ترتبطُ الحركة المسرحية الجزائرية بجميع مراحلها، بالثورة والمقاومة، بدايةً بتلك الأشكال شبه المسرحية التي عرفت في التراث المحلي، والعربي مثل القراقوز، وخيال الظل، وصولاً إلى جهود الأمير خالد الّذي كان يقود الحركة الوطنية في العشرينيات، ومحاولاته إرساء مسرح جزائري، يهدف إلى وعي الأمة، وهو ما تجسد من خلال تلك الجمعيات الثقافية التي أنشأها في بعض مُدن الجزائر، والتي تبنت البُعد السياسي، والمقاومة ضدّ الاِستعمار الفرنسي، ليواصل المسرح الجزائري نضاله ضدّ الاِستعمار مع رشيد القسنطيني الّذي يعدّ أب المسرح الجزائري.
كان البُعد النضالي لمسرح رشيد القسنطيني سببًا في ملاحقته من طرف السلطات الاِستعمارية، وكذلك الأمر بالنسبة لـمحي الدين باشتارزي الّذي كتب وقدّم مسرحيات اِجتماعية وسياسية نقدية، مثل «فاقوا» و»الخونة» و»أبناء الجحيم» و»الخداعين»، وكتب أحمد توفيق المدني مسرحية «حنبعل» سنة 1948، تناول فيها الصراع بين القرطاجيين في تونس، وروما، وهو في الوقت نفسه رمز لصراع حاضر بين الشعب الجزائري والاِستعمار الفرنسي بعد الحرب العالمية الثانية.
المسرح الجزائري وجد نفسه في عُمق معركة النضال
ومع تزايد نشاط الحركة الوطنية المُمثلة في مختلف التنظيمات السياسية والأحزاب، وجد المسرح الجزائري نفسه في عُمق معركة النضال السياسي والثوري، فأدرك الاِستعمار أنّ المسرح أضحى يُشكل خطراً على الوعي الجمعي الوطني، ووسيلة تحريض ضده، فمارس عليه ضغوطًا كبيرة.
هكذا وقبل أن تنطلق ثورة نوفمبر 1954، كان المسرح الجزائري يعمل على تحريض الشعب ضدّ الاِستعمار، الّذي أخذ يفرض أكثر رقابته على هذا المسرح، إلى درجة أن فرضت في بعض الأحيان ضرورة توفر النص المسرحي على ختم السلطات الاِستعمارية المعنية بالأمر، ما دفع بالكثير من رجالات المسرح، وعلى الخصوص فرقة الأوبرا إلى السفر خارج الجزائر، وفي العاصمة الفرنسية –باريس- كانت هذه الفرقة تقدم العديد من العروض الاِحتفالية، ويصرح أحد أعضاء هذه الفرقة، وهو المُمثل سيد علي كويرات قائلاً: «كنا نجوب شوارع باريس وبواسطة دربوكة وطار، نقدم أناشيد وأغاني وطنية مطعمة بمشاهد مسرحية هادفة.. لقد كنا مناضلين ولم نكن فنانين قط»، وقد كان التركيز إذن على تقديم صورة الكفاح الجزائري خارج الوطن.
