طباعة هذه الصفحة

أخصّائيّون في الصحة يؤكّدون لـ “الشعب”:

العطلـة المُبكــّرة..خُطـوة استباقية لكســر العـــــــدوى

خالدة بن تركي

 صحّة التلاميذ والأسرة التّربوية قبل كل شيء

 ثمّن المختصّون في قطاع الصحة التقديم الاضطراري لموعد العطلة المدرسة وتمديدها إلى 21 يوما، باعتبارها فرصة لكسر سلسلة العدوى، خاصة وأن المتحور دلتا يصيب الأطفال والمراهقين دون أعراض لينقل إلى العائلات، ممّا ينتج عنه عودة ارتفاع الإصابات مقابل عزوف عن تلقي اللقاح والتهاون في تطبيق الإجراءات الوقائية.
 قال الفاعلون في قطاع التربية في تصريح لـ “الشعب”، إنّ صحة التلاميذ والأسرة التربوية قبل كل شيء، لكن قرار التقديم والتمديد في عطلة الشتاء كان لا بد من التحضير له نفسيا وبيداغوجيا حتى لا تكون انعكاساته سلبية، خاصة وأنّ التلاميذ بحاجة إلى التدريب على كيفية التعامل مع الوباء في الوسط المدرسي.
ونشر منسّق الجراحة بمستشفى بوفاريك الدكتور عمر جيلالي معلّقا على قرار تقديم العطلة عبر صفحته الخاصة “نثمّن قرار تعديل العطلة الشتوية للتلاميذ، الهادف إلى كسر سلسلة العدوى في الوسط المدرسي، خاصة وأنّ المتحوّر”دلتا” لا يستثني فئة الأطفال، والكثير من الأطباء حذروا من خطر إصابة الأطفال والرضع بالمتحورات.
وقال أيضا “إنّ قابلية انتقال العدوى متزايدة في متحور دلتا، ويمكن أن تنتقل إلى الأطفال ثم إلى عائلاتهم دون حملهم للأعراض، داعيا الأطفال الذين أصيبوا بالحمى، الإسهال، الزكام الالتزام بالحجر الصحي الوقائي إلى أن يثبت عدم إصابته بالمتحوّر “دلتا” لكي لا يكون سببا في تفشي الوباء”.

ساتاف: قرار يؤثّر على التّحصيل

 اعتبر الأمين العام الوطني للنقابة المستقلة لعمال التربية والتكوين “ساتاف”، بوعلام عمورة، في تصريح لـ “الشعب”، قرار تقديم العطلة الشتوية مفاجئا، وأخلط حسابات الأسرة التربوية التي لم تنته من الأعمال الإدارية بعد، مؤكدا أن الانقطاع المفاجئ عن الدراسة لن يقضي على وباء كورونا.
وأكّد المتحدث، أن القرار يمكن أن يكون له تأثير سلبي على التلاميذ من الناحية البيداغوجية، على اعتبار أنّ مستوى التلاميذ تراجع هذا الفصل مقارنة بالسنوات الماضية، ما يستدعي التعامل مع قرار غلق المؤسسات التربوية حالة بحالة مثل بداية الوباء بدل اللجوء إلى الوقف الكلي للدراسة، خاصة وأن عدد الحالات المعلن عنها قليل مقارنة بعدد التلاميذ الذي يتجاوز الـ 10 ملايين.
ويرى بوعمورة، أنّ قرار الغلق الكلي للمؤسسات التربوية لمدة 21 يوما، لن يقضي على كورونا في الوسط المدرسي، على اعتبار أن أغلب المواطنين غير ملتزمين بتدابير الوقاية لا في النقل العمومي ولا المقاهي والمطاعم، فلماذا هذا القرار الذي يؤثر على التحصيل العلمي للتلميذ، خاصة وأنّه من أصل 30 تلميذ، 10 فقط تحصلوا على المعدل، بالرغم من أن في هذه الأقسام يوجد أكثر من 60 % من المعيدين للسنة على سبيل المثال، فالتحصيل العلمي هذه السنة تراجع ويجب أن يؤخذ بعين الاعتبار في أي قرارات.
ويبقى الحل - بحسبه - في توفير الإمكانيات من أجل مواجهة الوباء في الوسط المدرسي مع تطبيق إجراءات صارمة لضمان التباعد الجسدي، وكذا وتوفير الطب المدرسي الذي يضمن المراقبة المستمرة للتلاميذ والأساتذة، خاصة في حال تسجيل حالات مشبوهة.

