صدر للشاعر والأديب عبد الرحمان عزوق عملا سرديا تحت عنوان «ممرات متوحشة»، وتقع الرواية في 161 صفحة من الحجم المتوسط صدرت عن دار أمل للطباعة والنشر والتوزيع سنة 2021، تضمّنت الرواية ثلاث عشر فصلا جاءت دون عناوين مفتاحية تمنح القارئ تأشيرة الولوج إلى عالم الحبكة السردية، وهو تفاعل يؤكد معادلة القراءة «المتلقي والسارد» لتبقى مسألة خيارات الكاتب مرهونة بنظرته للأشياء التي قد تثير حولها جدلا، لذلك لجأ إلى هذا الخيار حتى يفتح للقارئ مجالات أكثر سعة وعمقا لطرح الأسئلة المتباينة..
جاءت ممرات متوحشة دون مقدمة تمكن القارئ من استحضار الفهم العام للأنساق التاريخية والاجتماعية، التي من خلالها يمكنه التسلّل إلى معرفة الحبكة التي بنيت عليها القصة الطويلة.
تنوعت شخوص الرواية في الفصل الأول، وبين هشام وسعيد ينتقل الكاتب إلى تصوير دقيق لأحد الشوارع الشعبية بالعاصمة وهو حي بلكور، وبهذا الشارع يكون محلّ لبيع الفطائر، حيث تدور أحداث القصة بين أحد الرعايا السوريين الفارين من الحرب الدائرة في الشام، وتبدأ القصة من هذه البوابة التاريخية وتنتقل بعدها إلى فصول أخرى أكثر حضورا على المستويين الاجتماعي والإنساني.
تنوّعت بقية الفصول الأخرى من تصوير خارجي إلى أكثر تداخلا في العلاقات الانسانية، خاصة ما عاشته بعض بلدان المنطقة العربية من انفلات وصل إلى حدّ قيام حركات احتجاجية عنيفة استغلت فيما بعد وفق أجندات غربية استنزفت تلك الدول العربية، وجردتها من حضورها الدولي وبعدها الثقافي والتاريخي.
الرواية جديرة بالقراءة والتمعن أكثر في أحداثها الانسانية، خاصة وأنها حملت الإضافة النوعية للكتابة السردية لأنها جاءت بلسان شاعر، خالف القاعدة الشعرية وخاض ملحمة الرواية من أبوابها السوسيو - اجتماعية، محقّقا بذلك التفوّق السردي بروح شاعرية أكثر حضورا، وسيكون لنا لاحقا وقفة مع هذا العمل الروائي للغوص في أعماقه أكثر، بما يفتح للقارئ نافذة أخرى لرؤية الأحداث بلغة الشاعر الانساني قبل الروائي الشاعر.