طباعة هذه الصفحة

الوضع رهن نسب الإقبال على التلقيح

تخــوّف مـــن العـــودة إلى المربّـع الأوّل

ورڤلة: إيمان كافي

بين تخوّفات يبديها المختصون من موجة رابعة محتملة بعد تسجيل ارتفاع تصاعدي في تعداد الإصابات، والتدابير الاستباقية المتخذة لتطويق انتشار الوباء والتصدي لاحتمالية العودة إلى المربع الأول، يبقى المواطن في كل المواقع الحلقة الأقوى القادرة على تعزيز المناعة الجماعية والخفض من حدة الموجة القادمة باللجوء إلى التلقيح حماية لنفسه وللآخرين.

في إطار مساعيها لرفع وتيرة التلقيح وتعزيز المناعة في أوساط المواطنين، أعلنت مصالح الوزارة الأولى من جانبها عن ترتيبات لتكثيف عمليات تلقيح الموظفين وبعض أسلاك الإدارات والهيئات العمومية، وكذا مهن أخرى في قطاعات الخدمات والتجارة.
كما تضمنت هذه الإجراءات التطرق لاستحداث جواز صحي للتلقيح للولوج إلى بعض الفضاءات وكشرط للدخول والخروج من التراب الوطني عبر مراحل وجددت الحكومة أيضا، دعوتها المواطنين للتحلي بالمسؤولية الجماعية في الامتثال للتدابير الوقائية وحث المواطنين والمواطنات غير الملقحين على الإقبال بشكل مكثف على حملات التلقيح.
ومن هذا المنطلق، فإن اللجوء إلى التلقيح ضرورة ملحة، كما تقول الدكتورة ابتسام لعاتي، موضحة في هذا السياق «إن الإقبال على التلقيح في أوساط المواطنين وخاصة بعدما عايشناه خلال الموجة الثالثة، كان ينبغي أن يكون نابعا من الشعور بالمسوؤلية لدى الأفراد ووعيا منهم بخطورة الوضع».
واعتبرت الأستاذة الاستشفائية المختصة في الأمراض المعدية على مستوى المؤسسة الاستشفائية العمومية محمد بوضياف بورقلة أن الخطورة في الموجة الرابعة المحتملة تكمن في متحور دلتا، الذي يسجل أرقاما متصاعدة في حالاته على غرار دول أخرى، ولذلك فإن التخوف من العودة إلى المربع الأول في هذه المرحلة مازال قائما، مؤكدة على أن اللقاح وإن كان لا يمنع الإصابة، إلا أنه يمنع الحالات الخطيرة، فحسب ما لوحظ في الحالات الاستشفائية عبر مصالح الكوفيد بمستشفيات ورقلة مثلا، لم يتم تسجيل لحد الآن أية حالة من الحالات  تلقت الجرعتين كاملتين من اللقاح وهي في حالة خطيرة.
وفي تعليقها على إجراء تكثيف عمليات تلقيح الموظفين في المؤسسات والإدارات والهيئات العمومية وكذلك بالنسبة للمهن الأخرى في قطاعات الخدمات والتجارة، أكدت الدكتورة لعاتي أن هذا القرار صائب، لأن الموظف الذي لم يتلق جرعات اللقاح المطلوبة قد يتعرض للإصابة وقد يتسبب في نقل الفيروس في الوسط العمالي، خاصة في مرحلة انتشار الفيروس وقد يؤدي ذلك إلى خفض عدد العمال، وبالتالي فإن الإنتاجية في المؤسسات قد تتضاءل في وقت تضررت فيه كثير من المؤسسات وتكبدت خسائر كبيرة وأثرت سلبا على الاقتصاد، ناهيك عن أن الخطر الكبير المحدق هو تسجيل وفيات بسبب الفيروس، وهو ما شهدناه خلال الموجات السابقة، أين سجلت العديد من المؤسسات وفيات في وسط العمال بسبب كوفيد.
وبهذا الصدد قالت المتحدثة إنه من المنطقي في هذه المرحلة اللجوء إلى فرض التلقيح، لأننا في مرحلة تجاوزنا فيها مجرد التحسيس الذي تم الانطلاق فيه منذ بداية انتشار فيروس كوفيد 19، وهو مستمر إلى اليوم، كما أضافت أنه وإلى غاية ما قبل دخول بلادنا في موجة ثالثة ورغم ما شهدناه خلال هذه الموجة السابقة، إلا أن التشكيك في وسط المواطنين، مازال موجودا وهو أمر يستدعي التفكير جديا في اللجوء إلى فرض التلقيح، خاصة أن كل الطرق الأخرى تم استنفاذها ويبقى الطريق الوحيد والحل الأمثل هو فرض التلقيح.
وذكرت الدكتورة لعاتي أنه وبالعودة إلى نسبة الأفراد الذين تلقوا اللقاح المضاد لفيروس كورونا عبر مراكز ونقاط التلقيح في كل المؤسسات، فإن الإقبال على العملية ضعيف، بالمقارنة مع المجهود المبذول، حيث بمقابل نقل طبيب وممرض بالتجهيزات الطبية اللازمة عبر نقاط التلقيح، لا تسجل العملية سوى عددا قليلا من المقبلين على أخذ الجرعات.
