طباعة هذه الصفحة

حلوى الجوزية والكاوكوية تقاليد لم ينساها سكان سيرتا

الصامصة وحلويات تقليدية قديمة..عروس السينية القسنطينية طيلة الشهر الفضيل

قسنطينة: مفيدة طريفي

تسعى العديد من ربات البيوت بقسنطينة قبل حلول شهر رمضان الكريم إلى تحضير مجموعة من الحلويات التقليدية المتوارثة عن الجدات، تحضيرا لـ “يسنية” سهرات رمضان التي يجتمع فيها الأقارب والأحباب للتسامر و تمضية أحلى الأوقات التي يتخللها عقد الفال والبوقلات، وهي الأجواء التي تضفي على سهرات القسنطينين رونقا خاصا،حيث تنفرد “سينية” العائلة القسنطينية بباقة متنوعة من الحلويات اللذيذة التي تتميز بنكهات جد خاصة لا يمكن بما كان للحلويات المعاصرة مضاهاتها، كالصامصة، المقرقشات، طمينة اللوز، وحلوى الجوزية...وغيرها من الحلويات التي لا تزال تحافظ عليها العائلات القسنطينية رغم التطورات الحاصلة، والتي تعتبر دخيلة على عادات وتقاليد مدينة لا تزال تحتضن نكهتها وتحميها من كل تهديدي ثقافي حضاري يهدد باندثارها. 
 وهي العادات الرمضانية التي لا يمكن للمرأة القسنطينية استبدالها مهما كانت المغريات، لعدة أسباب أهمها العلاقة الحميمية المتأصلة في الذاكرة الجماعية التي تربط أفراد المجتمع القسنطيني بعاداتهم المتوارثة عن السلف، وهي العادات
والتقاليد التي بصمت بها المائدة القسنطينية ما جعلها تتميز عن باقي موائد ولايات الوطن، وإن كانت هناك عوامل مشتركة تربط فيما بينها جراء الاحتكاك وتناقل الخبرات وتكييفها وخصوصيات كل منطقة، حيث تتزين “سينية” سهرة رمضان بجل بيوت مدينة الصخر العتيق بحلة رمضانية تفتن الناظر إليها قبل الشروع في تذوق طعمها الذي يأخذك بعبقه في رحلة إلى الزمن الجميل، أين لا يوجد محل لزخم المضيفات والمنكهات الصناعية التي جعلت أذواق العديد من الحلويات العصرية تتحول قلبا وقالبا، فعلى الرغم من ضغوطات الحياة العصرية التي صعبت على الكثيرات من ربات البيوت، سيما منهن الموظفات التفنن في إعداد هاته الحلويات التي تأخذ حيزا طويلا من الوقت لإعدادها، غير أنهن يحرصن دوما على تطويع الزمن لتحضير هاته الأخيرة التي تعد فال خير، لما تحمله من قيم  ومورثات مجتمعية راسخة لا يمكن محوها على مر السنين، حيث تحرص ربات البيوت على تحضير سينية سهرة رمضان المزينة بتشكيلة شهية من الحلويات التقليدية المرفوقة بفناجين القهوة المعطرة بماء الزهر، الذي تسعى النساء لتقطيره خلال فصل الربيع لاستخدامه في إعداد أشهى المأكولات والحلويات وإضافته لتعطير مذاق البن المر، ما يجعل قهوة ناس قسنطينية جد خاصة، وهي “السينية” التي يتم إعدادها من طرف ربات البيوت من دون كلل ولا ملل طيلة شهر الصيام  حفاوة بالضيوف والزوار الذين يتسامرون حتى ليلة القدر والتي تسمى بليلة الفراق، على أن يتم الوصال فيما بينهم يوم عيد الفطر المبارك.
كما تعمد الكثير من الأسر لاقتناء بعض الحلويات التقليدية من أسواق المدينة العتيقة على غرار حلوى “النوقة” المشهورة التي تصنع منذ سنين طويلة بحي سيدي جليس العتيق، إذ وبمجرد أن تطأ قدماك الحي تدغدغ أنفك على بعد كيلومترات قليلة الرائحة الشهية لحلوى “النوقة” التي يعد ثمنها في متناول الجميع، في حين يفضل ذوو الدخل الجيد اقتناء حلوى “الجوزية” اللذيذة التي تنفرد بصناعتها عاصمة الشرق الجزائري.