طباعة هذه الصفحة

خلال مناقشة مشروع قانون التنظيم القضائي، الوزير طبي:

تغيير عميـــــق في العدالــــــة ونصوص تنتظر «التـــــــــــــأشير»

هيام لعيون/ واج

-المحاكم الإدارية للاستئناف محلّ مجلس الدولة

- حركة مرتقبة في سلك القضاة نهاية جويلية

كشف، أمس، وزير العدل حافظ الأختام عبد الرشيد طبي، عن عدة محاور تخص القطاع، منها إحداث «ثورة»، كما قال، من حيث الإجراءات والأساليب، نظرا لكثافة المشاريع القانونية الجاهزة التي تحتاج فقط إلى إشراك الفاعلين والشركاء، ستنزل للبرلمان في الأيام المقبلة، منها استحداث المحاكم الإدارية للاستئناف، كدرجة ثانية للتقاضي في المحاكم الإدارية، وتعديل قانون الإجراءات المدنية والجزائرية المنتظر عرضه في مجلس الحكومة، الخميس، فضلا عن إصلاح محكمة الجنايات، ونزول قانون التقسيم القضائي الذي ستتحول بموجبه عدد المجالس إلى 58 مجلسا تلقائيا، فضلا عن عدة مشاريع قوانين جاهزة تحتاج إلى إشراك الفاعلين والشركاء، حرصا على حماية الحريات والحقوق ولتوفير أكبر قدر من توفر شروط المحاكمة العادلة.

