طباعة هذه الصفحة

تجاوز التوتر بين المغرب وإسبانيا ليس غدا

مدريد تضع شروطا لإعادة علاقاتها مع الرباط

 

 يبدو أن الحديث عن تجاوز التوتر الذي يسود العلاقات المغربية الإسبانية سابق لأوانه، فمدريد تقول بأن إعادة علاقاتها مع إسبانيا إلى سالف عهدها يحتاج إلى كثير من الوضوح، وهي مصرّة على تجاوز أخطاء الماضي في إشارة إلى توغل آلاف المغاربة بدعم  من سلطات الرباط  إلى سبتة في الربيع الماضي.
في السياق، قالت الحكومة المغربية، نهاية الأسبوع، إن إعادة علاقات بلادها مع إسبانيا تحتاج لكثير من الوضوح.
ويأتي موقف الحكومة المغربية بعد أيام من تأكيد العاهل الإسباني فيليبي السادس، أهمية إعادة تحديد العلاقة القائمة بين بلاده والمغرب على أسس أكثر قوة ومتانة».
وقال الملك الإسباني: «اتفقت حكومتا بلدينا على القيام سويا بإعادة تحديد علاقة للقرن الحادي والعشرين، بناء على أسس أكثر قوة ومتانة».
وأضاف: «الآن ينبغي على الأمتين السير معا من أجل الشروع في تجسيد هذه العلاقة بدءا من الآن».
و قد عاد وزير الخارجية الإسباني، خوسي مانويل ألباريس، مجدداً إلى التأكيد على ضرورة التريث في استئناف العلاقات مع المغرب بشكل دائم طالما لم يتم تجاوز أخطاء الماضي.
وعاد الحديث في إسبانيا والمغرب على نوعية العلاقات السائدة في الوقت الراهن بسبب عدم زيارة رئيس حكومة مدريد بيدرو سانتيش إلى الرباط ثم تجميد تبادل الزيارات بشكل لافت لم يسبق له مثيل في العقود الأخيرة، وغياب مؤشرات قوية على استئناف طبيعي يتجلى في عودة الزيارات وأساساً عودة سفيرة المغرب إلى إسبانيا. ولم تجر زيارات بين المغرب وإسبانيا على مستوى الوزراء منذ سنة 2020.
وتناولت وسائل إعلام  إسبانية مجدداً الأزمة من خلال تصريحات لوزير الخارجية ألباريس الذي قال إنه لا يوجد تاريخ معين لزيارة بيدرو سانتيش إلى الرباط. وتابع لتبرير التأخير الحاصل بعدم رغبة مدريد في استئناف سريع للعلاقات على أسس خاطئة، مضيفاً أن العلاقات مع المغرب هي استراتيجية ويجب أن تبنى على أسس واضحة تتماشى والقرن 21.
وتضاف هذه التصريحات إلى أخرى أبدى فيها عدم رضا إسبانيا عن مستوى التعاون القائم مع المغرب في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية. وهذه أول مرة يتم فيها تلميح صريح بضرورة التزام أكبر من طرف المغرب، علماً أن التصريحات السابقة كانت كلها تشجيع وثناء على دور المغرب.
وتأتي هذه المواقف مع ما يروج في الأوساط الدبلوماسية الإسبانية بضرورة التريث في استعادة العلاقات لتفادي الأخطاء التي وقعت في الماضي. وتطالب مدريد بالتزام المغرب عدم تكرار دخول آلاف المغاربة إلى سبتة كما وقع في ماي الماضي. ويبدو أن مدريد غير مستعجلة بشأن عودة السفيرة المغربية كريمة بنعيش إلى مدريد، وتترك تاريخ العودة إلى المغرب متى يشاء.
قطيعة تقنية
ويتضح من خلال هذه التطورات حدوث تغيير في رؤية إسبانيا لجارها الجنوبي، وجاء ذلك في وثيقة «استراتيجية الأمن القومي الإسباني» التي صادقت عليها حكومة مدريد نهاية ديسمبر الماضي باستعمال مصطلحات تكاد تكون «مستفزة» للرباط بالحديث عن ضرورة ما أسمته «التعاون المخلص» ثم التركيز على استراتيجية خاصة بمدينتي سبتة ومليلية المحتلتين لمواجهة ما اعتبرته مخططات المغرب.
وبالنظر الى هذه التطورات، لا سيما مع استمرار المغرب بمواقفه من عدم استئناف العلاقات إلا بموقف لين من إسبانيا في نزاع الصحراء الغربية، على الأقل عدم معارضة أي مبادرة ما وسط الاتحاد الأوروبي تعطي الأفضلية للحكم الذاتي، ثم إصرار إسبانيا على تصور جديد يقوم على الحصول على ضمانات من المغرب في مجالات منها الهجرة، ترى أوساط سياسية مهتمة بمستقبل العلاقات الثنائية ضرورة دخول طرف ثالث للوساطة وتقريب وجهات النظر.
وعملياً، فشلت حتى الآن كل المفاوضات غير العلنية، ثم لم تنفع اتفاقية الصداقة وحسن الجوار الموقعة بداية التسعينيات في احتواء هذا النزاع، وتوجد العلاقات في حالة أصبحت بالقطيعة التقنية نظراً لتجميد تبادل الزيارات ولو على مستوى المسؤولين الثانويين وليس فقط على مستوى الوزراء.
لا دولة تريد لعب دور الوسيط
ولا توجد دول مرشحة للقيام بدور الوساطة في الوقت الراهن، وجرى الحديث عن فرنسا ولكنها استبعدت القيام بأي دور بل تمر علاقاتها بالمغرب ببرودة ملحوظة نتيجة ملف «بيغاسوس»، حيث لا توجد زيارات بين الرباط وباريس على مستوى المسؤولين الوزاريين.
وإذا كان المسؤولون الإسبان يدلون بتصريحات في البرلمان ولوسائل الإعلام، يلتزم المغرب الصمت دون إصدار أي بيان توضيحي، ويبدو بدوره أنه لم يتوصل بضمانات من إسبانيا حول الصحراء حتى تعود السفيرة. وكانت الأزمة قد اندلعت بين البلدين على خلفية الصحراء الغربية.