شكّلت المزايا العلاجية لأسماك المياه العذبة، محور يوم دراسي وطني، نظّمته مديرية الصيد البحري والموارد الصيدية لولاية ورقلة، بالتعاون مع الغرفة المشتركة ما بين الولايات للصيد البحري وتربية المائيات وجامعة قاصدي مرباح بورقلة من خلال مداخلات في الموضوع قدمها أساتذة باحثون وإطارات في القطاع.
كشف في هذا الصدد مدير الصيد البحري والموارد الصيدية لولاية ورقلة صلاح الدين أوذينية، أنّ الهدف من تنظيم هذا اليوم الدراسي هو التحسيس والترويج لأهمية الاستثمار في مجال تربية المائيات، بالارتكاز على المزايا العلاجية لأسماك المياه العذبة والآفاق الاقتصادية لهذا النوع من الاستثمارات، داعيا المستثمرين المحليّين إلى الانخراط في هذا المسار الجديد، الذي انتهجه الكثير من المستثمرين في عدة ولايات عبر الوطن، مشيرا إلى أنّ تجسيد هذه الرؤية ممكن من خلال استغلال المراكز الحموية، خاصة وأنّنا في منطقة غنية بالمنابع الحموية.
ونظرا لتعدّد مجالات البحث والاستثمار فيها، فإن الأسماك العذبة، وبالإضافة إلى كونها منتجا غذائيا موجها للاستهلاك، تعد أيضا منتجا له مزايا كثيرة في المجال العلاجي وصناعة وتركيب المواد الصيدلانية والتجميلية التي يمكن استغلالها كمواضيع للبحث، من أجل تطوير مجالات استخداماتها وأيضا الاستثمار فيها والاستفادة ممّا توفّره من فرص لتطوير المجال الاقتصادي كما ذكر مدير الغرفة المشتركة ما بين الولايات للصيد البحري وتربية المائيات بولاية ورقلة، فوزي هبيتة.
وفي مداخلة للدكتورة حيدوسي صبرينة، الأستاذة في تخصّص تربية المائيات بجامعة ورقلة، قدّمت عدّة أنواع للأسماك العلاجية المستخدمة في العلاجات الطبية، على غرار صنف السمك الطبيب «قارة روفا»، وهو نوع من الأسماك يتغذّى على بقايا الجلد الميت في جسم الإنسان، ويمكن إدخاله في علاج بعض الأمراض الجلدية مثل الإكزيما، كما تطرّقت إلى مزايا أخرى غير الاستهلاك الغذائي لأسماك المياه العذبة، وكيفية استغلالها في العلاج وتركيب المواد الصيدلانية وكيف تعد مصدرا لاستخلاص مادة الكولاجين التي تدخل في تركيب مواد التجميل.
كما أبرزت المتحدّثة أهمية دور البحث العلمي في مرافقة المستثمرين المهتمين بالاستثمار في هذا المجال، وتبيان الآثار البيئية والفيزيولوجية والخصائص العلاجية عبر التركيز على دراسة الصنف في حد ذاته، والبحث في مدى تأقلمه مع الوسط البيئي المحلي ونمط التربية، خاصة أنّ بعض هذه الأصناف المدمجة يتم جلبها من دول أخرى، يمكنها التأقلم مع الوسط، كما بإمكانها أن تنافس أصنافا محلية، مؤكّدة أهمية الخروج من الإطار الاستهلاكي فقط، ومواكبة التطور الحاصل في مجال رسكلة المخلفات البحرية على غرار جلد الأسماك، الذي يمكن استخدامه في علاج الحروق.
وفي نفس السياق، عرضت مسعودة بن هجيرة مهندسة دولة، خلال مداخلة لها المزايا العلاجية لسمك البلطي واستخدامات جلد البلطي في المجال الطبي، وفاعليته في علاج الحروق من الدرجة الأولى والثانية والثالثة، كما عرجت على مجالات أخرى لاستغلال جلد الأسماك في صناعة المواد الصيدلانية، وكذا في صنع الحقائب والأحذية الذي خطت فيه بعض الدول أشواطا هامة.
من جانبه، تطرّق الدكتور بن سالم سفيان الأستاذ في تخصص تربية المائيات بجامعة ورقلة إلى طرق رسكلة المخلّفات البحرية، خاصة من صنف القشريات التي تعد مصدرا هاما لاستخلاص مادة «الكيتوزان»، والتي يمكن استعمالها كمضاد حيوي وفي مجال علاج الكسور وكضمادات، كما تعد عنصرا هاما في الحميات الغذائية لما لها من دور في امتصاص الأحماض الدهنية، وفي معالجة الحروق أيضا من الدرجة الثالثة، منوّها إلى أن هناك دراسات كثيرة وبحوث حول «الكيتوزان»، ولكن استعمالاته في المجال الطبي ما زالت حديثة العهد، وهو ما يتطلّب تكثيف الجهود من أجل ربط ومواكبة مجالات البحث العلمي للتطور الصناعي.