عرض، أمس، وزير العدل حافظ الختام، التقرير التمهيدي لمشروع القانون العضوي المتعلق بالتنظيم القضائي، بالمجلس الشعبي الوطني، الذي تم تكييفه مع أحكام المادة 175 من الدستور، التي استحدثت المحاكم الإدارية للاستئناف، كدرجة ثانية للتقاضي في المحاكم الإدارية، تستأنف أمامها الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية، بدلا من مجلس الدولة، الذي أخذ طابعا استعجاليا، بسبب إدراج تنظيم الجهات القضائية، حيث من المنتظر أن ينزل قانون قضائي يتضمن المحاكم الإدارية الاستئنافية التي يجب أن تنصب بداية السنة، يقترح مراجعة القانون العضوي المنصوص عليه في القانون 05-11 المؤرخ في 17 جويلية 2005 والمتعلق بالتنظيم القضائي.
تعليمة للموثقين تخص مطلوبين في قضايا فساد
وفي ردّه على انشغالات النواب، أكّد الوزير رشيد طبي، بخصوص مطالب توفير القائمة الإسمية للمتورطين في قضايا فساد، والتي من المفترض أن توضع لدى الموثقين لتفادي التعامل معهم، أن مصالحه أرسلت تعليمه للموثقين من أجل لفت نظرهم قبل إبرام العقود وتنبيههم إلى بعض تصرفات أشخاص مطلوبين في قضايا فساد، لاسيما ما تعلق بالتهرب من العدالة من خلال تغيير الأملاك العقارية، وهو ما يعاقب عليه القانون، بما في ذلك الطرف المكلف بإبرام العقد، مشيرا إلى أن القائمة الإسمية والأحكام والقرارت علنية اليوم وبإمكان الكل الاطلاع عليها، أي أن كل موثق يمكنه الحصول عليها من أجل وضع القائمة الإسمية الخاصة به من أجل أخذ احتياطاته.
إصلاحات بمحكمة الجنايات
وذكر وزير العدل، أن محكمة الجنايات تحتاج الى إصلاحات، لتحقيق القضاء المحترف، من خلال إعادة النظر في نظام المحكمة، بالتخلي عن القضاء الشعبي، في إصدار الأحكام، مشيرا إلى أن الاحتراف يشمل جرائم اقتصادية وإلكترونية لا تعاجل بالطريقة الشعبية.
وتحدث طبي، عن «ثورة» سيعرفها التشريع من حيث إدراج عدة إجراءات وأساليب، ستكون مفاجئة، مضيفا أن المشاريع الجاهزة تحتاج إلى إشراك الفاعلين والشركاء قبل نزولها إلى البرلمان، ليؤكد ضرورة حماية الحريات والحقوق ولتوفير أكبر قدر من توفر شروط المحاكمة العادلة، مع تكريس القضاء الجماعي في جرائم الفساد، مشيرا إلى حركة مقبلة في سلك القضاة نهاية جويلية.
الهارب من العدالة يفقد حقه القانوني
أما بخصوص الهاربين من العدالة، والذين يطالبون بحق النقض، فقد أكد الوزير على أن الحق القضائي لن يتم إلا بعد تسليم أنفسهم للعدالة للطعن في الحكم، مشدّدا على أن الهارب من العدالة لا يتحصل على حقه القانوني.
وعن قضية التخصص، أوضح الوزير أن هناك تخصصات كثيرة كان آخرها تخصص القضاة الإداريين، حيث يُشترط في قضاة العدل والمحاكم الإدارية للاستئناف، خبرة لأكثر من خمس سنوات كممارسة في القضاء الإداري ومن مجلس الدولة، الذي يفصل في مسألة التحاقهم بالمحاكم الإدارية للأستئناف، لتأطير المحاكم والمجالس.
وأوضح أن الخبرة المكتسبة في مجلس الدولة والمحكمة العليا ستجعل القضاة متخصصين، لأنه لا يعقل ان يجلب قاض تابع لمحاكم ادارية لمجلس الدولة أو محكمة الاستئناف. فيما كشف عن تنصيب هذه المحاكم الإدارية للإستئناف خلال أيام، بما أن المقرات جاهزة والقضاة جاهزون والنصوص كذلك، حيث سيغطي العدد كل التراب الوطني.
وأبرز الوزير، أن المحاكم الإدارية للإستناف لا تحتاج إلى عدد كبير من القضاة، بينما أن الإنطلاقة بالاستعانة بحوالي 40 قاضيا، حيث يجب توفير خمسة قضاة في كل محكمة.
تعديل قانون الإجراءات المدنية والإدارية
في سياق آخر، كشف طبي أن تعديل قانون الإجراءات المدنية والإدارية، المبرمج أمام مجلس الحكومة، وفق رزنامة، مشيرا أن التعديل الشامل سيكون في نهاية هذه السنة، وسيأخذ بعين الاعتبار كل التناقضات والمشاكل التي أثيرت في الميدان، ليوضح أن مسودة القانون المعدلة جزئيا جاءت باستعجال وستنزل إلى البرلمان، ابتداء من الأسبوع المقبل، لاسيما ما تعلق بالمحاكم الإدارية والاستئنافية.
نحو تقليص عدد المحاكم الإدارية
وأشار طبي، أن الكثير من المحاكم الإدارية العادية من بين 48 المتواجدة على مستوى التراب الوطني، لا تشتغل كما يجب، حيث لا توجد أي معالجات قضائية للقضاة، وهو ما يستدعي تقليصها. مبرزا أن قانون التقسيم القضائي المقبل، وبعد مروره على مجلس الحكومة واجتماع مجلس الوزراء، سيسمح تلقائيا بالرفع من عدد المجالس القضائية إلى 58 مجلسا بدل 48 مجلسا قضائيا، وهذا بعد عشرين سنة من إحداث محكمة التنازع، حيث أن كل المنازعات التي طرحت أمامها تتعلق بـ200 قضية، ما يعني أن التنازع بين القضاء العادي والقضاء الإداري ليس بالأمر الكبير.
