أكثر من 1941 مليار دينار للدعم الاجتماعي
58 مليار دينار لفائدة الصناديق الاستثمارية
اعتبر المختصون، قانونَ المالية 2022 ثورة حقيقية في مجال الإصلاحات الكبرى التي تبنتها الجزائر من إجل إطلاق اقتصادي قوي على أسس متينة. متمثلة في الشفافية ومناخ أعمال مستقطب وفق قاعدة «رابح رابح»، في إطار شراكة ناجعة بين القطاع العام والخاص تكون الرقمنة إكبر تحدياتها، وكذا تحسين القدرة الشرائية للمواطن من خلال مراجعة النقطة الاستدلالية وإلغاء الضريبة على الدخل الإجمالي، مع الإبقاء على سياسة الدعم للدولة، بجعلها أكثر نجاعة من خلال الانتقال من الدعم المعمم إلى الدعم الموجه.
في تدخله خلال اليوم الإعلامي حول قانون المالية 2022. أمس، أكد رئيس الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة طيب شباب، أن الجزائر حافظت على دعمها والتزاماتها الاجتماعية، بالرغم من تداعيات الوباء العالمي، حيث اعتبرت التخلي عن المبدإ المكرس في بيان أول نوفمبر من المحرمات، لهذا خصصت الدولة في قانون المالية 2022 أكثر من 1941 مليار دج للدعم الاجتماعي لكل الفئات دون تمييز.
وقال، إنه لمن الشجاعة اليوم إنشاء جهاز وطني للدعم لتعويض الأسر المتعثرة حيث يحل محل النظام المعمم الذي كان لا يصل إلى أفراده بأكثر من 20٪، معتبرا أن التطبيق الصحيح للقانون 188 حلا اجتماعيا عادلا وحلا اقتصاديا كبيرا يقلل من ظاهرة التهريب ويعطي أكثر شفافية في التطبيق، بل عده مشروعا مستقبليا للجزائر، خاصة في بداية انطلاق التجارة البينية.
وتضمن مشروع قانون المالية 2022، بحسبه، مجموعة من الإجراءات الجبائية والتشريعية التي من شأنها تشجيع الاستثمار، بالأخص لفائدة الشباب المقاول. وتصل نسبة الإعفاء من الدخل الإجمالي من أرباح الشركات إلى عشر سنوات في المناطق الجنوبية، إعفاء دائم في مجال الضرائب للمصدرين، السياحة والأنشطة الحرفية وكذلك تربية المائيات.
وفيما يتعلق بتشجيع الاستثمار المحلي، نصت الوثيقة على تخصيص ما قدره 58 مليار دينار لفائدة الصناديق الاستثمارية في الولايات 58 المكلفة بالمساهمة برأسمال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وأشار شباب إلى أن قانون المالية 2022 يعد ثورة في مجال الإصلاح الضريبي، لتثمينه عدة إجراءات لتحفيز وتحسين القدرة الشرائية للمواطن وتشجيع الاستثمار، فهناك كذلك استحداث منحة للبطالة، وإعادة النظر في النقطة الاستدلالية للأجور، معتبرا أنه دليل واضح على بحث الحكومة على بناء اقتصاد الدولة وليس اقتصاد الأشخاص، داعيا في الوقت نفسه إلى الإسراع في إصدار قانون الاستثمار، مع تأكيده على الرقمنة في جميع القطاعات لبناء خطة إنعاش اقتصادية مبنية على مقاربة شاملة تسمح للجزائر باستغلال كل الإمكانات الاقتصادية الموجودة والتي كانت في طي النسيان من فلاحة وصيد بحري وصناعة، من أجل تحقيق الأهداف المسطرة في برنامج رئيس الجمهورية.
كل دينار ينفق محل تقييم
أكد المدير العام للميزانية بوزارة المالية فايد عبد العزيز، أن سنة 2022 هي سنة الإصلاحات الكبرى في سياسة الدعم والصفقات العمومية والميزانية، حيث سيكون لها أثر مباشر على المواطن، فنحن اليوم أمام تحدي الانتقال من ميزانية الوسائل إلى ميزانية النتائج، في إطار الإصلاح الميزانياتي، حيث يكون كل دينار ينفق محل تقييم، وكل مسؤول يحاسب على الأهداف انطلاقا من معايير الأداء، عن طريق مؤشرات النجاعة، حيث سيتم الانطلاق في ميزانية البرامج حسب الفلسفة الجديدة للدولة في جانفي 2023 والتي اعتبرها أمّ الإصلاحات الاقتصادية في الجزائر.
