الالتزام بتنفيذ التوصيات وإصلاح نقاط الضعف
شدّد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، على مراجعة جذرية للأوضاع المهنية لمستخدمي قطاع الصحة والتكفل بكافة انشغالاتهم قبل نهاية السنة الجارية، مؤكدا عزم الدولة على توفير كل الوسائل للتغلب على وباء كورونا والعمل على تحسين المنظومة الصحية من خلال الحفاظ على نقاط القوة وإصلاح نقاط الضعف في القطاع.
قال رئيس الجمهورية، في كلمة له خلال إشرافه على اختتام أشغال الملتقى الوطني حول تجديد المنظومة الصحية بقصر الأمم بحضور الوزير الأول وزير المالية أيمن بن عبد الرحمان ووزير الصحة ورئيس مجلس الأمة صالح قوجيل ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق السعيد شنقريحة ورئيس المحكمة الدستورية عمر بلحاج ومجموعة من الوزراء والإطارات، قال إن الظروف الصعبة التي مرت بها الجزائر مؤخرا، فرضت على الحكومة الاهتمام بملفات أخرى تحظى بالأولوية، ولكن آن الأوان للتكفل بالمطالب الشرعية لمهنيي الصحة ومعالجة جميع مشاكلهم ومنحهم ما يستحقون بعد التضحيات والجهود التي بذلوها كافة العمال الذين ينتمون إلى القطاع.
مراجعة القوانين الأساسية
أبرز رئيس الجمهورية، أهمية أشغال الملتقى الوطني لتجديد المنظومة الصحية والتي تابعها بكل اهتمام، مؤكدا التزامه بتنفيذ التوصيات التي أسفرت عنها ورشات العمل على أرض الواقع، خاصة ما تعلق بالمسائل المالية وكذا التكفل بكافة انشغالات عمال الصحة وتحسين أوضاعهم المهنية، من بينها مراجعة القوانين الأساسية والنظر في المسار الوظيفي قبل نهاية السنة الجارية، مشيدا بحجم التضحيات التي قدمها أفراد «الجيش الأبيض» في مواجهة الوباء، متقدما بالمناسبة بعبارات التقدير والعرفان للأسلاك الطبية وشبه الطبية وكل عمال القطاع نظير جهودهم المضنية.
ورد على بعض الأطراف التي تطعن في الأطباء الجزائريين وفي مستوى المنظومة الصحية، قائلا: «إننا نملك أحسن الأطباء في العالم وبشهادة الجميع، منتقدا ما قامت به إحدى الجرائد، بنشرها صورا تقزم الطبيب الجزائري وتسعى إلى البحث عن النقاط السوداء، بهدف التأثير على معنويات المواطنين وإعطاء الفرصة لبعض الجهات الأجنبية استغلال ما ينشر داخل الوطن من أمور سلبية»، موضحا أن الانتقاد البناء من أجل إصلاح الأوضاع مرحب به ولكن الانتقادات الباطلة لأغراض أخرى لا تقبل.
وبخصوص الوضع الوبائي الحالي، أكد أن الجزائر ستتمكن من مكافحة الفيروس بكفاءاتها وقدارتها ومساهمة الجميع، بعيدا عن المتشائمين الذين يتنبأون بالأسوإ، داعيا إلى التجند أكثر لإنجاح الحملة الوطنية للتلقيح التي تعتبر المنفذ الوحيد لمواجهة الأعراض الخطيرة لفيروس كورونا، مشيرا إلى التجربة الرائدة للجزائر في مجال التلقيح ومكافحة الأمراض المعدية الفتاكة وذلك بفضل اتباع منظومة تلقيح ساهمت بشكل كبير في تحقيق نتائج جيدة وجعلت الجزائر تصنف كأول دولة إفريقية نجحت في القضاء على أمراض معدية خطيرة رغم الإمكانات المحدودة في تلك الفترة.
في ذات السياق، تابع رئيس الجمهورية قائلا: «بكل افتخار، نؤكد بأن المنظومة الصحية في بلادنا تعد من أحسن المنظومات في إفريقيا، انطلاقا من مبدإ العلاج المجاني وإيصاله إلى آخر نقطة في البلاد، لافتا الى أن كل الانجازات المحققة في قطاع الصحة تمت بفضل تجند الأطباء ومساهمتهم الكبيرة في التطور الحاصل، خاصة وأن النظام الصحي غداة الاستقلال كان يعيش وضعا مزريا، مضيفا أن الموارد البشرية تعد الركيزة الأساسية لقطاع الصحة والتكفل بانشغالات المهنيين يضمن تحسين مستوى الخدمات الصحية.
