قال الأمين العام لجبهة البوليساريو الرئيس الصحراوي إبراهيم غالي،أمس، أن القضية حقّقت حضوراً غير مسبوق على الساحة الدولية، وتعزّزت مكانة الدولة الصحراوية في الإتحاد الإفريقي، وتمّ تسجيل مكاسب معتبرة في الميدان القانوني، خاصة بعد قرار محكمة العدل الأوروبية. داعيا إلى الاستعداد لكل الاحتمالات في ظل سياق يتسم بتطورات متسارعة، وطنياً وجهوياً ودولياً.
أوضح رئيس الجمهورية الصحراوي الأمين العام للجبهة إبراهيم غالي خلال ترؤسه انعقاد الدورة العادية للجبهة أن الوضع الحالي يضعنا أمام مسؤوليات جسام، يتطلّب منا أن نكون في مستوى اللحظة التاريخية، في الهيئات القيادية قبل القاعدة الشعبية، لنرفع التحدي، بكل إيمان بالله وثقة في النصر الحتمي، بوطنية وإخلاص وتفان ونكران للذات واستعداد دائم لكل ما تقتضيه القضية الوطنية من تضحية وعطاء».
وفي حصيلة معلنة. تمكّن جيش التحرير الشعبي الصحراوي خلال سنة من العودة إلى الحرب، من تنفيذ ما لا يقل عن 2078 عملية عسكرية شملت 103 مناطق بالصحراء الغربية منتشرة على طول الجدار المغربي، حسب إحصاء أعدته وسائط إعلامية صحراوية.
أعمال تجاوزت الأرقام
وركز الجيش الصحراوي خلال سنة من الحرب، حسب معطيات، على عمليات القصف التي شملت كافة القطاعات العسكرية للجيش المغربي (تويزكي، المحبس، الفرسية، حوزة، السمارة، امغال، البكاري، اوسرد، تشلة، الكلتة، ام ادريكة، الكركرات) والمنتشرة على طول الجدار الفاصل الممتد لمسافة 2700 كلم.
وفي حصيلة، فإن العمليات العسكرية توزعت على النحو التالي: المحبس: 552، حوزة: 265، امكالا: 121، اجديرية: 80، السمارة: 85، الفرسية: 188، توزكي: 10، البكاري: 251، ام ادريكة: 165، الكلتة: 145، اوسرد: 136،الكركرات: 60 وتشلة: 20).
و أكد المدير الوطني للأمن والتوثيق وحماية المؤسسات بالجمهورية الصحراوية، سيدي اوكال، أن الأعمال القتالية «تجاوزت الأرقام التي أعدتها وسائط صحراوية، حيث تميزت بثلاث خاصيات أساسية، الأولى هي الاستمرارية، حيث لم يمر يوما واحدا دون قتال، والشمولية حيث شمل النشاط القتالي كافة القطاعات العسكرية المعادية إلى جانب تنوع أهداف الضربات سواء في الحد الأمامي أو مراكز القيادة والإمداد وغيرها».
وتمكن الجيش الصحراوي من تنفيذ عمليات نوعية وصلت حتى عمق التراب المغربي وبأقل خسائر، في حين تكبد الجيش المغربي خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات منعته من المبادرة. فبتاريخ 21 جانفي 2021، نفّذ الجيش الصحراوي هجمات بالصواريخ والأسلحة الثقيلة ضد قواعد عسكرية مغربية تقع في مناطق إستراتيجية من قطاع توزكي مثل لبعاج، طارف بوهندة ولمسامير، وذلك في إطار عملية التصعيد واتساع دائرة الحرب التي أعلنت عنها قيادة الجيش الصحراوي.
وبعد يومين من هجوم «الوركزيز»، أعلن عن قصف بالصواريخ استهدف منطقة الكركرات ومحيطها، حيث تتواجد قوات مغربية كبيرة بالمنطقة منذ منتصف نوفمبر 2020. أربعة صواريخ كانت كافية لخلق واقع جديد، وتمّ الحديث عن عملية دقيقة ونوعية نفذتها وحدة خاصة تابعة للجيش الصحراوي، قامت بالهجوم ليلا وانسحبت بشكل سريع، حيث لم تترك فرصة للجيش المغربي الذي استعان بالطائرات الحربية لتمشيط المنطقة.
