• نتوقع تراجع ذروة الموجة في الأيام العشرة الأولى من فيفري
كشف رئيس مصلحة الإنعاش بالمستشفى الجامعي نفسية حمود، البروفيسور ياعيش عاشور، في حوار لـ “الشعب”، عن إصابة 50٪ من الطاقم الطبي وشبه الطبي والإداري بعدوى فيروس كورونا، بسبب الانتشار الكبير للمتغير أوميكرون وتقاطعه مع سلالة “دلتا”، قائلا إن عدة صعوبات تواجه كافة المستشفيات في مواجهة مخاطر الموجة الحالية والتكفل بالمرضى بسبب نقص المستخدمين الطبيين وتواجدهم في الحجر الصحي.
«الشعب”: منحنى الإصابات في تصاعد مستمر ومتحور أوميكرون يضرب بقوة، ما هو الوضع في المستشفيات وهل سجلتم حالات خطيرة استدعت الأكسجين؟
عاشور ياعيش: الوضع في المؤسسات الاستشفائية بات مقلقا، نظرا للضغط الكبير وتدفق المصابين بمرضى كوفيد يوميا على المصالح الطبية والتي أضحت مشبعة وتشهد ازدحاما بالمرضى بسبب ارتفاع نسبة الإصابات بالفيروس والتقاطع الخطير للمتغير “أوميكرون” المعروف بسرعة انتشاره وتفشيه مع سلالة “دلتا” الخطيرة، التي سبق وأن خلفت حالات معقدة وعدة وفيات في الموجة الثالثة وماتزال موجودة وتصارع من أجل البقاء، خاصة وأن دخول المتحور الجديد الجزائر تزامن مع بداية انخفاض منحنى الاصابات بالمتحور “دلتا” في أواخر شهر ديسمبر بعد تجاوز فترة الذروة التي كانت الأعنف منذ بداية الجائحة.
وبخصوص مصالح الإنعاش فهي ممتلئة بالمرضى المصابين بفيروس كورونا ولكن لحد الآن لم نسجل الكثير من الحالات الخطيرة التي تستدعي العلاج بالأكسجين، بالرغم من أنه لا يوجد نقص في التزويد بهذه المادة في كافة المستشفيات، عكس ما حدث في الموجة السابقة بسبب زيادة الطلب والضغط والذي نتجت عنه أزمة حادة في الأكسجين، كما نتوقع تراجعا في عدد الإصابات اليومية وانخفاض ذروة الموجة الرابعة في الأيام العشرة الأولى من شهر فيفري المقبل باعتبار أن مدة الذروة بعد تصاعد المنحنى تحدد بـ25 يوما.
كيف تتعاملون مع هذه الأزمة الصحية مع نقص المستخدمين الطبيين وشبه الطبيين؟
إن إصابة 50٪ من مهنيي الصحة، خاصة الأطباء وشبه الطبيين والإداريين بفيروس كورونا، أخلط الحسابات وعرقل خطة العمل التي وضعتها المصالح الطبية لمواجهة مخاطر الموجة الرابعة والتكفل بجميع المصابين الذين يأتون يوميا الى المستشفيات لتلقي العلاج بعد تزايد عدد الإصابات بسبب انتشار المتغير الجديد “أوميكرون” الأكثر عدوى من السلالات الأخرى.
فالوضع أصبح أكثر تعقيدا بتسجيل عدة حالات مؤكدة بين الأطقم الطبية وتواجدهم في الحجر الصحي. في نفس الوقت نحن ملزمون ومطالبون بالاستمرار في تقديم الخدمات العلاجية اللازمة واستقبال المرضى ومحاولة إنقاذ حياتهم ومواجهة صعوبة حالات غياب العاملين في المجال الطبي، ببذل مجهودات أكبر ورفع التحدي ومواصلة معركة مواجهة هذا الوضع الصعب وقد اكتسبنا خبرة وتجربة في تسيير مشاكل هذه الأزمة الصحية وكيفية مواجهة الصعوبات التي يجدها عمال الصحة في الميدان منذ بداية الجائحة.
هل المتغير “أوميكرون” أقل خطورة وشراسة من المتحورات الأخرى ولا يتسبب في ظهور أعراض خطيرة؟
ليس صحيحا أن المتحور الجديد “أوميكرون” لا يشكل أية خطورة على جميع الفئات وإنما قد يتسبب في الإصابة بأعراض خطيرة وتعقيدات صحية تمس الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة، كالسكري وارتفاع الضغط الدموي وأمراض القلب والمسنين. والدليل على ذلك، استقبال مصلحة الإنعاش عديد الحالات أغلبها من هذه الفئة الأكثر عرضة لمخاطر الفيروس الذين ظهرت عليهم أعراض صعبة لا تتوقف عند الحمى والإرهاق والتهاب الحلق والصداع، علما أن الهاجس الأكبر يكمن في إمكانية إصابة الشخص بالمتحور “أوميكرون” في نفس الوقت مع سلالة “دلتا” ما قد يتسبب في مخاطر على المريض، لذلك فإن الحذر مطلوب ولا يجب الاستهتار في الالتزام بالقواعد الوقائية كارتداء القناع واحترام مسافة التباعد الجسدي لتجنب انتشار عدوى الفيروس.
