بالرّغم من أن الجزائر تقع في منطقة زلزالية وعرضة لها وللمخاطر الطبيعية 15، التي صنفتها مندوبية المخاطر التابعة لوزارة الداخلية، إلا أن السياسات المتعاقبة لم تضع استراتيجية واضحة المعالم لمواجهة هذه المخاطر من أجل استشراف ما سيقع. ولأنّ الوقت يتطلب إعادة النظر في مقاربة مواجهة المخاطر الكبرى بعد الذي حدث خلال الصائفة الماضية من حرائق مهولة اشتعلت عبر عدة ولايات من الوطن.
خطر الكوارث الطبيعية أو حتى الصناعية المصنفة ضمن المخاطر التي تهدد الجزائر في أي لحظة، يكلف سنويا خزينة الدولة ملايير الدولارات، حيث تكشف أرقام تحصلت عليها “الشعب ويكاند” في آخر إحصاء لسنة 2020، إنفاق الجزائر ما لا يقل عن 545 مليار دينار نتيجة التدخلات بعد وقوع الزلازل والحرائق، والفيضانات خلال 15 سنة الماضية، بينما قدرت تكلفة وباء كورونا، بحسب آخر رقم قدمه الوزير الأول وزير المالية أيمن بن عبد الرحمان، 4 ملايير دولار.
أما عن أهمّ مناطق الخطر الكبرى في الجزائر المعرّضة للكوارث، فقد وضع لكل منطقة خريطة تقسم كل الولايات، وكل ولاية محددة بخطر الكوارث على حسب العمران، مثلا، البنايات الفردية لا تصمّم مثل مقر الحماية المدنية، لأنه لابد ان تكون هناك بنايات تشتغل حتى خلال وقوع الكارثة. أما الفيضانات فكل القطر الوطني مقسم إلى خطر عال، متوسط، ضعيف وغير موجود، حيث أن كل الولايات مقسمة.
الصحراء بدورها ليست في منأى عن خطر الفيضانات، بسبب التغيرات المناخية. فعلى غير العادة، باتت تسجل تساقط كميات معتبرة من الأمطار في دقائق؛ أمر لم يكن يحدث من قبل، ضف إلى التصحر، الجفاف، الموجات الحرارية، الرياح القوية والرياح الرملية، وهي كلها مخاطر تؤثر في المناطق الصحراوية.
وبحسب نفس المصدر، فالجزائر صرَفت في الفترة ما بين 2004 (تاريخ صدور القانون المتعلق بالوقاية من الأخطار الكبرى وتسيير الكوارث في إطار التنمية المستدامة) و2019 ، ما لا يقل عن 545 مليار دينار نتيجة التدخلات بعد وقوع الزلازل وحرائق الغابات والفيضانات. أما الفيضانات وحدها، فقد كلفت الجزائر 374 مليار دينار، ما يقارب 70٪ من التكلفة الإجمالية.
وبالنسبة للتأمين على الكوارث فهو ساري المفعول، حيث دخل حيز التّنفيذ منذ أوّل سبتمر 2004. لكن للأسف الشديد، يفتقر المواطن الجزائري لثقافة التأمين، خاصة على الكوارث، إذ هناك 10٪ من المواطنين مؤمَّنون، لكن في حالة واحدة فقط وهي تبادلات تجارية للكراء، أو البيع والشراء فقط، وعادة ما يتم التأمين للحصول على الوثيقة فقط.
وحتى التأمين ضد الكوارث الفلاحية غائب، لأن أصحاب المستثمرات الفلاحية يتجاهلونه، ما يجعل السلطات العمومية تعوضهم في حال حدوث كوارث، كالحرائق مثلا، وهو ما يتطلب التحلي بثقافة التأمين حتى تتولى شركات التأمين الأمر.
وفي الموضوع، إستهجن الخبير الإقتصادي ناصر سليمان، استمرار “عامل المفاجأة” في التعامل مع الكوارث الطبيعية التي تهدد الجزائر، خاصة وأنها في كثير من الأحيان غير منتظرة، في وقت يعيش اقتصاد البلاد صدمة نفطية وأزمة صحية مزدوجة أثرت على النمو وفاقمت من عجز الميزانية الذي يبلغ أكثر من 4000 مليار دينار.
وشدد الأستاذ بجامعة ورقلة في تصريح لـ “الشعب ويكاند”، على أن هذه الكوارث ترهق اقتصاد البلاد الذي يعاني حاليا، بعد تراجع أسعار النفط وغياب موارد مالية أخرى، حيث دعا المتحدث لتفعيل صندوق مواجهة الكوارث الطبيعية، الذي تراجع عن دوره، مع الأزمة التي تعرفها البلاد، متسائلا: هل هو مُفعّل أم أنه لا يحتوي على أموال؟، هي أمور لا نعرف عنها شيئا، يقول الخبير.
أما عن إنشاء مندوبية المخاطر الكبرى تابعة لوزارة الداخلية والجماعات المحلية، فقال ناصر، إنها خطوة لا بأس بها، حيث يكمن دورها في توقع وتقديم إحصائيات ومعطيات وتحذيرات مستقبلية تقدم كتوجيهات للحكومة.