- الحديث عن «دلتاكرون» سابق لأوانه
بعد أن تأكد دخول الجزائر في الموجة الرابعة لكوفيد-19، مددت الحكومة رفع الحجر الصحي لسادس مرة، مع تطبيق إجراءات غلق المؤسسات والفضاءات والأماكن التي قد تعاين فيها كل مخالفة للتدابير الصحية المتخذة في هذا المجال، لمنع خروج الوضع الوبائي عن السيطرة، حيث أوضح البروفيسور بوعمرة أن مجيئها كان في الوقت المناسب مع الإبقاء على فرضية تغييرها عند حدوث تطورات في الوضع الوبائي.
في اتصال مع «الشعب»، قال الباحث في علم الأوبئة والمختص في الطب الوقائي بمستشفى تيبازة عبد الرزاق بوعمرة، إن الجزائر تعرف تزايدا ملحوظا في عدد الإصابات، لذلك تم التركيز والتشديد على الإجراءات الوقائية والتلقيح لتسيير الأزمة الصحية الاستثنائية التي تشهدها الجزائر منذ ما يقارب السنتين، حيث قررت الحكومة في بيانها الأخير، تطبيق إجراءات غلق المؤسسات والفضاءات والأماكن التي قد تعاين فيها كل مخالفة للتدابير الصحية المتخذة في هذا المجال، لاسيما إلزامية ارتداء القناع الواقي، وتدابير النظافة والتباعد الجسدي، وكذا البروتوكولات الصحية المخصصة لمختلف الأنشطة، بعد التأكد من دخول الجزائر الموجة الرابعة.
ولاحظ الباحث في علم الأوبئة، أن الجزائر تتعايش مع الفيروس، حيث يحدد الوضع الوبائي نوع الإجراءات أو القرارات المتخذة، فعند تسجيل زيادة في عدد الإصابات يتم تطبيق إحترازات مشددة، والعكس عندما ينخفض عدد الإصابات اليومية، حيث يتم تخفيف التدابير الاحترازية.
أما عن المرحلة التي نعيشها، نسجل ارتفاعا في عدد الإصابات وسيكون ملحوظا وأكبر في الأسابيع القادمة، لذلك ومن هذا الباب يمكن القول إن التدابير المذكورة في بيان الحكومة جاءت في وقتها، مع الإبقاء على فرضية تغييرها عند حدوث تطورات في الوضع الوبائي.
في الوقت نفسه كشف بوعمرة في حديثه إلى «الشعب»، عن تشبع مصالح الإنعاش بسبب أعراض معقدة لـ «دلتا»، ولاحظ تسجيل المصالح الصحية أعراضا خفيفة على مرضى كوفيد في الأسبوعين الأخيرين، ما يعني انتشار المتحور «أوميكرون»، متوقعا في سياق ذي صلة سيطرته في الأسبوعين أو الثلاثة أسابيع القادمة، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار طريقة انتشاره في الدول الأوروبية، لذلك سيسجل عدد كبير من حالات الإصابة به، لكنها حالات ليست خطيرة.
أما فيما يتعلق بالتلقيح كوسيلة حماية ووقاية من الأعراض الحرجة، أكد المتحدث ضرورة تحفيز المواطنين على التلقيح، لأن النسبة المسجلة 28٪ لم تصل الهدف المسطر من طرف وزارة الصحة وليست النسبة التي تمنح المجتمع مناعة جماعية.
ولاحظ أن أغلب الحالات الحرجة في المستشفيات غير ملقحة، بالرغم من تأكيد المختصين، في كل مرة، على ضرورة التلقيح ليس لمنع الإصابة بل لتخفيف أعراض الإصابة، فحتى وإن أصيب الملقح بأعراض حادة لكنها لم تصل إلى الإنعاش وتكون فرص نجاته أكبر، عكس الحالات غير الملقحة عند تعقد حالتها تدخل الإنعاش وتكون فرص نجاتها قليلة.
التطبيق الصارم للبروتوكول كاف
عن إمكانية تحول الوسط المدرسي إلى بؤرة لانتشار العدوى، قال بوعمرة إن المؤسسات التعليمية ملزمة بتطبيق البروتوكول الصحي الذي وضع بالتنسيق مع وزارة الصحة، لذلك سيكفي تطبيقه بكل صرامة إبعاد هذا الخطر عنها، وكما كانت حالات الإصابة بـ «دلتا»، سيتم تسجيل إصابات أطفال بالمتحور الجديد، لكنها لن تكون خطيرة وهو الأهم.
ولأن الطفل ناقل للعدوى، طالب من الأساتذة والمشرفين التربويين التلقيح للحد من العدوى في الوسط المدرسي. فكما هو معلوم الوضع الصحي يُسيَّر بالبرتوكول الصحي لذلك سيكون تطبيقه بحذافيره طريق المدارس للتعايش السليم والصحيح مع الوضع الوبائي الحالي، قائلا إن التجربة التي عشناها في الموجات الثلاث الأولى سيكون تسيير الرابعة ممكنا حتى في حال تسجيل إصابات وسط الأطفال، لأنها لن تكون بالنسبة للمختصين خطيرة.
