أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني إبراهيم بوغالي، أن ممثلي الشعب في قبة البرلمان، يدركون المسؤولية الملقاة على عاتقهم ليكونوا في مستوى ما يطمح إلى تحقيقه البرنامج الواعد لرئيس الجمهورية.
أكد إبراهيم بوغالي في كلمة ألقاها لدى افتتاحه أشغال يوم دراسي تناول موضوع “دور ممارسة الرقابة البرلمانية في هندسة السياسات العمومية، بيان السياسة العامة أنموذجا” المنظم، أمس، بقصر المؤتمرات بالعاصمة، أن النواب يدركون أيضا أنهم حلقة مهمة في دائرة السلطة والمؤسسات والتي يُعول عليها لتكون إضافة في هذا الوقت بالذات من أجل التكامل والتفاعل الإيجابي، سواء على مستوى الإثراء، من خلال فتح ورشات النقاش والحوار والاستماع إلى أهل الاختصاص وبلورة الرؤى التي تتقاطع مع الأهداف المرسومة، أو على مستوى المتابعة والمراقبة والتقييم.
وقال بوغالي، إن الحكومة تعطي إشارة قوية اليوم على مدى صدق النوايا في الرؤى والتصورات؛ ذلك أن بيان السياسة العامة للحكومة في الأنظمة الديمقراطية هو الذي يهدف إلى زيادة الحشد ليس في التنفيذ فقط ولكن في التخطيط وبناء هذا التصور، مشيرا إلى أن صناعة السياسة العامة هي مهمة مجتمعية تشترك فيها العديد من الفواعل، فالأنظمة الديمقراطية الحديثة هي التي تشركها في بناء سياستها العامة، وكذا في سياساتها العمومية لتكون هذه الفواعل طرفا أيضا في تنفيذها وفي متابعتها ومراقبتها ثم تقييمها بعد ذلك.
وأفاد بوغالي أن صناعة السياسة العامة لا يكون بدءًا إلا بتحديد المشاكل بعد معاينتها، ثم تحليلها وتصور التعامل معها من أجل وضع الآليات لتنفيذ هذا التصور، لتأتي مرحلة التقييم وإن تطلب الأمر إعادة دراستها وإبراز أوجه النجاح فيها أو الإخفاق.
وأوضح رئيس الغرفة البرلمانية السفلى، أن الجزائر ومع بداية عهدة الرئيس تبون، قد اتجهت رأسًا إلى تحديد ومعاينة المشاكل وهو ما اصطلح عليه بإبراز مناطق الظل في كل ربوع الوطن، لأنه لا يمكن تصور وبناء سياسة عامة ومن خلالها استراتيجيات السياسات العمومية، إلا بهذه الدقة من التحديد والمعاينة، لنرى مدى استجابة البرامج المسطرة للقضاء على هذه المشاكل.
عزوار: انتهاج أرقى التجارب الديمقراطية
كشفت، أمس، وزيرة العلاقات مع البرلمان بسمة عزوار، عن تعليمات صارمة وجهها الرئيس عبد المجيد تبون، للطاقم الحكومي من أجل استقبال نواب البرلمان بغرفتيه، وتقديم كافة التسهيلات في مجال تعاون السلطة التشريعية والتنفيذية، وهذا من أجل نقل انشغالات الشعب وإيصال صوتهم للمسؤولين.
أكدت بسمة عزوار على هامش اليوم الدراسي، أن الحكومة مستعدة للنقاش ومد يدها للبرلمان من أجل إرساء ديمقراطية حقيقية، مشيرة إلى أن حكومة أيمن بن عبد الرحمان تعمل جاهدة على تطبيق مخطط عملها قبل عرض بيان سياستها العامة حتى تنال ثقة البرلمان والشعب، في إطار استكمال بناء المؤسسات الدستورية، خاصة ما تعلق بمسألة عرض بيان السياسة العامة للحكومة أمام البرلمان بغرفتيه.
وأكدت وزيرة العلاقات مع البرلمان في كلمة بالمناسبة، أن حكومة أيمن بن عبد الرحمان تعمل جاهدة على تنفيذ وتحقيق أهداف مخطط عملها الذي عرضته قبل أشهر أمام غرفتي البرلمان، حتى تنال ثقة البرلمان ورضا الرأي العام.
وأشارت إلى أن الدولة تسعى لانتهاج أرقى التجارب الديمقراطية التي من شأنها أن تساهم في بلورة التصور السليم حول دولة الحق والقانون، التي يجب أن تتأطر بفكر ديمقراطي متفتح ومنفتح على كافة التجارب الناجحة وتسعى فيها.
وشددت عزوار في كلمتها، أن إجبارية عرض بيان السياسة العامة للحكومة على البرلمان، حسبما تنص عليه المادة 111 من الدستور، خطوة هامة تمكن البرلمان من الاضطلاع بمهامه الدستورية الرقابية ومتابعة مدى التزام الحكومة. مشددة على أن البيان وثيقة سياسية هامة وأداة من أدوات الحكم الراشد بامتياز.