الوباء ظهر في الأطوار الثلاثة

 اعتبر النّاشط التربوي كمال نواري قرار تعديل تاريخ العطلة الشتوية ومدتها خلال السنة الدراسية الجارية، فرضته الظروف الصحية التي تمر بها المؤسّسات التربوية بسبب تسجيل إصابات في أوساط التلاميذ في المراحل التعليمية الثلاث بوباء كوفيد 19 بأعداد متزايدة، حيث اعتبر القرار كإجراء احترازي لمنع انتشاره أكثر.
وأوضح أنّ القرار لا يحتاج استشارة ماعدا وزارتي الداخلية والصحة استنادا للتعليمة الوزارية المشتركة رقم 01 المؤرخة في 10 جانفي 2021 التي تتعلق بتعزيز الجهاز الصحي للوقاية ومكافحة كوفيد19 في الوسط المدرسي، تأتي هذه التعليمة لتعزيز النشاطات الوقائية وتوفير الحماية لأعضاء الجماعة التربوية، لذا فالقرار يصب في مصلحة التلاميذ والموظفين وعائلاتهم.
وبخصوص ما جاء في بيان الوزارة المتعلق بالإجراءات التربوية الواجب القيام بها بين 12 و16 ديسمبر، وهي حجز النقاط في الأرضية الرقمية وعقد مجالس الأقسام وبرمجة لقاء الأساتذة بالأولياء لتسليم كشوف النقاط وتنظيم حملة التلقيح، وإنهاء عملية التسجيل في الامتحانات الرسمية والتي ينتهي آجالها في 23 ديسمبر2021، أنها مهام يمكن الانتهاء منها في المدة المحددة من طرف الوزارة.
وأضاف المتحدث، أنّ عملية التصحيح الجماعي للاختبارات لاستدراك الأخطاء تمت لتلاميذ مرحلتي التعليم الثانوي والمتوسط بحكم أنّ تاريخ الاختبارات كانت بين 28 نوفمبر و02 ديسمبر حسب الرزنامة الوزارية للاختبارات، حيث تمّت عملية التصحيح بين 05 و09 ديسمبر، أما تلاميذ مرحلة التعليم الابتدائي لم تتم عملية التصحيح الجماعي بسبب أنّ الاختبارات الفصلية كانت مبرمجة من 30 نوفمبر إلى 09 ديسمبر، تاريخ الخروج إلي العطلة الشتوية.
وطمأن الناشط التربوي كمال نواري الأولياء في حالة وجود أخطاء في عملية حجز النقاط في الكشوف، أنه بعد الدخول من العطلة سيتم فتح الأرضية لتصحيح الأخطاء وهذا ما عودتنا عليه الوزارة.