نقاط قوة وضعف
وشدد رئيس الجمهورية على ضرورة تضافر الجهود ومساهمة الجميع في الرفع من مستوى القطاع وتحسين المنظومة الصحية ونوعية العلاج، لتحقيق هدف الانتقال إلى مرحلة أخرى للاقتراب من مستوى المنظومات الصحية في أوروبا الغربية، قائلا: «إن قطاع الصحة في الجزائر لديه نقاط ضعف يجب إعادة النظر فيها وإصلاحها وفي نفس الوقت توجد نقاط قوة ينبغي الحفاظ عليها، من بينها بعض المؤشرات الإيجابية، على غرار ارتفاع متوسط العمر».
واعتبر الرئيس تبون، أن العجز المسجل في بعض النواحي المتعلقة بقطاع الصحة، ليس راجعا لنقص الوسائل وإنما يعود للتطلعات الكبيرة والطموح القوي للمواطن، موضحا أن الأمر يتطلب أيضا مراقبة تبذير الأدوية وإيجاد حلول لمشاكل التنظيم، إلى جانب صيانة التجهيزات والحفاظ عليها، مع ضمان التكوين المتواصل لمستخدمي القطاع.
وزير الصحة: التوصيات مرجعية لعمل القطاع مستقبلا
أكد وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عبد الرحمان بن بوزيد، أن توصيات أشغال الملتقى الوطني للمنظومة الصحية، تندرج ضمن الأهداف الإستراتيجية لرئيس الجمهورية، والتي من شأنها المساهمة في وضع منظومة عصرية لتحسين مستوى الخدمات الصحية.
أفاد بن بوزيد في كلمة ألقاها بمناسبة اختتام فعاليات أشغال الملتقى الوطني للمنظومة الصحية، أن المشاركين عملوا بكل جدية وبذلوا جهدا كبيرا للخروج بتوصيات واقتراح حلول عملية قابلة للتطبيق على أرض الواقع، خاصة ما تعلق بتنظيم الخدمات الصحية وشبكات العلاج وتمويل أنشطة مؤسسات الصحة.
وقال، إن قطاع الصحة يحظى بالدعم المستمر من قبل رئيس الجمهورية، ما يفسر إشرافه شخصيا على اختتام أشغال الملتقى، الذي يعد نقطة انطلاقة جديدة في قطاع الصحة وإعادة بعث وعصرنة المنظومة الوطنية للصحة وتحسين مستوى الخدمات الطبية، ملتمسا منه اعتماد التوصيات التي خرج بها المشاركون كمرجعية وكورقة طريق لعمل قطاع الصحة في المستقبل.
ولفت وزير الصحة، إلى أنه قد تم تسليط الضوء على عديد المواضيع الهامة في القطاع والمتعلقة بتطبيق وتكييف المناهج الجديدة للصحة الوقائية ومختلف النقائص في القطاع، من خلال تشخيص الوضع وتوضيح الرؤى وتقديم الاقتراحات، مؤكدا أن هذا الملتقى يعد المحطة الأخيرة لسلسلة اللقاءات التحضيرية على المستويين الجهوي والولائي والذي انبثقت عنه توصيات هامة سيتم العمل على تنفيذها وتطبيقها في الميدان.
وأضاف، أن الملتقى الذي عرف مشاركة أكثر من 700 فاعل، شكل أهمية كبيرة بالنسبة للقطاع لمناقشة الخطوط الرئيسية للإستراتيجية الوطنية لبناء نظام صحي جديد قادر على تلبية احتياجات السكان وفقا للمعايير الدولية، من خلال تشخيص دقيق للوضع الصحي الحالي.
وتحدث وزير الصحة، عن أهمية التلقيح ضد فيروس كورونا قائلا، إنه بات من الضروري إقبال جميع المواطنين على أخذ اللقاح لضمان الحماية من الأعراض الخطيرة، خاصة وأن أغلب الأشخاص المتوفين بسبب الإصابة بالفيروس غير ملقحين، مشيرا في ذات السياق إلى أن توسيع فرض الجواز الصحي يعد قيد التنفيذ بغرض دفع أكبر عدد إلى التلقيح.
ومن بين أهم التوصيات التي خرجت بها أشغال الملتقى الوطني للمنظومة الصحية، رقمنة نظام المعلومات الصحية والوقائية وإنشاء معهد وطني لليقظة الصحية وإنشاء نظام تعويضي ومراجعة القوانين الأساسية وكذا وضع تدابير تحفيزية لفائدة الممارسين الأخصائيين في الجنوب والهضاب العليا، إلى جانب إنشاء صناديق مالية خاصة بالتكفل بالنفقات غير المتوقعة والمنجرة عن الأزمات، بالإضافة إلى مراجعة التنظيمات التي تضبط حركة المنتجات الصيدلانية في المستشفيات وكذا إعداد استراتيجية وطنية للصحة الرقمية في الجزائر.