تحتفل سلطنة عُمان، اليوم 18 نوفمبر، بالعيد الوطني 51 للنهضة، في ظل الثبات والمحافظة على المكتسبات والمنجزات وصونها. مسيرة يقودها السُّلطان هيثم بن طارق، الذي أكد منذ تولّيه مقاليد الحكم في 11 جانفي 2020م على سعيه لرفعة بلده والارتقاء به.
وتعد المشاركة الفاعلة وتقديم «كل ما يسهم في إثراء جهود التطور والتقدم والنماء»، مبدأ من مبادئ عُمان المتجددة وعهدها السعيد وهو ما ظهرت ملامحه على أرض الواقع، من تحديث في التشريعات والقوانين وآليات وبرامج العمل في مختلف المجالات.
آلية مستقرة لانتقال الحكم
شهد مطلع العام الحالي صدور النظام الأساسي للدولة وفقًا للمرسوم السلطاني رقم 6/ 2021م ليكون ركنًا أساسًا لمواصلة الجهود وصياغة مستقبل أفضل لعُمان والعمانيين، وقاعدة رصينة لنهضتهم المتجددة، ويرسخ آلية مستقرة لانتقال الحكم الذي سينعكس أثره إيجابًا في عدد من الجوانب مثل السياسية والاقتصادية، بالإضافة إلى تأكيده على مبدإ سيادة القانون واستقلال القضاء كأساس للحكم في الدولة وإلزامية التعليم «حتى نهاية مرحلة التعليم الأساسي»، «وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب، وتشجيع الابتكار» وهو ما ينسجم مع رؤية عُمان 2040م.
واستأثرت سلطنة عُمان بتجربة خاصة بها في العمل الشوري والديمقراطي، قام بنيانه «على أسس ثابتة من واقع الحياة العُمانية» ومرّ بعدة مراحل وصولا إلى مجلس عُمان بغرفتيه الدولة والشورى. وشهدت كل مرحلة من مراحله لبنات مختلفة من الأنظمة والقوانين حتى غدت سِمة بهدف ترسيخ منهج الشورى «بما يلبّي مصلحة الوطن ويستجيب لتطلعات المواطنين». وفي هذا الصدد، أصدر السُّلطان هيثم بن طارق المرسوم السلطاني رقم 7 / 2021 بشأن قانون مجلس عُمان حوى 78 مادة منظّمة لعمل مجلسي الدولة والشورى.
تحسن مؤشرات الوضع الوبائي
أوجد فيروس كورونا المستجد كوفيد-19 تبعات مختلفة في كل دول العالم، لا سيما في الجانبين الاجتماعي والاقتصادي وعملت سلطنة عُمان ممثلة في اللجنة العُليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا المستجد كوفيد-19 على اتخاذ قرارات «وسطية»، راعت فيه هذين الجانبين، وإجراءات احترازية ضمنت بشكل كبير سلامة المواطنين والمقيمين، بالإضافة إلى التعاون والاستجابة المجتمعية وتوفير لقاحات معتمدة دوليًّا مضادة للفيروس وفق حملة وطنية للتحصين، الأمر الذي انعكس إيجابًا في التعامل مع الجائحة.
كما أولت الحكومة اهتمامًا بالآثار الاقتصادية التي أوجدتها الجائحة من خلال لجنة مُعالجة الآثار الاقتصادية الناتجة عن جائحة كورونا، حيث اتخذت قرارات هدفت إلى التخفيف من آثارها وتداعياتها على المؤسسات والشركات بمختلف مستوياتها.
فرص للشباب والمرأة في قلب النهضة
إن تخصيص السلطنة يومًا للشباب يوافق 26 من أكتوبر سنويًّا يعكس الاهتمام بهذه الفئة بدورهم في التنمية، حيث أكد في اجتماع مجلس الوزراء في أكتوبر الماضي، «على أهمية إيجاد آليات وقنوات اتصـال معهم لإيضاح الجهود المبذولة كافة لتلبية متطلبات مسيرة التنمية في مختلف القطاعات، والاستماع إلى تطلعاتهم واحتياجاتهم.
كما انعكس الاهتمام بهذه الفئة وترجمة للحرص المتواصل الذي يولى لملف تشغيل الشباب ودعم أصحاب الأعمال العاملين لحسابهم الخاص، فقد تم إطلاق مجموعة جديدة من المبادرات التشغيليّة في شهر ماي الماضي وذلك في إطار تنفيذ خطة توفير ما يزيد على (32) ألف فرصة عمل هذا العام. هذا الملف يُعدّ من أهم الأولويات الوطنيّة.