ورد طبي، بخصوص توفير فضاءات تتوفر على الضروريات لأهالي المحبوسين أثناء زيارتهم، بأن المسألة ستتكفل بها السلطات المحلية، المطالبة بالوصول إلى أرضية من أجل رفع المعاناة، مشيرا أن إنجاز المشاريع وتجهيزها يكون تدريجيا وفي حدود الإمكانات المتاحة لفتح محكمة وتجهيزها.
2000 منصب عمل في القطاع
 وعن مسألة التوظيف، أعلن وزير العدل أن مسابقات التوظيف سمحت بإلتحاق 1100 بمناصب جديدة للأسلاك المشتركة فيما يخص أمناء ضبط، وكذا 800 موظف جديد في إدارة السجون، مذكرا أن العدد غير كاف، إلا أنه تم مراعاة ظروف البلاد واحتياجات قطاعات أخرى.
قانون المضاربة سيطبق بصرامة 
في سياق مختلف، شدد ممثل الحكومة على أن قانون المضاربة، الذي صدر في الجريدة الرسمية، بتاريخ 28 ديسمبر 2021، قد تمّت مراسلة الجهات المختصة من أجل تطبيقه بصرامة خلال هذه الأيام الحالية، نظرا لخطورة العقوبات، موازاة مع الشروع في حملة تحسيسية، على أن يُؤتي القانون أُكله خلال أيام فقط. فيما كشف في سياق آخر، عن إمضاء مرسوم خاص خلال أيام قادمة، يتعلق بمستخدمي الصحة في المؤسسات العقابية العاملين خلال فترة «كوفيد»، بقطاع العدالة من أطباء وأعوان مستخدمي الصحة، في ظل التحكم في الوضعية الوبائية والتكفل بها. 
القانون الأساسي بحاجة إلى إثراء
فيما كشف ممثل الحكومة أنه تم فتح باب الحوار مع أمناء الضبط بالمحاكم، بعد احتجاجهم المتواصل، منذ أسبوع، على مستوى الهيئات القضائية. وهو مطلب شرعي كرسه الدستور، حيث تم الاتفاق على تنفيذ المطالب الشرعية، خاصة ما تعلق بمنحة التحصيل المقدرة بـ7٪ وفق ما كرّسه قانون المالية 2017، مشيرا أن المرسوم التنفيذي مطروح على مستوى الحكومة، وسيفصل فيه خلال الأيام. فيما تحتاج انشغالات القانون الأساسي إلى إثراء، بإشراك الشركاء مع مراعاة التطورات الحاصلة في البلاد، وعلى ضوء قانون المالية 2022 سيتم مراجعة الأجور من خلال تخفيض الضريبة على الدخل والنقطة الإستدلالية، حيث سيكون ذلك في نهاية مارس.
المناقشة تركز على إمكانات التطبيق
تمحورت مناقشات نواب المجلس الشعبي الوطني لنص مشروع القانون العضوي المتعلق بالتنظيم القضائي، أمس، حول الإمكانات البشرية والمادية اللازمة لتطبيق مضمونه في ظل الوضع الإقتصادي الذي تمر به البلاد.
ثمن النائب سليم تبوب (حركة مجتمع السلم)، استجابة نص المشروع لما جاء في الدستور الجديد، بينما شدد على ضرورة تضمينه الآليات الكفيلة بتنفيذه وتجسيده على أرض الواقع. ولفت، إلى أن عرض وزير العدل حافظ الاختام لنص المشروع «يفتقر إلى تحديد الآجال، خصوصا فيما يتعلق باستحداث المحاكم الجديدة» وكذا إلى الإمكانات المادية والبشرية اللازمة، بالنظر الى الوضع الإقتصادي الذي تمر به البلاد، بحيث تستلزم الهياكل الجديدة ميزانية ضخمة لإنشائها، كما تحتاج الى قضاة متخصصين ومكونين وفق المهام الجديدة.
كما أكد النائب كمال عويسات (الأحرار) ضرورة تكييف تكوين القضاة مع المحاكم الجديدة واختصاصاتها وهو ما يستوجب رصد الميزانية اللازمة والذي يتعذر -بحسبه- بالنظر إلى الوضع الاقتصادي الراهن.
في ذات الإطار، طالب النائب نبيل رحيش (حركة مجتمع السلم)، بتوضيح مهام المحاكم المتخصصة للفصل في المنازعات التجارية والعقارية وغيرها، في ظل وجود غرف على مستوى المجالس القضائية تعمل في هذا المجال، مضيفا بوجوب استحداث مواد تطبيقية لضمان الفصل بين التخصصات.
وكان لمسألة توفير العدد الكافي من القضاة وتكوينهم بحسب الاختصاص نصيب من مداخلة النائب أمينة قريشي (حزب جبهة التحرير الوطني)، التي تساءلت بخصوص الاعتبارات المعمول بها لاختيار قضاة الأقطاب والمحاكم المتخصصة المراد استحداثها.
في ذات الإطار، أكدت النائب لامية زبوشي (التجمع الوطني الديمقراطي)، على «أهمية أن يمنح نص القانون الجديد صلاحيات أكبر للقضاة»، مع استحداث جهاز لتكوينهم وفق التخصصات الجديدة.
كما تطرقت في مداخلتها، إلى أهم مطالب موظفي وعمال القطاع، داعية إلى إعادة النظر في أوضاعهم المهنية والاجتماعية.
أما النائب محمد لمين مبروكي (حركة مجتمع السلم)، فركز على أهمية تدارك جل النقائص الموجودة في القانون السابق، بينما انتقد في المقابل الحديث عن استحداث المحاكم الإدارية الاستئنافية عبر التراب الوطني، في وقت تعرف فيه الجزائر أزمة اقتصادية.