أكد الوزير الأول وزير المالية أيمن بن عبد الرحمان، أن الحكومة تلتزم بتهيئة كل الظروف والقيام بجميع الإصلاحات واتخاذ التدابير الكفيلة بتنشئة جيل المستقبل وإعداده من أجل متابعة مسيرة التنمية المستدامة وفق نظرة استشرافية تتجاوز مرحلة ضمان الحقوق الأساسية إلى مرحلة التمكين وصناعة مستقبل الأجيال المقبلة.
أفاد لوزير الأول وزير المالية، خلال إشرافه على إحياء اليوم العالمي للطفل بالمركز الدولي للمؤتمرات، بأن مخطط الحكومة أعطى حيزا مهما للطفل، كونه يمثل أحد الركائز الأساسية للسياسة الاجتماعية للدولة، مشيرا إلى تعزيز حماية وحقوق هذه الفئة من خلال القضاء النهائي على تشغيلهم في التسول، باعتماد عقوبات قانونية، مع العمل على تحسين الرعاية الصحية ونوعية التربية والتكوين وكذا شروط الترفيه الملائمة.
وأبدى أيمن بن عبد الرحمان، استعداد الحكومة لرعاية المواهب وتهيئة البيئة المناسبة للإبداع والابتكار، لافتا إلى أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون كرّم في العديد من المناسبات المبتكرين الشباب ذوي المواهب والفائزين في مختلف المسابقات الوطنية والدولية للابتكار والإبداع، معتبرا أنها رسالة واضحة تعبّر بصدق عن توجهات الدولة في مجال الحماية والرعاية والمرافقة للمشاريع النوعية والمميزة للأطفال من ذوي القدرات والكفاءات العالية.
قوة الدولة من قوة شبابها
وذكر بتركيز الرئيس دائما على اقتصاد المعرفة وتكوين رأس المال البشري الذي من دونه لا يمكن ضمان يد عاملة مؤهلة ومحضرة للقيام بأعمال في المستقبل تتطلب كفاءات عالية، مبرزا مدى تجاوب الجزائر مع هذه المبادرة من حيث زيادة الإنتاجية والتنافسية، لافتا إلى التزام الحكومة بوضع أسس وقواعد بناء الجزائر الجديدة والانتقـال إلى أنموذج جديد للنمو الاقتصادي والذي يعتبر فيه رأس المال البشري “محددا رئيسا تبنى عليه كل مخططات التنمية على الأمد البعيد”.
ويرى أن قوة الدولة من قوة شبابها وبناء رأس مال بشري كفء وقادر على تحقيق النمو الاقتصادي والنهضة المنشودة يتطلب إعداد جيل مناسب من أجل متابعة مسيرة التنمية المستدامة في جميع مجالات الحياة وكذا تحضير رجل الغد بتنشئة طفل اليوم وتحسين رعايته الصحية وتحسين نوعية منظومة تربيته وتكوينه وكذا شروط الترفيه الملائمة واتخاذ جميع التدابير الكفيلة بصناعة مستقبل الأجيال القادمة.
في هذا السياق كشف الوزير الأول وزير المالية، عن انطلاق الحكومة، بدعم تقني من البنك الدولي، في مشروعين لفائدة وزارة التربية الوطنية، موضحا أن الأول يتضمن تحسين نوعية التكفل بالطفولة الصغيرة والثاني يتعلق بالتسيير المبني على النتائج وكذا المتابعة والتقييم وتعزيز القدرات في قطاع التربية، مضيفا أن الثورة التكنولوجية منقطعة النظير تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على حياة الطفل ومساراته الدراسية والنفسية والصحية.
وتابع، إنه ينبغي علينا أخذ هذا الواقع بعين الاعتبار لرسم رؤية جديدة تتماشى وطموحات بلادنا لبلوغ الهدف المنشود بخطى ثابتة نحو التنمية المستدامة، بإشراك جيل المستقبل، فضلا عن مرافقتها الأساسيات اليومية المكرسة لحقوق الطفل ببرامج حياتية مدمجة ومكيفة حسب القدرات الذهنية والبدنية للاكتشاف المبكر للمواهب الصغيرة لتكون نماذج مميزة.
شبكة كبيرة من المؤسسات الصحية
وفي مجال الصحة، أشار إلى أن الجزائر تتوفر على شبكة كبيرة من المؤسسات الصحية، موزعة على كافة التراب الوطني تفوق 650 مؤسسة وآلاف العيادات متعددة الخدمات وقاعات العلاج وتأطير طبي وشبه طبي يفوق تعداده 60000 بين طبيب وصيدلي وأكثر 170000 من شبه طبي، مبرزا أن التغطية الصحية سمحت المؤشرات الرئيسية للصحة، خاصة ما تعلق بمتوسط العمر المتوقع عند الأولاد 77.8 سنة في 2019 ومعدل الوفيات عند الأطفال 21 في الألف.