كما أن المرأة العُمانية تمثل ركنًا مهمًّا في نهضة سلطنة عُمان المتجددة وقد أكد السُّلطان على حرصه على أن تتمتع المرأة بحقوقها التي كفلها القانون وأن تعمل مع الرجل جنبًا إلى جنب في مختلف المجالات خدمة لوطنها ومجتمعها وهو من «الثوابت الوطنية». واحتفاءً بيومها السنوي في أكتوبر الماضي صدر قرارً وزاريًّ بإشهارِ نادي المرأة العُمانيّة للرياضة والإبداع الثقافي.
لقد حبا الله هذه الأرض الطيبة وأبناءها نِعمًا من بينها التآخي والتآزر والتلاحم وظهر ذلك جليًّا من خلال اللحمة الوطنية المساندة للجهود التي بذلتها الحكومة ممثلة في اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة للتعامل مع الآثار الناجمة عن الحالة المدارية «شاهين» في أكتوبر الماضي بالإضافة إلى الاستجابة السريعة من العاهل الذي أمر بتشكيل لجنة وزارية لتقييم الأضرار التي تعرضت لها منازل المواطنين وممتلكاتهم المختلفة في المحافظات التي تأثرت مباشرة بمركز الحالة المدارية، بهدف توفير جميع أشكال الدعم والمساعدة اللازمة للتخفيف من حِدة التأثيرات عليهم في أسرع وقت ممكن.
التعليم والبيئة في صدارة الأولويات
إن الأمم لا تقوم نهضتها إلا بالعِلم وهو مبدأ آمن به العمانيون منذ انطلاق نهضتهم المباركة قبل 50 عامًا، حيث أكد قائد نهضة عُمان المتجدّدة السُّلطان هيثم بن طارق على أن الاهتمام بقطاع التعليم بمختلف مستوياته سيكون في «سُلم الأولويات الوطنية»، من خلال توفير البيئة الداعمة والمحفّزة للبحث العلمي والابتكار. كما أن التوجيهات السامية القاضية ببناء 6 مدارس ستضاف إلى صروح العلم البالغ عددها 2430 مدرسة و11 جامعة حكومية وخاصة و18 كلية خاصة ستمكن أبناء وبنات سلطنة عُمان من الإسهام في بناء متطلبات المرحلة المقبلة.
وتواصل سلطنة عُمان اهتمامها البالغ بكل ما يتعلق بالمحافظة على البيئة على المستويين المحلي والعالمي، حيث أصدر السُّلطان هيثم بن طارق مرسومًا في أوت الماضي بإنشاء محمية خور خرفوت الأثري بمحافظة ظفار لتضاف إلى المحميات الأخرى المتنوعة في السلطنة ليصبح عددها 21 محمية.
وأثّر انخفاض وتذبذب أسعار النفط والإجراءات الاحترازية من فيروس كورونا على اقتصادات معظم دول العالم، وسلطنة عُمان ليست بمعزل عن هذه الآثار التي دفعتها إلى اتخاذ إجراءات لمواجهتها من خلال خطة التوازن المالي متوسطة المدى (2020 – 2023). وفي ظل هذه الأوضاع انطلقت الخطة الخمسية العاشرة (2021 – 2025) هذا العام وهي الخطّة الأولى للرّؤية المستقبليّة «عُمان 2040» التي ترتكز على 4 محاور رئيسة تتفرع منها 14 أولويّة و88 هدفًا استراتيجيًّا و68 مؤشّرًا لقياس الأداء.
تحفيز اقتصادي وسياسة خارجية ثابتة
وترتكز خطة التحفيز الاقتصادي على خمسة محاور رئيسة، تتمثل في «حوافز متعلقة بالضرائب والرسوم وحوافز محسّنة لبيئة الأعمال والاستثمار وحوافز لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وحوافز لسوق العمل والتشغيل وحوافز مصرفية تهدف إلى دعم الجهود المبذولة للتخفيف من آثار تداعيات كوفيد-19 من خلال تقديم مجموعة من الإجراءات والمبادرات التحفيزية الهادفة إلى دعم جهود التعافي الاقتصادي وتعزيز أداء الأنشطة الاقتصادية وجلب الاستثمارات الأجنبية».
أثبتت المتغيرات السياسية إقليميا ودوليا، أن السياسة الخارجية لسلطنة عُمان ثابتة، من خلال سعيها إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والإسهام الفاعل والحقيقي في حفظ السلم والأمن الدوليين والدعوة إلى تغليب الحوار والتفاهم بما يحفظ للدول وشعوبها مصالحها.