كما اعتبرت أن عرض بيان السياسة يضفي من قوة السلطة التشريعية ومن مصداقية السلطة التنفيذية ما يشيّد فعلا بناء ديمقراطيا سليما للدولة.
وتحدثت الوزيرة عن آليات الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة والمتمثلة في السؤال للشفوي والكتابي، والبعثات الاستعلامية وغيرها... غير أنها أكدت أن عرض بيان السياسة العامة للحكومة أمام نواب البرلمان، يعتبر أحد أهم هذه الوسائل والآليات.
وأكدت أن السلطة الرقابية المخولة للبرلمان بمناسبة عرض الحكومة بيان السياسة العامة، سواء بعد مرور سنة من تاريخ المصادقة على مخطط عملها أو بعد سنة على تقديم بيان سياساتها، هي سلطة رقابية بعدية تدريجية مرحلية للبرلمان على أعمال الحكومة.
وبحسب وزيرة العلاقات مع البرلمان، فإن الآلية المخولة للبرلمان بمناسبة عرض الحكومة لبيان سياستها العامة، تعد من بين أهم الوسائل الرقابية التي يمكن أن يمارسها البرلمان على الأعمال والإنجازات والأهداف التي حققتها الحكومة طيلة مشوارها أو في جزء منه، ويمكن أن تجر هذه الآلية الحكومة إلى تحمل مسؤولياتها السياسية واستدراك مخطط عملها وفقا للتوجيهات والملاحظات التي يمكن أن يبديها النواب.
خبراء: بيان السياسة العامة لا يعرض بمجلس الأمة
أكد الخبير في القانون الدستوري محمد حبشي، أن رئيس الحكومة أو الوزير للأول ــ حسب الحالة ــ مجبر سنويا على عرض بيان السياسة العامة للحكومة على المجلس الشعبي الوطني وفق المادة 111 من الدستور، غير أنه غير ملزم بالنزول إلى الغرفة الأولى للبرلمان - مجلس الأمة - لنفس الغرض، وهو أمر يخضع للسلطة التقديرية لقائد الحكومة، مهما كانت صفته، حيث لا يترتب أي إجراء يلزمه بعرض بيان السياسة العامة أمام مجلس الأمة بصفة آلية.
وأوضح نفس المتحدث، أنه يترتب على فشل الحكومة في إقناع نواب المجلس الشعبي الوطني بسياستها، تقديم استقالتها من قبل الوزير الأول ويترتب عنه حل المجلس من قبل رئيس الجمهورية
من جانبه يرى أستاذ القانون العام مسعود شيهوب، أن بيان السياسة العامة للحكومة هو الخطاب الذي يلقيه الوزير الأول أمام البرلمان لعرض برنامج الحكومة الذي حصل الموافقة عليه في البرلمان بعد عرض المخطط.
وأوضح أن عرض بيان السياسة العامة للحكومة على الغرفة الأولى غير إجباري لأنها غير منتخبة كليا، بل جزء منها معين، لذلك أسندت المهمة للغرفة المنتخبة كليا، وهي المجلس الشعبي الوطني، مبرزا أن البرلمان يمكن له الإطاحة بالحكومة بعدم التصويت لصالحها، كما يجوز للرئيس حل المجلس الشعبي الوطني.
وشدد ذات المتحدث على أنه عمليا فإن الحكومة لم تعد مسؤولة أمام البرلمان، لأن الأغلبية البرلمانية تتحكم في النتيجة، فقلما تؤدي إلى نتائج سحب الثقة من الحكومة.
دعوة إلى استحداث هيئة لتقييم السياسات العمومية
دعا مشاركون في اليوم الدراسي، المنظم، أمس، بالجزائر العاصمة، تحت عنوان “دور ممارسة الرقابة البرلمانية في هندسة السياسات العمومية: بيان السياسة العامة أنموذجا”، إلى استحداث هيئة تدقيق وتقييم للسياسات العمومية لدى البرلمان من خلال الاستعانة بخبراء في هذا المجال.
تضمنت توصيات هذا اليوم الدراسي، الذي شارك فيه سياسيون وأكاديميون مختصون، الدعوة الى “تمكين مجلس الأمة، على غرار المجلس الشعبي الوطني، من الاستماع الى عرض ومناقشة بيان السياسة العامة للحكومة، الى جانب العمل على الارتقاء بآلية الرقابة البرلمانية إلى تقييم السياسات العمومية مع إشراك المجتمع المدني الفاعل في تحديد الأولويات والأهداف”.
في ذات السياق، أوصى المشاركون بالعمل على إعداد “مذكرة توجيهية تستنير بها كافة القطاعات وتوضح منهجية الإعداد والمعطيات” لمختلف السياسات العمومية.
وفي الختام، أثنى المشاركون على مبادرة وزارة العلاقات مع البرلمان بتنظيم مثل هذه الأيام الدراسية التي تمكن من “ترقية العلاقات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية”.