فيما يتعلق باستجابة اللقاح المضاد لفيروس كورونا، أعتقد أن إضعاف المتغير الجديد “أوميكرون” لفعالية اللقاحات المتوفرة قد يكون بنسبة قليلة، باعتبار أن الجرعات المعززة يمكن أن تساهم في رفع مستويات الأجسام المضادة وتقوية دفاعات الجسم ضد العدوى وهو ما يفسر عدم إصابة العديد من المرضى المصابين بهذا المتحور والذين كانوا ملقحين بالجرعات الكاملة من ظهور الأعراض الخطيرة التي تؤدي إلى الموت.
هل الحالات المعقدة التي تستقبلها مصالح الإنعاش خاصة بغير الملقحين؟
نعم، أغلب الحالات الحرجة والوفيات بسبب الإصابة بفيروس كورونا مست الأشخاص الذين لم يتلقوا التطعيم. وتشير آخر الاحصائيات التي قمنا بها، الى أن 95٪ من المرضى الذين دخلوا مصلحة الإنعاش غير ملقحين بالجرعات الكاملة للقاح، والأمر لا يتعلق فقط بمصلحة الانعاش التابعة لمستشفى نفسية حمود وإنما يخص جميع المستشفيات التي استقبلت الحالات الخطيرة بسبب الاصابة بفيروس كورونا. ويجب أن نعلم بأن الأشخاص الذين تلقوا اللقاح يمكن أن يصابوا بالمرض ولكن تكون الأعراض لديهم خفيفة ولا تتطلب العلاج في الانعاش.
وكان من المستحسن أن يكون الإقبال أكبر على مراكز التلقيح بعد الخروج من الموجة الماضية وبداية تسجيل انخفاض في عدد الإصابات من أجل بلوغ نسبة عالية من الملقحين وبالتالي بناء مناعة جماعية تمكننا من التصدي لمخاطر موجات جديدة من الوباء والاستعداد لمواجهة تفشي الفيروس، خاصة وأن أغلب المواطنين يتوافدون على أخذ اللقاح إلا بعد تصاعد منحنى الاصابات بسبب الخوف من العدوى وبعدها تأتي فترة العزوف وهو الأمر الذي يجعلنا بعيدين عن تحقيق الهدف المحوري وهو اكتساب المناعة الجماعية.
كما سجلنا تراخيا واستهتارا بمجرد تراجع أرقام الإصابات بفيروس كورونا على كل المستويات. ولا يتعلق الأمر بضعف الإقبال على التلقيح فقط وإنما حتى من حيث توفير الوسائل والتجهيزات والاستعداد لمواجهة المخاطر المقبلة، لأن الحل الوحيد يكمن في اغتنام فرصة انخفاض منحنى الإصابات مع نهاية فيفري المقبل وبداية مارس لتسريع وتيرة التلقيح تحسبا لأي طارئ ولموجات جديدة من الوباء.
هل ساعدت الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها السلطات العمومية في التقليل من تفشي الوباء؟
لاحظنا تراجعا في الإصابات المسجلة خلال الأسبوع الأخير، بعد اتخاذ قرار تعليق الدراسة لمدة عشرة أيام، نظرا لمخاطر انتشار العدوى في الأوساط المدرسية ونقلها الى خارج المدارس وهو إجراء احترازي فعال من شأنه أن يساهم في الوقاية من تسجيل عدة إصابات بين التلاميذ والطاقم التربوي، لا سيما الأطفال الذين يحملون الفيروس وينقلونه بشكل سهل وسريع. علما أن التمديد لفترة إضافية سيجنبنا تفشي الوباء بشكل مخيف، بالنظر إلى الوضع الوبائي الذي لايزال يتميز بالانتشار السريع للمتحور أوميكرون. كما أننا لمسنا في هذه الموجة وعيا أكبر لدى المواطنين، مقارنة مع بداية انتشار الجائحة بخصوص تطبيق هذه التدابير الوقائية والوعي بمخاطر الحالة الوبائية. كما يتجنب كثيرون الذهاب إلى المستشفى إلا في الحالات الضرورية والاستعجالية من أجل تفادي التقاط عدوى الفيروس، باعتبار أن المؤسسات الاستشفائية تستقبل العديد من الاصابات وتعد أكثر الأماكن عرضة لانتشار الفيروس وتنقله بسهولة بين المواطنين.
يكثر الحديث عن إمكانية اختفاء الوباء نهائيا بعد انتشار المتغير “أوميكرون”، ما رأيكم؟
لا يمكننا التنبؤ بقرب زوال الوباء بعد انتشار المتغير الجديد أوميكرون الذي يعتقد بأنه أصبح أقل شراسة وقوة من السابق. ولكنها تبقى مجرد احتمالات واردة، لأن الحديث عن نهاية الفيروس تكون عندما نسجل صفر حالة وهو ما أكدت عليه المنظمة العالمية للصحة. وفي نفس الوقت، فإن قابلية المتحور لفيروس كورونا المستجد قد تتسبب في إمكانية ظهور متغير آخر قد يكون أشد خطورة من المتحورات السابقة، إذ يجب علينا أن نستعد لموجات أخرى ومخاطر أكبر من خلال السعي لرفع وتيرة التلقيح للتمكن من بلوغ هدف اكتساب المناعة الجماعية التي تمكننا من التصدي لانتشار الفيروس على نطاق واسع بمتحوراته الجديدة، مع ضرورة مواصلة تطبيق كافة الإجراءات الاحترازية للحفاظ على سلامة الجميع.