة بالشكل الذي يعتقده البعض، إذ يمكن تداركها وتدارك المعارف الضائعة جراء تمديد تعليق الدراسة، وكذا نتيجة إضرابات» كنابست»، يستوجب فقط وضع استراتيجية واضحة من أجل استمرار الدراسة بشكل يضمن تقدم البرنامج الدراسي وتلقين التلاميذ الذين انقطعوا عن الدراسة أهم التعلمات.
ستاف: تحديد الدروس للأقسام النهائية
من جهته قال رئيس النقابة الوطنية لعمال التربية والتكوين «ستاف» بوعلام عمورة، إنه لا مفر من تحديد الدروس للأقسام النهائية، وهذا بالنظر الى نسبة تقدم البرنامج التي لم تتجاوز 35٪، مشيرا إلى أن تقديم الاختبارات دون منح أهم التعلمات الأساسية يؤثر على التحصيل العلمي للتلميذ، خاصة المنتقلين إلى مراحل تعليمية أخرى. وأكد عمورة، أن تحديد الدروس المتعلقة بالامتحانات، الحل الأنسب لمواجهة التأخر الكبير الناتج عن الإضرابات المتكررة التي تسببت في ضياع شهر كامل من الدراسة، وكذا التوقف الاستثنائي عن الدراسة بسبب التقديم والتمديد في العطلة الشتوية، مشيرا إلى أن عملية استدراك الدروس ستكون صعبة جدا، على اعتبار أن نسبة تقدم الدروس ضئيلة جدا.  وذكر المتحدث باسم «ستاف»، أنه في حال استئناف الدراسة، ومواصلة تقديم الدروس عاديا إلى نهاية السنة، فإن نسبة تقدم المقرر ستصل إلى 65٪ كأقصى تقدير، وهذا غير كاف، بحسبه، مشيرا بخصوص الجانب النفسي للتلميذ الذي عاش قطيعة لمدة 25 يوما عن الدراسة، أنه سيفقد التركيز وسيجد صعوبة في التأقلم بعد العودة، الأمر الذي سينجر عنه تأثير سلبي على التحصيل العلمي له.
الانقطاع والقدرات الإدراكية
أجمع عدد من الأساتذة في حديثهم، عن تأثير انقطاع الدراسة على الجانب النفسي للتلميذ. إن انقطاع الأطفال عن المدرسة يدخلهم في عزلة اجتماعية، خاصة مع انعدام الوسائل التقنية لمواصلة الدراسة لدى بعضهم، وهي إشكالية يطرحها الحجر الصحي الحالي، الذي جعل الفاعلين في القطاع، بالإضافة إلى البحث عن الحلول لإكمال الموسم الدراسي، يفكرون في تبعات هذا الانقطاع على الجانب النفسي للتلميذ.
قال هؤلاء، إن تداعيات عدم ذهاب الأطفال إلى المدرسة أثناء الأزمة الحالية تتجاوز مجرد الملل أو فقدان الرغبة في التعليم، إذ قد يعاني كثير من الأطفال، خاصة محدودي المستوى، من مشاكل في قدراتهم الإدراكية والمعرفية مما يؤدي إلى فقدانهم القدرة على التركيز والفهم، لذلك فالتمديد والتعليق عادة ما تكون نتائجه وخيمة على الجانب النفسي والمعرفي للتلميذ.
وأكد بعضهم، أن انقطاع الدراسة يؤثر بشكل أكبر على الأطفال الصغار، الذين في طور تعلم القراءة والكتابة، أي خلال الفترة العمرية بين خمس وسبع سنوات، فهذه المرحلة هامة للأطفال لتنمية القدرات المعرفية والحركية والتنفيذية لدعم مهارات الكتابة والقراءة لديهم، مؤكدين أهمية دعم العائلات لعدم تأثر أبنائهم بهذا التوقف، لأنه في حال غياب الدعم، سيعاني الطفل من تأخر دمج المهارات في المراحل المقبلة.