واستمر الضغط إلى نهاية ثورة التحرير الوطني، هذه الثورة التي شكلت مُنطلقًا فعليًا للتحوّل المكاني للمسرح الجزائري والسؤال: كيف اِشتغل المسرح الجزائري على تيمة التحرير ومُجابهة الاِستعمار، في مرحلة كان فيها السلاح هو اللّغة التي يفهمها هذا المستعمر خارج الوطن، وفي المنفى؟
شكلَ مسرح الثورة خطًا واضحًا في مسيرة مسرحنا الجزائري بشكلٍ خاص، فقد واكب قضية الصراع والمصير الّذي طال في ظل المستعمر الفرنسي، إذ واصل هذا المسرح في فترة الحرب التحريرية التحريض ضدّ هذا المستعمر، وهي المرحلة التي اِنطلقت سنة 1954 والتي اِزداد فيها ضغط الاِستعمار على رجال المسرح والفن عمومًا، بحيث أصبح يرى وجود فرقة مسرحية خطراً يتهدّد وجوده، كما رأى في ذلك علامة من علامات الإنذار باِنتهاء حكمه في الجزائر، والسؤال أيضًا: كيف كان هذا التجنيد؟ وما هي أهم تجليات هذا المسرح في هذه الفترة بالذات؟
جنّدت الإدارة الاِستعمارية كلّ طاقاتها الجهنمية لمحاربة المسرح في الجزائر أثناء الثورة، وإثر النداء الّذي وجهته جبهة التحرير الوطني، وبيان أوّل نوفمبر لكلّ الجزائريين، ومِمَا جاء فيه: «أيّها الجزائري إنّنا ندعوك لتُبارك هذه الوثيقة، وواجبك أن تنظم إليها لإنقاذ بلدنا، والعمل على أن نسترجع له حريته، إنّ جبهة التحرير الوطني هي جبهتك، وانتصارها هو انتصارك»، اِلتحق معظم رجالات المسرح بصفوف الثورة في الجبال، وواصل بعضهم نشاطه المسرحي من المنفى في فرنسا، فكتب كاتب ياسين مسرحيته «الجثة المطوقة» التي تمّ نشرها في مجلة «أسبري» الفرنسية في ديسمبر 1954، وجانفي 1955، وتمّ تقديمها أوّل مرّة بمسرح موليير ببروكسل في نوفمبر 1958، ثمّ بباريس في أفريل 1959، والمسرحية تعد تسجيلاً لحوادث مظاهرات الثامن ماي من العام 1945، التي عايشها كاتب ياسين، وشارك فيها، وعَبَّرَ عنها من خلال شخصية «لخضر» في المسرحية، التي حمّلها همومه ومآسيه وويلات الاِستعمار، والبُعد الثوري لهذا الشعب حتّى قبل اِندلاع الثورة.
كان بمثابة السفير الفني والمُمثل الأوّل للثورة
وعلى إثر توقف النشاط المسرحي داخل الوطن، كان هناك نداء من طرف جبهة التحرير من المنفى في تونس بضرورة تأسيس فرقة مسرحية للفنون الدرامية، وتولى إدارتها الفنان مصطفى كاتب، وقد أصبحت السفير الفني، والمُمثل الأوّل للثورة التحريرية في العالم والوطن العربي، لاقت نجاحًا باهراً في كلّ الدول التي قدمت فيها عروضها المسرحية، وكانت مهمتها هو التعريف بالقضية الجزائرية لدى الرأي العام العالمي، وحقه في تقرير مصيره.
وتُبيّن الوثائق التي يحتفظ بها المسرح الوطني الجزائري أنّ أوّل مسرحية بدأت بها الفرقة المسرحية التابعة لجبهة التحرير الوطني نشاطها الفني، بعد خروجها من الجزائر وانتقالها إلى فرنسا ما بين سنة (1955-1958) ثمّ إلى تونس ما بين سنة 1958-1962، وتأسيس الفرقة الفنية لجبهة التحرير في أفريل 1958 بإدارة المسرحي مصطفى كاتب، هي مسرحية «نحو النّور» التي قام بتأليفها عبد الحليم رايس.
تعرض المسرحية قصة فدائي يقع في قبضة رجال المظلات الفرنسيين الذين يقومون بتعذيبه إلى حد الموت... وحيث تقتحم خاطره صور من وطن في شكل ذكريات، فنشاهد معه نشأته وصباه، وحيث نتجوّل معه في أنحاء الجزائر، ونسمع أغانيها، ويتطلع الفتى الجريح إلى المستقبل، فنعيش معه بكلّ إيمان آماله النبيلة، ويخرج من قلب لوحة «قرنيكة» للرسام العالمي بيكاسو رمز المغرب العربي الكبير المُكلل بالزهور، وقد ترك هذا المنظر أثراً عميقًا في نفوس المشاهدين، وكانت آخر كلمة في العرض، هي: «لم يعد أحد يرقص اليوم.. أبنائي منهمكون في الكفاح، أراد العدو الخارجي أن يسلبنا أغانينا وضحكاتنا، فغطى أصواتنا بالمدافع، والقنابل، ولكنّه لا يمكن إجبار شعب أن يعيش راكعًا... إنّ الإمبريالية السافكة تجعل من الجزائر (قرينكة) عظيمة، إنّها تقود حربًا جنسية ظانة أنّها تبقينا عبيداً... إنّه تحدٍ تُوجهه إلى الإنسانية كلها، هل ترفع الإنسانية هذا التحدي؟ إنّنا نحن الجزائريين قد أجبنا على السؤال».
