طباعة هذه الصفحة

شكّلت محور الأيّام الأدبية بورقلة

الرّواية الجزائرية اشتغلت بشكل مميّز على الذّاكرة

ورقلة: إيمان كافي

أثار موضوع «حضور الذّاكرة الوطنية في أدب الشباب»، الذي كان محور الأيام الأدبية لعاصمة الواحات ورقلة، والتي عرفت مشاركة كوكبة من الأساتذة والشعراء والأدباء والمبدعين من عدة ولايات، نقاشات أثرى من خلالها المتدخّلون موضوع الذاكرة والأدب والهوية، وسؤال الذاكرة في الرواية الجزائرية.
 فعاليات الأيام الأدبية لعاصمة الواحات، تخلّلتها عدة قراءات أدبية لتليها أولى جلساتها التي نشّطتها الدكتورة كلثوم مدقن، وقدّم فيها الدكتور مالكية بلقاسم الأستاذ بالمدرسة العليا للأساتذة بورقلة، مداخلة بعنوان «الذاكرة والهوية والأدب»، ذكر من خلالها أنّ جوانب عديدة تطرحها هذه الثلاثية، واستعرض في هذا السياق قراءات لنصوص أدبية، تبرز أهمية الذاكرة في الأدب ودور الأدب في الاحتفاظ بالذاكرة والعمل على إحيائها، ودور الذاكرة الفردية والذاكرة الجماعية في بناء المستقبل أيضا، معتبرا أنّ الأدب هو ذاكرة في حد ذاته يمكن أن نستشف منه ذاكرة الكاتب، وقد نقرأها بعد مئات السنين، وبالتالي فهو يبقى كذاكرة حية.

لا يوجد أدب لا يكتب للتّاريخ

من جهته، الدكتور عبد الحميد ختالة، الأستاذ بجامعة عباس لغرور بخنشلة وفي مداخلته «سؤال الذاكرة في للرواية الجزائرية،» قال إن الغرض من هذا الموضوع هو إثارة سؤال عند المبدع، حول إذا كان هناك فعلا ما يسمى بالرواية التاريخية، وهل من مهام الرواية كتابة التاريخ، وهل مهمة الأدب أن يعلم ويقدم المعرفة حول الذاكرة والرواية الجزائرية.
وشرح المتحدث أن الرواية الجزائرية، منذ ظهورها مع أسماء الروائيين الكبار، اشتغلت بشكل مميز على الذاكرة، كما أنّ الكثير من الروايات التي لاقت شهرة تأثثت بالتاريخ، مشيرا إلى أنّ الرواية في سنوات ما بعد الثمانينات، شهدت نضجا في الجزائر على مستوى اللغة والذاكرة.
وعرج الدكتور ختالة على الرواية الجزائرية ثلاثية «الأرض والريح» للروائي عز الدين جلاوجي، الذي اشتغل فيها على التاريخ من بداية المقاومة الجزائرية وصولا إلى قيام الثورة وحتى ما قبل الاستقلال، كما قال إن هناك مبحثا آخر اهتم بتفعيل الذاكرة انطلاقا من الشخصيات ووجب الوقوف عندها على أساس أنّها تشكّل واحدة من أهم مثيرات الذاكرة عبر الشخصيات التي تستحضرها كما هو الأمر بالنسبة لرواية ثلاثية الأرض والريح، التي ركز فيها الكاتب على عدة شخصيات منها شخصية الأمير عبد القادر.
وأشار الدكتور عبد الحميد ختالة، إلى أن سؤال الذاكرة في الرواية الجزائرية هو عنوان الغرض منه أن تستفز الذاكرة على مستوى طرح المتلقي، موضحا أن سؤال الذاكرة في الإبداع، سيحيل على قضية أخرى وهي قضية الشعور بالانتماء للهوية الوطنية، لأن النصوص الأدبية حسبه تثير قضية الانتماء للهوية الوطنية، وهذا الذي نحتاجه من الأدب والإبداع، فتقديم المعرفة أو الحقيقة ليس من مهام الأدب، واختتم المتحدث قائلا «لا أتصوّر أنّ هناك أدب لا يكتب للتاريخ، فتوظيف التاريخ هنا ليس من أجل وظيفة علمية أو دينية أو إيديولوجية بل هو من أجل الذاكرة».

نعيش في مرحلة من الجنوح الأدبي

مناقشات الحضور للمداخلتين كانت بابا آخر لإثراء الموضوع أكثر، من خلال ما أشار إليه الدكتور عبد الحميد هيمة، رئيس اللجنة العلمية للأيام الأدبية، معتبرا أن دور النخب المثقفة في المحافظة على الهوية، مهم جدا خاصة ونحن نعيش في مرحلة من الجنوح الأدبي لكتاب يريدون تغيير نظرة الجزائريين لتاريخهم، وقد يكون بعضهم محسوبين على تيار معين، يقدّمون كتابات لا تتماهى مع رؤية المجتمع، ولا تعبر عن ذاكرة الإنسان وتصنع وعيا جديدا يُخشى بأن يصنع جيلا جديدا غير متمسك بمبادئه وأفكاره المتأصّلة في مجتمعه.
وفي سياق متصل، تساءل الدكتور عبد الناصر مشري عن ماهية الرسالة التي يمكن أن يقدمها المبدع، وما إذا كان مبدعونا فعلا يحملون هم ذاكرة هذا الوطن التي تأبى الخضوع والانصياع.
الدكتورة فايزة خمقاني تحدّثت عن أهمية الاستثمار في الشخصية التاريخية فنيا وتقديمها للمتلقي، كما أشارت إلى أنّ القدوة أصبحت مغيبة ربما لثقافة السرعة في كل شيء، ولذلك نحن بحاجة لاستفزاز وتحريك المياه الراكدة، وتقديم التاريخ بشكل جديد.
تجدر الإشارة إلى أنّ الأيام الأدبية لعاصمة الواحات ورقلة التي نظمتها مديرية الثقافة والفنون بولاية ورقلة، وبالتعاون مع قسم اللغة والأدب العربي بالمكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية محمد التيجاتي بورقلة شهدت تنظيم مجموعة من الورشات والمحاضرات بين القصة والرواية والأدب، كما تضمّنت فعالياتها تنظيم أول ورشة «كيف نكتب القصة؟» من تأطير الروائي بشير خلف، وورشة ثانية «كيف نكتب الرواية؟» من تأطير الروائي عمراني جيلالي.