مدّة العطلة كافية

 قال كمال نواري إنّ العطلة ستسمح للتلاميذ والموظّفين الذين أصيبوا بالوباء، أن يدخلوا في فترة عزل حتى يتماثلوا للشفاء، دون أن يكون لهم هاجس عدم متابعة الدروس، وهي فترة كافية للتعافي من المرض، إلا أن القرار يجب أن يتبع ببعض الإجراءات لضمان سلامة الجميع.
ويرى أغلب الفاعلون في قطاع التربية بضرورة إلغاء تنظيم اليوم المفتوح لاستقبال الأولياء لتسليمهم كشوف النقاط، لأنه قد يكون سببا لانتشار الوباء، خاصة إذا لم يحترم تطبيق البروتوكول الصحي داخل المؤسسات من تباعد وارتداء الكمامات، وقد يكون أحد الأساتذة مصاب وملزم بالبقاء في البيت في فترة عزل، وبالتالي اقترح تفعيل التواصل عبر موقع فضاء الأولياء الموجود بالأرضية الرقمية للاطلاع واستخراج كشوف نقاط الفصل الأول، الحل الأفضل.
ويجب أيضا - يقول المتحدّث - تمديد فترة التسجيلات في الامتحانات الرسمية شهادة البيام والبكالوريا، خاصة وأنّه خصم أسبوع من التلاميذ لتقديم الملفات، وأن بعض الأولياء ممن لم يسعفهم الحظ، قد يجدوا المؤسسات مغلقة ويكون التمديد إلى ما بعد العطلة، أما بخصوص مسألة تعويض الدروس الضائعة، فالقرار تم اتخاذه بعد دراسة نسبة تقدم الدروس في تنفيذ البرامج والذي يعتبر مقبولا جدا، خاصة وأن الدخول المدرسي لهذه السنة كان في شهر سبتمبر، وإن كان هناك تأخر يمكن تعويضه خلال الفصلين الثاني والثالث على أساس أن التلميذ يدرس يومين ونصف خلال الأسبوع.
واقترح أيضا أن يكون التعويض أو تقديم حصص الدعم خلال العطلة، لأنه يفترض أن المؤسسات مغلقة وعلى وزارة التربية ـ استطرد ـ إسداء تعليمات لمفتشي التعليم بإجراء الترسيمات التي كانت مبرمجة خلال هذا الأسبوع من 9 إلى 16 ديسمبر، وإجرائها خلال سنة 2022 بأثر رجعي، مع ضرورة تكثيف حملات تحسيسية خلال شهر جانفي داخل المؤسسات التربوية حول كيفية التعامل مع الوباء، كما يمكن استغلال المبالغ المالية المتبقية في أرصدة المؤسسات لتوفير الوسائل الصحية الوقائية من الوباء.
ودعا الناشط التربوي كمال نواري في الختام، جميع موظفي القطاع بالتلقيح، خاصة وأن وزارتي الصحة والتربية وفرتا كل الظروف للقيام بهذه العملية، ولا ننسى أن وحدات الكشف والمتابعة “أو - دي - أس” تبقى مفتوحة خلال العطلة ابتداء من 12 ديسمبر حماية لأنفسهم ولمحيطهم العائلي.

فرصة لإنجاح التلقيح
 اعتبر الخبير التربوي بن زهرير بلال في تصريح لـ “الشعب”، قرار تقديم العطلة المدرسية راجع لأمرين، يتعلق الأول بارتفاع عدد الإصابات في الوسط المدرسي، وإلى عزم وزارة التربية جعل المدارس كمراكز تلقيح خلال العطلة ضمن مخطط واسع من اجل تلقيح عدد أكبر من العمال، وهذا بالنظر إلى عدد المنتسبين للقطاع الذي يقارب مليون موظف، وهو يشكّل نسبة مئوية معتبرة إذا تمّ فعلا الاستجابة للتلقيح.
وحسب المعلومات التي نشرتها وزارة الصحة عن إصابة عدد من الأطفال في الوسط المدرسي ومع ارتفاع عدد الحالات بشكل عام، يصبح قرار وزارة التربية “احترازي” وهو صائب، فالوزارة قد أصابت في قرارها “فحفظ الأنفس أولى من كل شيء”، خاصة وأن الوزارة تملك كل الإحصائيات حول عدد الإصابات الحقيقية في الوسط المدرسي.
وعن الحلول المقترحة يوجد حل بيداغوجي واحد، وهو تكييف الدروس والتركيز على الأهم منها، لأنّ إكمال البرنامج مستحيل في ظل الظروف التي تمر بها المدرسة من تفويج وتقليص الحجم الساعي للحصص وغيرها، ويبقى الأستاذ والإدارة يكافحان من أجل إكمال البرامج وتحقيق أكبر نسبة من تقدّم المقرر الدراسي.