في السادس من ديسمبر الماضي، أعلن الرئيس عبد المجيد تبون، خلال الزيارة التي أجراها الرئيس محمود عباس إلى الجزائر، عن استضافة مؤتمر جامع للفصائل الفلسطينية بهدف إحداث اختراق حقيقي يرأب الصّدع، وينهي الانقسام الذي أضعف قضية العرب الأولى ورهن حظوظها في الحل.
بدأ التّحضير الجدي للمؤتمر من خلال شروع الفصائل الفلسطينية في الوصول تباعا للقاء المسؤولين الجزائريين الذين يرغبون في الاستماع إلى مواقف الفصائل الفلسطينية بما فيها حركات فتح وحماس والجهاد الإسلامي والجبهتين الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين والجبهة الشعبية القيادة العامة، كل على حدة، قبل بحث إمكانية إطلاق مبادرة لتحقيق المصالحة.
قرار الجزائر بالدخول على خط المصالحة الفلسطينية عبر مبادرة استضافة حوار فلسطيني - فلسطيني شامل لبحث إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة، يندرج في سياق مبادئها الثابتة إزاء القضية، حيث تضع الجزائر القضية الفلسطينية على رأس أولويات القمة العربية المقبلة، باعتبارها قضية العرب المركزية، وهي تسعى لحلها عبر مصالحة حقيقية بين كافة الفصائل بشكل يحقق توحيد الموقف الفلسطيني الذي يستغله الكيان الصهيوني لتعطيل المسار التفاوضي الفلسطيني - الإسرائيلي بحجة عدم وجود سلطة فلسطينية موحدة تعبر عن إرادة الشعب الفلسطيني بأكمله.
بلا شكّ، الموقف الجزائري من القضية الفلسطينية هو موقف ثابت لا يتغير، لهذا تريد أن تعيد لها زخمها، خاصة في هذا الظرف الذي يتّسم بتزايد أعداد الدول العربية المطبّعة مع الصهاينة، وأيضاً للانقسام السياسي الحاد الذي يعصف بأركان الصفّ الفلسطيني ويهدد بالانزلاق إلى انفصال كامل بين قطاع غزة والضفة الغربية، والذي من شأنه إدخال القضية في حالة من الغموض والسيناريوهات المدمّرة.
وقد لاقت المبادرة الجزائرية ترحيباً واسعاً من الفصائل الفلسطينية، التي اعتبرتها خطوة لتعزيز وحدة الجبهة الداخلية وإغلاق صفحة الانقسام الممتد منذ 2007، وفرصة ثمينة أمام جميع القوى السياسية والمجتمعية الفلسطينية من أجل تعزيز الوحدة في مواجهة إسرائيل.
الهدف من المبادرة الجزائرية نبيل وثمين، وبلوغه ليس بالأمر المستحيل كما يعتقد البعض، إذ يكفي الجلوس حول طاولة حوار بعزم صادق على تجاوز الخلافات والاختلافات التي تنسف وحدة الصف وتضعف الموقف الفلسطيني، والأكيد أنّ الجزائر التي قادت وساطات ناجحة بين العديد من الدول والشعوب، ستنجح في إعادة الزخم للقضية الفلسطينية خلال القمة العربية التي ستحتضنها في مارس القادم.