أعلنت الدانمارك، أنها ستحب كتيبتها من مالي، تلبية للطلبات المتكرّرة الموجهة من المجلس العسكري الحاكم في باماكو، والذي قال إنه لم يوافق بعد على نشر القوات الدانماركية.
وصلت الكتيبة الدانماركية التي تضمّ 100 عسكري إلى مالي الأسبوع الماضي للمشاركة في قوة «تاكوبا»، وهي قوة أوروبية أنشئت في 2020 بمبادرة من فرنسا بهدف تقاسم الأعباء في الساحل، وانضمت إليها الدانمارك.
لكن السلطات العسكرية المالية وفي خطوة مفاجئة، طلبت من الدانمارك مساء الاثنين الماضي سحب كتيبتها بحجة أن نشرها «تمّ من دون موافقته»، وقالت الحكومة الانتقالية في باماكو إنها فوجئت بالوجود العسكري الدانماركي، لأنه لم يتمّ اتخاذ قرار بعد بخصوص طلب قدمته الدانمارك في جوان الماضي لنشر قوات.
وأضاف بيان سابق للحكومة المالية أنه «لا يوجد اتفاق يجيز نشر قوات خاصة دانماركية في قوة تاكوبا، مشيرة إلى أن النرويج والبرتغال والمجر ما زالت تنتظر الموافقة ولم تنشر قوات في مالي.
ويشكّل انسحاب قوات هذا البلد الأوروبي ضربة قاسية للقوة الأوروبية لمكافحة الجماعات الإرهابية بقيادة فرنسا.
وتتشكل قوة تاكوبا من 14 دولة أوروبية، والهدف منها مساعدة مالي وبوركينا فاسو والنيجر المجاورتين بغرب أفريقيا في مواجهة الدمويين المرتبطين بتنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة الإرهابيين، والذين احتلوا مساحات شاسعة من الأراضي في المنطقة التي تلتقي فيها حدودها.
مراجعة اتفاقية الدفاع بين باريس وباماكو
في السياق، أكدت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية أن بلادها تدرس طلبا من مالي لمراجعة اتفاقيات الدفاع المبرمة بين البلدين، حيث ترى باماكو أن الاتفاق مجحف ويتعارض مع مصالحها.
وبعد فرض قيود على المجال الجوي المالي والتشكيك في الاتفاقات الدفاعية التي تربط باماكو بباريس، يشكل طلب انسحاب الوحدة الدنماركية عقبة جديدة أمام العمل العسكري الفرنسي والأوروبي في مالي. وتدهورت العلاقات إلى حد كبير خصوصًا مع فرنسا التي تعمل عسكريا في مالي والساحل منذ 2013.
مستقبل القوة العسكرية الأوروبية
وحسب الخبراء، فإن المعادلة باتت معقدة بالنسبة لباريس، وذلك عقب الانقلاب، الذي وقع الاثنين في بوركينافاسو. فحاليا، أصبحت ثلاث من الدول الأربع في منطقة الساحل التي تنتشر فيها قوة «برخان» الفرنسية تخضع لحكم سلطات عسكرية. والدول الثلاث هي تشاد ومالي وبوركينا فاسو.
وفي السياق قالت وزيرة الجيوش الفرنسية: «هل يجب أن نتخلى عن الحرب ضد الإرهاب؟ لا هذه المعركة ضرورية لأمننا». لكنها أضافت أنه «من الواضح أيضًا أنه يجب علينا التكيف مع وضع جديد»، مشيرة إلى إطلاق «مشاورات معمقة مع شركائنا ولا سيما شركاء تاكوبا».
وقوة «تاكوبا» التي تشكّل رمزًا لفكرة أوروبا الدفاعية العزيزة على إيمانويل ماكرون وتضمّ نحو 900 جندي اليوم، مهدّدة بالزوال في الوقت الذي نجحت فيه باريس في إقناع عشرات الدول بمساعدتها.
فقد أعلنت النيجر المجاورة أنها لن تستقبل هذه البعثة على أراضيها. وفي أوج الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي وقبل ثلاثة أشهر من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، ستكون أي انتكاسة مريرة. وما يزيد من خطورة ذلك هو أن حصيلة أداء تسع سنوات من التدخل بعيدة عن أن تكون مرضية.