أما بالنسبة للجواز الصحي فهو من بين الطرق المهمة لتعزيز الإقبال على التلقيح، خاصة أن فرضه للولوج إلى بعض الفضاءات واشتراطه للدخول والخروج من التراب الوطني عبر مراحل، بالإضافة إلى إجراء التكثيف من عمليات التلقيح في وسط الموظفين التي تعد من بين الفئات الأولى المستهدفة، ستسهم -بحسب ـ الأستاذة الاستشفائية المختصة في الأمراض المعدية- لو استمر مفعولها لشهر واحد فقط في التسريع من وتيرة التلقيح والوصول إلى النسبة المطلوبة لتحقيق المناعة الجماعية وبالتالي قطع الطريق أمام احتمالية تكرار السيناريوهات التي عايشناها خلال الموجات السابقة بالتخفيف من حدة الموجة المحتملة.
وفي ختام حديثها لـ»الشعب» أكدت الدكتورة لعاتي أن كافة مراكز التلقيح مفتوحة واللقاح متوفر ومجانا في فائدة كل المواطنين، من أجل حماية أنفسهم من أية مضاعفات صحية ناجمة عن الإصابة بالفيروس، كما نوّهت إلى أن تلقي الجرعات المضادة لفيروس كورونا والتقيد بالإجراءات الوقائية في نفس الوقت مطلوب وضروري لحماية الآخرين وتفادي نقل العدوى إليهم.
مواقـــع التواصــــل سوّقت لحمــــلات مضـــــادة
ونحن في مرحلة متقدمة من الترقب والقراءة في أرقام وأعدادا الإصابات اليومية لحالات كوفيد، تتضارب آراء المواطنين إزاء اللجوء إلى التلقيح بين متخوف من اللقاح، لأسباب تتعلق أغلبها بشح المعلومة الصحية حول هذا الفيروس وكذا اللقاحات المضادة له والتضارب في التصريحات على مواقع التواصل الاجتماعي وبين وجود فئة أخرى تعتبر أن إجبارية التلقيح، أضحت أمرا ضروريا وحلا لابد منه لعودة الحياة إلى طبيعتها، بحسب ما رصدته «الشعب» في استطلاع لآراء بعض المواطنين بولاية ورقلة.
وفي هذا السياق يرى المواطن بكار سويسي أن القرارات المعلن عنها من طرف الوزارة الأولى قرارات صائبة، إلا أن المضي فيها يعود إلى تفهم والتزام المواطن الذي يعد رقما مهما في معادلة المناعة الجماعية، مضيفا أن تكثيف التلقيح في وسط الموظفين أمر لابد منه كما أن خطوة إلزامية التلقيح في كل الهيئات والمؤسسات ضرورية وتتطلب مرافقتها بإجراءات أخرى، على غرار اشتراطها للمشاركة في مسابقات التوظيف وغير ذلك من الأمور ذات الصلة.
من جهته، يرى فارس شرف الدين، أن أهم قرار من بين هذه الإجراءات هو فرض التلقيح على الموظفين في كل الإدارات والهيئات العمومية وقطاع التجارة، وهذا بالنظر إلى الوتيرة الضعيفة التي تمر بها عملية التلقيح بصفة عامة، مشيرا إلى أن خطوة فرض التلقيح من شأنها ضمان حركية الأسواق والتجارة دون أن تتضرر مصالح المواطن والمؤسسات، خاصة أن بعض المؤسسات الخاصة والعمومية التي تعمل في قطاع الخدمات وجدت صعوبة في تحصيل إتاواتها الناجمة عن فترة الغلق، ناهيك عن أن كل المؤسسات العاملة في قطاع البترول، باتت تتكبد خسائر مادية نتيجة فرض الحجر الصحي للعمال لفترات تتراوح بين 10 و15 يوما يقضيها العامل دون مردودية، ولهذا فإن فرض إلزامية التلقيح من شأنها حل هذا الإشكال بحسبه.
وأضاف المتحدث فيما تعلق باستحداث الجواز الصحي أن هذا الإجراء يبقى مكملا، «يمكّن السلطات من ضمان حد معين من الحيطة، لكن بعد تحسن وتيرة عملية التلقيح».
وبالنسبة للمتحدث عبد المالك الأخضري، فيعتبر أنه وجب البحث بعمق في أسباب عدم رغبة المواطنين في أخذ جرعات التلقيح قبل إصدار أي مجموعة قوانين، لأن الفرد بطبعه يهاب كل ما هو جديد في مجال الطب، والمواطن لا يطمئن إلا بعد مرور فترة كبيرة من الوقت، خاصة إذا كان لا يشكو مرضا ولم يكن الموت يتهدده مباشرة، ناهيك عما تتناقله مواقع التواصل الاجتماعي من تضارب لتصريحات أطباء داخل وخارج الوطن حول خطورة هذا المرض والذي يعد سببا مباشرا لتردد المواطن في اللجوء إلى التلقيح، وأشار بهذا الصدد أنه ضد فكرة ربط فرض التلقيح بتقييد حركة المواطنين.
أما مدير ديوان مؤسسات الشباب بورقلة يوسف جودي، فقد ذكر في حديث جمعه بـ «الشعب» أن قطاع الشباب والرياضة، انطلق هو الآخر منذ أكثر من 10 أيام في مراسلة المؤسسات لإعلام الموظفين بإحضار الدفتر الصحي للولوج إلى المؤسسات، مضيفا أن تعداد الموظفين الذين تلقوا اللقاح المضاد لفيروس كورونا في ديوان مؤسسات الشباب لا بأس به وسيجري العمل على الرفع من وتيرة التلقيح في وسط الموظفين خلال هذه الفترة.