وعن المتحوّر «دلتاكرون»، كشف البروفيسور، أن منظمة الصحة العالمية أقرت بوجود اختلاط جيني بين المتحور «دلتا» والمتحور «أوميكرون»، حيث أثبتت بعض التحاليل وجوده لكنها حالات قليلة، موضحا أن بعض المختصين برر هذه التجنيسات التي حدثت بوجود بقايا جينية من المتحور «دلتا» في الأدوات المستعملة.
وأكد أن الوقت جد مبكر للتكلم عن إعادة التركيب تلك، ولا داعي لإخافة الناس، لأن الأولوية الآن للحديث عن المتحور «أوميكرون» الذي سيزيد انتشاره في الأسابيع القادمة، دون إقصاء فرضية تسجيل حالات أصابة بهذا الاختلاط الجيني، لأن الحياة العملية الجينية للفيروس أثبتت إمكانية تطوره بهذه الطريقة.
في هذا الصدد، قال بوعمرة إنه «في الوقت الحالي سيكون «أوميكرون» المسيطر في الأسابيع القادمة، لكن، بحسب منشورات علمية وبحسب ما سجل في بعض الدول الأوروبية كإنجلترا، فرنسا، بلجيكا والدانمارك خاصة، سيكون عدد المصابين كبيرا، لكن عدد الاستشفاء سيكون أقل، معتبرا أكبر المخاوف الحالية عندما يكون الانتشار للمتحور قويا»، حيث ينتظر المتغير الجديد الذي يأتي بعده.
لذلك وحسب تاريخ التطور الوبائي، من المتوقع انتشار متغير أقل حدة بعد المتغير «أوميكرون»، ما يعني الخروج من الوباء العالمي بتحوّل كوفيد-19 إلى مجرد زكام، مؤكدا على ضرورة أخذ هذه الفرضيات بحذر لعدم امتلاك المعطيات الكافية، لذلك ستبقى المراقبة الجينية والبيولوجية، في انتظار ظهور أو معرفة متغير ما بعد أوميكرون.
خطوات استباقية
الملاحظ أن استعمال الحكومة كلمة «تأكد» في بيانها بعد استعمالها لكل من «احتمال» و»بوادر» موجة، ما يعني تحولا في نظرتها تجاه الوضع الوبائي الذي يعرف ارتفاعا كبيرا في عدد الإصابات، ففي تصريح سابق لـ «الشعب» وصف عضو اللجنة العلمية لمتابعة ورصد فيروس كورونا الدكتور إلياس أخاموك، الوضع الوبائي بالمقلق، فمع دخول المتحور الجديد «أوميكرون» الجزائر، سيكون أخذه مكان المتحور «دلتا» مسألة وقت في الأسابيع القادمة، ما يصعب على المختصين والخبراء تحديد موعد ذروة هذه الموجة، بسبب تزامن انتشار المتحورين «دلتا» مع «أوميكرون».
ويرى عضو اللجنة العلمية لمتابعة ورصد فيروس كورونا، أن تطبيق جواز التلقيح أو الجواز الصحي في الجزائر، السبيل الوحيد والأهم لتحفيز المواطنين على الذهاب إلى مراكز التلقيح من أجل أخذ جرعة الحماية، مذكرا بأنه سيكون أحد أهم العوامل المساهمة في رفع نسبة التلقيح في سنة 2022، خاصة إذا علمنا أن بلدا مثل فرنسا اعتمدت في البداية الجواز الصحي ثم جواز التلقيح الإجباري لدخول بعض المرافق العامة، لذلك سيكون الرهان عليه من أجل بلوغ المناعة المجتمعية المنشودة.
لذلك جددت الحكومة في بيانها بقوة وإلحاح، دعواتها للمواطنين لمواصلة دعم الجهود الوطنية لمكافحة هذا الوباء العالمي، من خلال الاستمرار في احترام تدابير الوقاية، لاسيما فيما يخص إلزامية ارتداء القناع الواقي، وتدابير النظافة والتباعد الجسدي. كما جددت نداءاتها خصوصا للمواطنين للجوء إلى التلقيح الذي يظل أفضل وسيلة للوقاية من أجل حماية مواطنينا من خطورة آثار هذا الوباء.
إلى جانب رفعها قدرات التخزين وتجميع الموارد اللوجيستية من أجل ضمان التوفير المستمر للأكسجين الطبي في المؤسسات الاستشفائية، تحسباً لتزايد عدد حالات الكوفيد الذي ستعرفه الأيام القادمة، إذ يُتوقع أن يرتفع الإنتاج اليومي من 550 ألف إلى 800 ألف لتر في اليوم.