كان هذا هو العرض الأوّل الّذي قُدِم في أفريل 1958 على ركح المسرح البلدي في تونس في حفل رسمي، تحت قيادة جبهة التحرير الوطني، وهي المسرحية التي شارك بها الوفد الجزائري في مهرجان الشبيبة الديمقراطية في موسكو، وقد لاقت المسرحية نجاحًا كبيراً، وتتجه الفرقة المسرحية بعدها إلى عدد من جهات القطر التونسي، كما قامت في أواخر سنة 1958، وبداية عام 1959 بجولة فنية إلى ليبيا، وبعدها توجهت إلى يوغسلافيا، وقدمت عروضها هناك في خمس من جمهورياتها.
تمّ بعد ذلك تقديم مسرحية «أبناء القصبة» التي كتبها عبد الحليم رايس، وأخرجها وقدمها مصطفى كاتب في ربيع 1959 على خشبة المسرح البلدي بتونس، وحسب مصدر جريدة الشعب، قد تمّ عرض المسرحية أمام الجنود قبل الاِلتحاق بالجبل، وتدور أحداثها الثورية بالمُدن، وكان كاتب مصطفى قد قام بدور الأب، إلى جانب طه العامري الأخ الأوسط، وسيد علي كويرات الأخ الأصغر، ورقية الأم، ومليكة المجاهدة، وفريد علي رجل المظلات، إلى جانب مشاركة حمو سعداوي، وكلّ أعضاء الفرقة... وكان عرضها أمام 2000 من الجنود الجزائريين، الذين تابعوا المسرحية بالكسوة الحربية من الساعة التاسعة إلى الحادية عشرة ليلاً، والتحقوا بالجبل فجر الغد...
قامت المسرحية على البطولة الجماعية، من خلال عائلة «عمي حمدان» التي تتكون من خمسة أفراد، حاول فيها رايس التعبير عن الذوات الجزائرية التي تعيش الاِحتلال الواحد، والمصير الواحد، والحُلم الواحد، وهو اِنتصار ثورة التحرير، جمعت بين جيل الآباء وجيل الأبناء، هؤلاء الأبناء الذين يملؤهم الحماس، والبطولة والإقدام، والتصميم على الاِنتصار، تتطوّر أحداث المسرحية لتجعل الشخصيات تكشف عن موقفها من الثورة، ودورها البطولي في مواجهة هذا الاِستعمار، في الحُلم وفي اليقظة، وهذا ما يبوح به حميد: أحد شخصيات المسرحية: «نمت كللي شاركت مع الفدائيين ورحنا في ستة باش نقضوا على لاكوست، أمّا له خرجو فينا العسكر، قابلناهم بالرشاشات، أنا نقست طحت... ولما جاوا يلقوا علي القبض فطنتني مريم»، فالمسرحية تقدم نموذجًا لبطولة هذا الشعب في مواجهة الاِستعمار، وهي البطولة التي يكون ثمنها الاِستشهاد في سبيل الوطن، واستقلاله، وهو ما تُنبئ به نهاية المسرحية التي اِستنطقت مريم، وهي (تخرج ممزقة الثياب، ملطخة بالدم، والمسدس في يدها): يموت الأخير منا، لكن الجزائر تعيش حرة مستقلة (وتطلق عليهم طلقات نارية، ثمّ يطلق عليها النار هي الأخرى».
