طباعة هذه الصفحة

ستباشر عملها في القريب المنظور

لجنـــــة برلمانيـــة للتحقيــــق في النــــدرة وملاحقة المضاربين

هيام لعيون

 أشهرت، أمس، السلطات العليا سيف العقاب وتوعدت «المناورين» بالمحاسبة والمتابعة، من خلال الشروع في تقصي الحقائق وملاحقة المتسببين  في تهديد أمن واستقرار الوطن ومستهدفي قوت الجزائريين، وفي وجه كل من يطمح لتحطيم اقتصاد البلاد، خاصة بعد الندرة والتذبذب الحاصل في السوق والذي مس مواد غذائية ذات الاستهلاك الواسع، حيث تعمّد المتلاعبون بنشر الارتباك وسط المواطنين، وما صاحبه من إشاعات من هذا القبيل، وما لها من انعكاسات خطيرة على الاستقرار.

أعلن البرلمان عن «تشكيل لجنة تُعهد إليها مسؤولية التحقيق والتقصي في مشاكل الندرة والاحتكار، الذي طال بعض السلع والبضائع من المواد الأساسية ذات الاستهلاك الواسع في مختلف أرجاء البلاد، وفي مختلف الجوانب ذات الصلة، وهذا تناغما مع توجيهات الرئيس تبون»، الذي كان قد أمر خلال أزمة مماثلة عرفتها الجزائر سابقا بـ «ضرورة التصدي بكل حزم للمحاولات المتكررة للتخريب بهدف تركيع الاقتصاد الوطني وخلق الندرة بنشر الارتباك بين المواطنين، والتي تعتمدها منظمات إرهابية باتت معروفة».
جاء الإعلان عن هذا القرار خلال اجتماع لمكتب المجلس، أمس السبت، ترأسه رئيس مجلس الأمة صالح قوجيل، وجميع رؤساء المجموعات البرلمانية والمراقب المالي، حيث أُصدر بيان حول الأوضاع الداخلية للبلاد وما تشهده السوق من ندرة وتذبذب في المواد الاستهلاكية، عقب لقائه رئيس الجمهورية.
وأوضح قوجيل، أن تشكيل اللجنة هدفه التقصي حول ما تعيشه السوق الوطنية من ندرة في المواد الغذائية؛ وضع يشكل تهديدا للاستقرار الاجتماعي.
وبحسب ذات المصدر، فإن اللجنة المعلن عنها والتي جاءت بالتنسيق مع رئيس الغرفة الأولى للبرلمان، ستقف على «دوافع أزمة الندرة هذه ومسبباتها الرئيسية ومن يغذيها ويدور حولها، وذلك بهدف السعي لصد أي مناورات من قبل المضاربين وسلوكاتهم الكيدية المتكررة، وأنانيتهم الفردية وطمعهم الشخصي على حساب المنتج والمستهلك على حد سواء».
وأشار مكتب مجلس الأمة، إلى توجهات الدولة في محاربة آفة الاحتكار والمضاربة غير المشروعة، التي أضحت تأخذ أبعادا استفزازية جديدة، تهدد الاستقرار والتماسك والمناعة المجتمعية للأمة، مشيرا إلى «اضطلاع مجلس الأمة بمسؤولياته الدستورية في الوفاء لثقة الشعب وتطلعاته، وعملا بنص المادة 159 من الدستور ومقتضيات القانون العضوي والنظام الداخلي للمجلس، وبخصوص مستجدات الوضع في السوق السلع والبضائع في عديد ولايات الوطن، وما اتصل بها من ممارسات وسلوكات عدوانية مشينة من بعض المضاربين، مست قوت ومعيشة المواطنين».
ويذكّر مكتب المجلس الأمة، حسب الوثيقة سالفة الذكر، كل دعاة الاحتكار وعرابي الطمع والجشع والمكر المتعمد وإحداث القلائل، ومحاولات فرض المحظور لجر البلاد إلى ما لا يحمد عقباه، الساعين إلى الذل والهوان، سعيا حثيثا ويحسبونه ربحا سؤددا، بأن البرلمان بغرفتيه كان قد صادق منذ فترة وجيزة على القانون المتعلق بمكافحة المضاربة غير المشروعة، بما حمله من تدابير وإجراءات ردعية جديدة، وبالتالي ستكون أرضية لعمله، فإنه يجدد انخراطه المطلق في منهج رئيس الجمهورية، واصطفافه حول الناحية الإجرائية لمحاربة أعداء الوطن، وأن الجزائر الجديدة بمختلف مؤسساتها ستردع كل يد آثمة تحاول جعل قوت الجزائريات والجزائريين في المزاد وستنسف بمخططاتهم الدنيئة والبائسة.
المساءلة والمحاسبة
ويشدد مكتب مجلس الأمة، على أن «يد الدولة وسلطان القانون سيكونان لذلك بالمرصاد من خلال المساءلة والمحاسبة، لتكريس رؤية واضحة للمساواة المجتمعية والمحافظة على الطابع الاجتماعي للدولة، فإن لجنة التحقيق هذه ستباشر عملها من خلال تسطير برنامج عمل في القريب المنظور وفق الإجراءات القانونية المرعية في الموضوع».
ويأتي إنشاء لجنة تحقيق برلمانية، للتقصي حول الندرة، ليشير بأن هناك «عصابات» تعمل في الخفاء بهدف تعطيل تقدم قطار بناء الجزائر الجديدة، واستكمال خطة الإنعاش، بل والذهاب نحو الإقلاع الاقتصادي، حيث لا تزال هناك محاولات تستهدف تقدم المخططات، خاصة وأن نفس المخططات كانت استهدفت استقرار البلاد، بالتزامن مع ندرة السيولة وانقطاع الكهرباء والماء، واندلاع الحرائق ما أثّر سلبا على اقتصاد البلاد الذي تقف في طريقه عقبة الأزمة المزدوجة «الصحية والنفطية».
لذلك، فإن استعمال خطاب العقاب والوعيد لكل متربص باقتصاد المواطن وقوت الجزائريين، غايته حماية استقرار البلاد، كما أكده، أمس، صالح قوجيل، خاصة وأن البلاد عرفت خلال سنة 2011 نفس الظاهرة السلبية نتجت بسبب ندرة في مادتي الزيت والسكر، وهو الأمر الذي تتحاشى السلطات تكراره وتقف يقظة في وجه المتربصين بالبلاد، وضد المحاولات اليائسة التي تحاول عبثا التأثير على مسيرة بناء الجزائر الجديدة، على خلفية تراكمات ماضية، أخرجت أعداء الداخل والخارج ويستهدفون استقرار الجزائر، وهي التي تحتاج في الفترة الحالية إلى تضافر جهود جميع أبنائها للخروج من الأزمة الصحية والنفطية.