وكشف بن عبد الرحمان، عن الشبكة الكبيرة التي تزخر بها البلاد من المؤسسات التربوية ومؤسسات التكوين التي تفوق 29000 مؤسسة وقدرات تأطير تتعدى 570000 أستاذ ومكون، مع تغطية شاملة لكامل التراب الوطني، مشيرا إلى تسجيل تحسن ملحوظ في معدل النجاح في الامتحانات المدرسية الرئيسية، بالإضافة إلى جهد مالي كبير ومستمر تقدمه الدولة لهذه القطاعات، حيث تسخر أكثر من 15٪ من ميزانية الدولة للمنظومة التربوية بما يعادل 6٪ من الناتج المحلي الخام.
ترسانة قانونية لحماية وترقية حقوق الطفل
قالت وزيرة التضامن الوطني وقضايا الأسرة كوثر كريكو، إن الطفولة تحظى بعناية خاصة ضمن مخطط عمل الحكومة في طيات التشريعات القانونية، تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية، مشيرة إلى أهمية ترقية حقوق الطفل وصقل مواهبه في شتى الميادين، خاصة الابتكار في المجال التكنولوجي والابداعي.
أفادت كريكو، بمناسبة إحياء اليوم العالمي للطفل، أن الجزائر لديها ترسانة قانونية ثرية لحماية وترقية حقوق الطفل لتوثيق المصلحة الفضلى له في القانون وترسيخها بموجب التعديل الدستوري لسنة 2020، لاسيما في المادة 71، مضيفة أن مرافقة الطفولة وترقية مكانتها تتحقق في إطار تضامن حقيقي بين مختلف القطاعات الحكومية هادف إلى تجسيد هذا المسعى النبيل.
وأعربت عن تقديرها للاهتمام الذي توليه الحكومة لتعزيز مرافقة الطفل وترقية حقوقه وحمايته ودعم مواهبه كمنبر حيوي يجسد إرساء القناعة، لأن البراءة مهدا للمسؤولية وفاعلا تنمويا في كنف التلاحم الاجتماعي، من خلال التنسيق القطاعي المشترك وتوطيد التواصل مع مختلف المنظمات الأممية، لاسيما صندوق الأمم المتحدة الطفولة، وتبادل الخبرة والمهارات مع جل الدول الصديقة.
وأبرزت وزيرة التضامن، الجهود المبذولة لمرافقة والتكفل بمواهب الطفولة ودعم إبداعاتها والسهر على ترقيتها، خاصة في الابتكارات والاختراعات في مجال الذكاء الاصطناعي، من خلال التشريعات والبرامج الوطنية لضمان مستقبل أفضل لهذه الفئة من المجتمع ولبلوغ هدف إعلاء المصلحة الفضلى للطفل.
ممثل اليونيسيف: تطوير الكفاءات والمواهب
من جهته، أشاد ممثل مكتب صندوق الأمم المتحدة للطفولة بالجزائر “اليونيسف”، بالعمل الكبير الذي تقوم به الجزائر لدعم مواهب وهوايات الأطفال في مختلف الميادين، مشيرا إلى أن إشراف لوزير الأول وزير المالية، على إحياء اليوم العالمي للطفل يجسد مدى اهتمام الحكومة الجزائرية بمرافقة الطفولة.
وأضاف، أن هذه الفئة بحاجة الى توفير الظروف الملائمة لإبراز قدراتها وترقيتها ومرافقتها بصفة مستمرة، كاشفا عن مساعي منظمة اليونيسيف إلى دراسة هذه الإشكالية وطرحها في كل مرة بهدف تطوير كفاءات الأطفال ومواهبهم وضمان الشروط اللازمة لهم.
من جانبه، تحدث رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان بوزيد لزهاري، عن البرامج الوطنية التي تهدف إلى ترقية حقوق الأطفال في مختلف المجالات والتكفل بهم والعمل على تنمية وصقل مواهبهم وقدراتهم وإبداعاتهم، مبرزا أهمية المواد التي تتضمنها الترسانة القانونية المتعلقة بحماية وترقية حقوق الطفل في الجزائر.
وبالمناسبة، عرف إحياء اليوم العالمي للطفل تنظيم معرض لاكتشاف ابتكارات واختراعات الأطفال في مجال الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى نشاطات أخرى على الهامش وكذا تكريم الأطفال الفائزين في المسابقة الوطنية لاكتشاف المواهب بالمؤسسات المتخصصة التابعة لقطاع التضامن، مع تسليم شهادات للأطفال المشاركين في تنظيم فعاليات إحياء اليوم العالمي الطفل.