المسرح أبرز دور المرأة في ثورة التحرير
وتبرز المسرحية دور المرأة في ثورة التحرير من خلال شخصية ميمي ومريم، فميمي هي المجاهدة المطاردة من طرف الاِستعمار الفرنسي، وقد قامت عائلة حمدان بإيوائها وإنقاذها في بيتها، ليخلق العمل المسرحي الصراع الداخلي الّذي أخذ يزداد داخل مريم نتيجة غيرتها من ميمي، هذه المرأة التي جنّدت نفسها للدفاع عن الوطن، وهو ما عبرت عنه مريم: «نتأسف اللي راني متزوجة وما نحكمش في نفسي، ونستحي اللي ما نقدرش نفعل مثلك.. ونفتخر بيك وبأمثالك اللي راكم مثلتونا أحنا النسا في هذه الثورة، وسمعتو بيها كلّ نساء العالم»، إنّه الاِعتراف الّذي يكشف قوّة الوعي لدى كلّ أبناء القصبة بواجب التحرير والمشاركة في الثورة، ويمثلهم الأب حمدان، والأم يمينة، والأبناء توفيق وعمر وحميد وزوجة الاِبن مريم، والمجاهدة المطاردة ميمي، وهي صورة من صور البُعد الثوري للشعب الجزائري، وكما عبر عن ذلك الناقد المسرحي إبراهيم نوال بأنّ مسرحية «أبناء القصبة»: «ليست مجرّد حكاية عائلة تحملت ثقل الثورة التحريرية، وشاركت فيها، بل إنّها حكاية وطن وشعب يتلمس ويُكافح الاِستعمار حالمًا بالحرية والاِستقلال».
ثمّ تأتي مسرحية «الخالدون» التي كتبها عبد الحليم رايس وأخرجها مصطفى كاتب سنة 1960، وقد عرضت في «ملاق»، أحد مراكز التدريب لجيش التحرير الوطني، ويقع غرب مدينة الكاف التونسية، ولا تبتعد المسرحية في طرحها وموضوعها عن مسرحية «أبناء القصبة»، حيث إنّها عبرت عن كفاح جيش التحرير الوطني، ومدى اِرتباطه بالشعب الّذي يعد اِمتداداً له، وتُصور المسرحية وتستحضر حيوات بعض الشهداء، ويترك لهم التعبير عن المعاناة في ظل اِستدمار الاِحتلال الفرنسي، وفي الجبل ومع ما بقيَّ من الثوّار، ومن النماذج «قدور» الّذي فقد رجله، و»حسان» عقله من القصف، وغيرهما من النماذج ليستشهدوا في ساحة الثورة، ويبقيا ذكرى خالدة في الذاكرة الشعبية، والمرأة كانت حاضرة في المسرحية كرمز لحالة التوحد عند الشعب الجزائري، واِلتحامه، وقد كانت شخصية حميدة المرأة المجاهدة التي تُسْتنطق في سجون العدو، وتستشهد نتيجة التعذيب المُستمر، وكأنّ خطاب الكاتب يقول أنّ كلّ فرد من أفراد الشعب كان يسعى للتضحية حتّى ينال حياة الحرية والكرامة أو الخلد، ولعلّ اِفتتاح المسرحية ما يُؤكد هذا المعنى، وهي العبارة التي سجلتها بداية المسرحية «سلام يا جزائر! الأموات تحييك».
ثمّ تقوم الفرقة المسرحية في سبتمبر وأكتوبر من سنة 1960 بجولة فنية إلى الصين والاِتحاد السوفيتي لتقدم المسرحيات السالفة الذِكر وهي «نحو النور» و»أبناء القصبة» و»الخالدون»، وقد نالت إعجاب الجمهور على الرغم من عامل اللّغة...، وفي سنة 1961 يتم عرض مسرحية «دم الأحرار» التي أخرجها مصطفى كاتب، وقُدِمت أوّل مرّة في المُدن التونسية، والحدود الجزائرية حيث اللاجئون، ثمّ تمّ عرضها في الحدود المغربية، حيث اِنتقلت الفرقة التي قدمت عروضها المسرحية التي بلغت سبعة وأربعين عرضًا، فقد كانت تقدم أحيانًا عرضين أو ثلاثة في اليوم.
