طباعة هذه الصفحة

مع أعلام الجزائر

سيدي محمد بن عمر الهـواري الولي المتواضع

الأستاذ بلقاسم أيت حمو الجزائر المحروسة

هو الشيخ الولي الصالح العارف بالله، القطب ّأبوعبد الله سيدي محمد بن عمر الهواري، وهو على غرار سيدي أبي العبّاس “ سيدي بلعباس”  وغيرهما من ذرية الشريف سيدي بوزيد  دفين آفلو بولاية الأغواط رضي الله عن الجميع في البلدة التي تحمل اسمه الشريف.

كـان سيدي الهواري رضي تعالى عنه كثير السياحة والترحال شرقا وغربا، براً وبحرًا، زار البقاع المقدسة مرورًا بمصر، كما زار القدس والشام، أمّا دراستـه فكانت بفاس عن موسى العبدوسي والقباب، وببجاية عن شيخه سيدي أحمد بن ادريس دفين تيزي وزو قرب مقام الولي الصالح سيدي عبد الرحمن الإيلولي رضي الله عنهما حيث معهد تكوين الأئمة حاليا.
كما درس في بجاية أيضا عن الولي الصالح الشهير سيدي عبد الرحمن الوغليسي رضي الله عنه، ومعلوم أنّ سيدي أحمد بن إدريس هو شيخ العلامة ابن خلدون رحمه الله، وقد استقر سيدي الهواري رضي الله عنه بمدينة وهران أخيرًا، مثابرًا على العلم والعمل، والصدق في الأحوال، وانتفع به جمع كثير، وعند قرب أجله كان  -رضي الله عنه – أكثر كلامه في مجالسه في التبشير بسعة رحمة الله وعفوه.
وممّن أخذوا عنه الولي الصالح الذائع الصيت سيدي إبراهيم التازي رضي الله عنه وقد دفن معه في المقام بالحي الذي يحمل اسمه الآن في وهران “حي سيدي الهواري”.
ونظرًا لشهرة هذا الولي الصالح، وكذا سيدي بومدين رضي الله عنهما وغيرهما بالغرب الجزائري كثيرون، فقد عمد الرئيس المرحوم محمد بوخروبة إلى جعل اسميهما اسمه الثوري الذي بقي يعرف به إلى غاية وفاته “هواري بومدين” .
ولسيدي الهواري رضي الله عنه مصنف مشهور ميمون وهو الموسوم بكتاب “السّهو” جاعلاً له تنبيها يبيّن فضله، وصنّفه للأولاد ، وإن كان الانتفاع به لمن سلّم لأهل الله من  العباد، ولم يعر في وضعه كبير اهتمام للوزن والبلاغة كما قال في تواضع كبير للفقيه المقلاشى حين بادره بقوله “سيدي  لقد أصلحت سهوك!” فأجابه ، قدس الله سره في تواضع العارفين بالله: “ ومن أين العربية والوزن لمحمد الهّواري، بل سهوي يبقى على ما هو عليه “.
وذكر بعض معاصريه  أنه كان آية الله في فنونه ومكاشفاته وقد استوفى كراماته مع صاحبه سيدي إبراهيم التازي، وسيدي الحسن أبركان وسيدي أحمد الحسن المغراوي رضي الله عنهم  الشيخ ابن صعد في كتابه الموسوم بـ “ روضة النسرين في مناقب الأربعة الصالحين “
وقد كان قدس الله تعالى سره، يثني على أهل بجاية كثيرًا لمحبتهم الفقراء ومحافظتهم في معاملاتهم على الحلال، وكان يرّدد مثلما كان سيدي بومدين الغوث رضي الله عنهما يقول ما مؤدّاه “ بجاية تعين على الطاعة وأكل الحلال “ .
ولا عجب في ذلك ! حيث إن العلماء العاملين والأولياء الصالحين زائري بجاية وقاصديها، وما أكثرهم عبر القرون كانوا يتوضؤون قبل  دخول المدينة عند بئر ما تزال موجودة إلى الآن لدى مدخلها تدعى “ بئر السلام “.
توفي سيدي الهّواري رضي الله عنه بوهران سنة 843هـ وفيها ضريحه الشريف ومقامه المنيف، فاللهم أفض على سيدي محمد بن عمر الهواري البوزيدي وعلى جميع أصوله وفصوله ومشايخه وتلاميذه وإخوانه العارفين والأولياء والصالحين من كرمك وجودك ما يرضيهم وفوق الرضا، وأعد علينا من بركاتهم وكراماتهم ، وانفعنا وارفعنا بعلومهم الظاهرة والباطنة .. آميــــــن.