وفي تطور آخر كان لافتا في مسار الحرب الثانية، أعلنت جبهة البوليساريو عن عملية نوعية هذه المرة كانت داخل عمق التراب المغربي، بتاريخ 8 فيفري 2021 عندما نفذت وحدة خاصة من الجيش الصحراوي عملية عسكرية جريئة ضد حراسة عسكرية متقدمة للجيش المغربي بمنطقة «أقا» التي تبعد عن الأراضي الصحراوية المحررة بأكثر من 150 كلم، أسفرت عن مقتل أربعة جنود مغاربة من بينهم ضابط، وجرح عدد آخر.
واعتبرت الأطراف الصحراوية العملية «كاستعادة لأحداث الأيام والسنوات التي ميزت الفترة الممتدة من 1976 إلى 1983»، حيث تم الهجوم على مدن وقرى مغربية، وكانت دلالات هجوم «أقا» واضحة، وأكدت «قدرة الجيش الصحراوي على الوصول إلى أي نقطة حتى ولو كانت داخل عمق التراب المغربي».
انتهجت جبهة البوليساريو خلال الحرب الحالية نفس الإستراتيجية والأساليب التي مكنتها من الصمود على مدار 16 سنة من الحرب الضروس مع المغرب، لذلك «اعتبرت عمليات القصف والأنشطة العسكرية المرافقة لها كمرحلة تسخين وتحضير تسبق الدخول في الحرب الفعلية وتهدف إلى استنزاف معنويات الجيش الملكي المغربي وإمكانياته المادية».
إلغاء اتفاقات المغرب - الاتحاد الأوروبي
شنّ المغرب ردا إعلاميا لدى الاتحاد الأوروبي من أجل استعادة الاتفاقين التجاريين حول التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي اللذين تمّ إلغاؤهما يوم 29 سبتمبر من طرف محكمة الاتحاد الأوروبي غير أن هذا المسعى سيكون دون جدوى حسب تحليل نشرته مدرسة الحرب الاقتصادية فرنسا».
في هذا الصدد، كتب اشيل واينر، صاحب تحليل بعنوان «حرب إعلامية بين المغرب وجبهة البوليساريو بخصوص الاتفاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي - المغرب» قرّرت الكونفدرالية العامة للمؤسسات المغربية التي تعتبر الخاسر الأكبر في هذا القرار القيام برد قد يدرج ضمن صراع نفوذ لدى الاتحاد الأوروبي».
ويبدو أنه سيكون هناك طعن في القرار، حيث أن «المغرب يتوفّر على مهلة قصيرة نسبيا لإقناع مختلف البلدان الأوروبية حول صحة هذا الاتفاق لمخالفة تصريحات جبهة البوليساريو» ولدى المغرب مهلة شهرين للطعن في القرار ابتداء من تاريخ النطق بالحكم.
وحسب صاحب التحليل فإن «صراع النفوذ هذا سيمر بحملات لوبيات من أجل تحسين سمعة المغرب الذي لا يجب أن يعتبر كقوة مُستعمرة تنهب الثروات الطبيعة لدولة ذات سيادة». كما ينبغي أن يقنع هذا المسعى بأن هذا الاتفاق تستفيد منه جبهة البوليساريو أيضا وسكان الأراضي المحتلة، على حدّ قوله.
وقد ناشدت الكونفدرالية العامة للمؤسسات المغرب، الشركة الفرنسية المتخصصة في الاعلام Open2Europe وأرسلت إلى بروكسل عبير لمصفر، المنسقة الرئيسية لعلاقات الكونفدرالية مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي بخصوص الجانب الإعلامي.
وتبقى حاليا سفارات الرباط بكل من مدريد وبرلين وبروكسيل وباريس بدون سفراء، وبذلك تساءل صاحب التحليل، «بذلك تجد المغرب نفسها في وضع استراتيجي معقد: كيف يمكن توجيه رسالة للفاعلين الأوروبيين دون استعمال الطرق الديبلوماسية؟ مضيفا أن هذا الرد «قد يكون دون جدوى أمام قدرات جبهة البولساريو التي تستفيد من الدعم على الساحة الدولية لطرح مطالبها».
من جهة أخرى، أتت الإستراتيجية الإعلامية لجبهة البوليساريو القائمة على التنديد المستمر بنهب الثروات الطبيعية للصحراء الغربية بدعم المنظمات غير الحكومية، ثمارها حسب المتدخل.
وانسحبت عدة مؤسسات من الصحراء الغربية على غرار المؤسسة الألمانية Continental التي لم تجدّد عقدها حول استغلال الفوسفات بالصحراء الغربية المحتلة والشركة السويدية Epiroc التي كانت تقدّم العتاد المنجمي. وذكر المحلل بأن قرار المحكمة الأوروبية الصادر في 29 سبتمبر الماضي «يتضمن نتائج هامة».