وتجدر الإشارة إلى أنّ رايس كان يجمع بين التمثيل والإخراج والكتابة، فهو أوّل من كتب للفرقة المسرحية لجبهة التحرير الوطني، وبفضل موهبته لم تقع فيما يُسمى بأزمة التأليف والبحث عن النصوص المسرحية، والمُلاحظ أنّ اللّغة التي كُتِبَت بها هذه المسرحيات هي اللّغة العامية، كي تكون قريبة من المستوى الذهني لجميع الجزائريين، في ظل تفشي الأمية، التي سعت إليها فرنسا من خلال سياسة التجهيل، والقهر، وكان الهدف بث الرّوح الوطنية أثناء مخاطبة هذا الشعب، قرينكة ولم تقف أعمال الفرقة المسرحية عند تونس فقط، بل انتقلت إلى البلدان العربية، حيث ظلت تقدم عروضها المسرحية التي تكشف بشاعة الاِستعمار الفرنسي، والتحريض على الاِنخراط في صفوف الثوّار، وظلت وفية لنضالها وارتباطها بالثورة حتى الاِستقلال سنة 1962.
كما كان نشاط الطلبة الجزائريين كبيراً في مجال المسرح في تونس، الّذي تناول في مضمونه ثورة التحرير الوطني، ويمكن أن نذكر تجربة (صالح خرفي) في مسرحية «المعركة» سنة 1957، والتي نُشرت فيما بعد بعنوان «حنينٌ إلى الجبل»، ومسرحية «مصرع الطُغاة» لـ(عبد الله الركيبي) عام 1959، وهي كلها تنقل لوحات خالدة من الكفاح المسلح، والوضع السياسي والاِجتماعي القائم آنذاك.
تناول ثيمة الثورة في العديد من الأعمال الدرامية
وفي ظل البحث عن الحرية دائمًا، التي اِرتبطت بالثورة الجزائرية، فقد شكلت هذه الأخيرة مادةً خصبة، ومصدراً هامًا بأحداثها ومبادئها، وقوتها للإبداع الفني في الوطن العربي ومنه فن المسرح، الّذي تناول ثيمة الثورة في العديد من الأعمال الدرامية، وهو ما يُؤكد المقولة أنّ العمل المسرحي هو «مناسبة لإثارة القضايا المُلِحة والساخنة»، وقد ظلَّ الحس الثوري مُلازمًا للمسرح العربي، وهذا نتيجة التفاعل القوي للمسرحيين العرب مع الأحداث الجسيمة التي عاشتها الجزائر إبان الثورة، وفي سياق هذا التفاعل، فقد جسدَ هذا المسرح كتابةً وتمثيلاً الأسطورة الرمز «جميلة بوحيرد» في عدة مسرحيات، يمكن أن نذكر على سبيل المثال مسرحية «البطلة» للكاتب التونسي محمّد فرج الشاذلي، ومسرحية «جميلة» للكاتب الليبي عبد الله القويري، ومسرحية «مأساة جميلة» للكاتب المصري عبد الرحمان الشرقاوي، وإنّ هذا التناول لم يأتِ مجانًا، بل إنّها كانت رمزاً للمرأة الجزائرية المُجاهدة، وللثورة في صمودها وتضحياتها، كيف لا وهي «تحمل في نظرتها نار الغضب، وفي أعماقها الثورة».
وكخاتمة القول لهذا العرض حول الثورة الجزائرية والمسرح، يمكن القول إنّ هذا المسرح منذ أشكاله الأولى التي تُسمى بأشكال ما قبل المسرحية، ومنها «القراقوز»، و»خيال الظل» كان يُحرض على الثورة ضدّ الاِحتلال الفرنسي، وصولاً إلى جهود الأمير خالد، ومسرح المنفى بفرنسا وتونس الّذي كان له الدور الريادي في اِحتضان الثورة في الخارج، ومرافقتها حتّى الاِّستقلال سياسيًا وفنيًا، والمُتتبع لحركة المسرح الجزائري يتأكّد من اِرتباطها بالثورة في السياق التاريخيّ والسياسيّ والثوريّ للمجتمع الجزائري، حيث نجدها قد رافقت الحركة الثورية الوطنية في كلّ مراحلها، واستمر الاِهتمام بالبُعد الثوري حتّى بعد الاِستقلال وهو ما تجلى في كثير من الأعمال الدرامية.
كاتبة وباحثة أكاديمية
عن مجلة فواصل