أما عن الآليات المعتمدة في تطبيقها، قال إن الرقمنة ستكون الوسيلة الأنجع لتحسين الحكومة المالية فيما يتعلق بنفقات الدولة، حيث ستكون أهم خطوة لتجسيدها على أرض الواقع فيما يخص تعداد وتنفيذ الميزانية، مؤكدا أن هذا النظام سيعود بالفائدة على المواطن أولا وعلى الدولة، فـ2022 سنة إطلاق النمو الاقتصادي، حيث ستستمر الدولة في دعم النمو الاقتصادي كبداية إلى حين دخول المؤسسات الاقتصادية في عجلة الإنعاش الاقتصادي، حيث تعمل جاهدة على خلق مناخ أعمال مستقطب للاستثمارات.
واستنادا إليه، حان الوقت لتأخذ المؤسسات الاقتصادية دورها في عجلة التنمية فالدولة اليوم تساهم بـ43٪ من الناتج الخام، من خلال مساهمتها في استحداث مناصب شغل وصناعة الثروة وكلها أمل أن تنتقل إلى مرحلة العمل، حيث أرجع العجز الذي تعرفه الجزائر إلى ما تراكم من سنوات مضت منذ 2015، زادت من حدته جائحة كورونا منذ ما يقارب السنتين، كاشفا أن وقف نفقات الاستثمار يساهم في تحسين النمو الاقتصادي، حيث لا تتعدى المديونية الداخلية 60٪ من الناتج الخام، ما يسمح بوجود هامش لتمويل العجز بالآليات النقدية المتوفرة.
في الوقت نفسه، نفى تخلي قانون المالية 2022 عن الدعم الاجتماعي للدولة، لأنه انتقل من الدعم المعمم إلى الموجه، ستستفيد منه الفئات المستحقة فقط، على عكس الموجود حاليا، لأن الأغنياء هم المستفيد الأول من صيغة الدعم هذه، ما يمكن اعتباره تبذيرا للمال العام، لذلك يجب التوجه إلى عقلنة النفقات العامة وكذا السلوك الاستهلاكي للفرد والمؤسسات الاقتصادية.
وقال، إن تطبيق الدعم الموجه لن يكون في 2022، لأنها ستكون سنة وضع الآليات، من خلال تنصيب لجنة وطنية موسعة تضم أعضاء من مجلس الأمة ونوابا من المجلس الشعبي، إلى جانب منتخبين محليين وكذا ممثلين عن القطاعات المعنية وأيضا المجتمع المدني وخبراء، مؤكدا أن أكبر المستفيدين من هذا الدعم هم أولئك الذين لا يملكون دخلا، حيث سيكون تطبيقه بصفة متدرجة، متزامنا مع تعويض الزيادات في رواتب الفئات المستهدفة، لذلك ستكون سنة 2022 سنة إحصاء الفئات المستحقة أو المستهدفة بدعم الدولة الموجه.
ونفى فايد أن يكون قانون المالية 2022 سببا في ارتفاع الأسعار، التي أرجعها إلى ارتفاع أسعار الشحن الدولية وكذا السلع في السوق العالمية، مؤكدا أن الدولة تمتص صدمة الارتفاع العالمي للأسعار، ففي 2021 وصلت فاتورة الحبوب إلى 300 مليار دينار، الزيت 40 مليار دينار، الماء 50 مليار دينار، ما يعني أن الدولة تستمر في دعمها وهي من تمتص الصدمات العالمية للأسعار.
أما فيما يتعلق بقانون الصفقات العمومية، فاعتبر المتحدث إطلاق الشباك الإلكتروني خطوة محورية لإرساء شفافية وفعالية أكبر في تسيير المالية العمومية، من خلال إجراء الصفقات العمومية، التسجيل وحتى الإمضاء مستقبلا عبر هذه البوابة الإلكترونية، ما سيمنع أي تلاعبات أو فساد في الإدارة. كما تعد رقمنة إجراءات الصفقات العمومية خطوة مهمة لضمان حرية الوصول إلى الطلب العمومي والمساواة بين المرشحين وشفافية الإجراءات، إرساء المنافسة وربح الوقت والتكاليف.