دعت تشكيلات سياسية تخوض الحملة الانتخابية إلى «تغيير» الوعاء الضريبي وعصرنة إدارة الجباية قصد التسيير الأنجع للمداخيل وتعزيز نظام التضامن المالي المنصوص عليه في قانون المالية لسنة 2019.
تطرقت أحزاب مشاركة في المحليات المقبلة ضمن برامجها إلى «دواعي إصلاح الجباية المحلية» وجدوى التوجه نحو اللامركزية الجبائية وتدعيم مداخيل الاستغلال مركزة على الجباية المحلية، باعتبارها أحد الموارد الهامة التي توفر مداخيل للمجالس المحلية سيما البلديات، مما يتيح تسييرا أفضل لمصالحها وتنفيذا أنجعَ لمخططاتها.
في هذا الإطار، تعتزم جبهة المستقبل «عصرنة» إدارة الجباية المحلية على مستوى التنظيم والتسيير والإجراءات، من خلال إدخال تكنولوجيات الاعلام والاتصال بشكل مكثف واستعمالها الأمثل من طرف مستخدمين ذوي كفاءات عالية والبحث عن مكونات جباية جديدة.
وفي مجال التقسيم العادل للضرائب بين البلديات وطبيعة النظام الضريبي في الجزائر، ترى جبهة المستقبل أن المشرع يأخذ بنظام تعدد الضرائب وبالتالي إعطاء الجباية المحلية دورا أساسيا في النظر الى خصوصية كل بلدية.
ودعت في هذا الجانب، إلى تحقيق التوازن بين مختلف المجالس المحلية من خلال تكليف البلديات الغنية المستفيدة من عائدات المصانع والتي تضم مقراتها الاجتماعية، بتحويل مداخيل الجباية الى البلديات المتضررة من نشاط المصانع أو البلديات الفقيرة، بما يعينها على تهيئة محيطها وتأهيله ومواجهة أضرار النشاط المعني، امتثالا لما جاء به قانون المالية لسنة 2019 في مجال التضامن المالي بين البلديات، حتى لا تكون عبئا على الخزينة العمومية.
كما طالبت هذه التشكيلة السياسية بإعادة النظر في نسبة الدعم المالي لصالح البلديات المحرومة وإعادة النظر في نسبة الدعم المالي الممنوحة من طرف الصندوق المشترك للجماعات المحلية، مع ضرورة دفع ضريبة الإقامة بالكامل لصالح البلديات من طرف المتعاملين وإعطاء المزيد من المرونة للبلديات في تحديد الضريبة السياحية.
أما حركة مجتمع السلم، فدعت إلى ضرورة جلب بعض الفروع الإدارية المتواجدة خارج البلدية، التي تتضمن مصنعا أو نشاطا إنتاجيا معينا، على غرار فروع سونلغاز والضمان الاجتماعي والشركات الكبرى، إلى البلدية مقر النشاط، وعصرنة إدارة الجباية قصد التحصيل الأنجع لمداخيل الجباية المحلية، مع إعادة تأهيل هيئات المراقبة الداخلية والخارجية لمكافحة الرشوة والتهرب الجبائي المحلي وإدخال أنماط تعريفية للمحتويات الجبائية المحلية.
ويتابع حزب التجمع الوطني الديمقراطي مطلبه الدائم لمراجعة آليات تسيير الجباية المحلية وتعديل قانون البلدية، بما يعطيها امتيازات أكبر في مجال تحصيل الجباية، حيث ألح في أكثر من مناسبة على ضرورة تغيير قانون الوعاء الضريبي، لاسيما وأن البلدية لا تستفيد إلا من 5٪ من عائدات الضرائب.
وتحتاج البلديات اليوم، وفق الحزب، إلى مناطق تبادل حر ومناطق نشاطات تسمح لها بتحقيق مداخيل جبائية أكبر، وهو ما يستدعي، بحسب الحزب، إصلاح نظام الضرائب بما يمكن المستثمرين من تقديم قيمة مضافة في ظل مراعاة خصوصية كل بلدية من حيث النشاط والامكانات والكثافة السكانية.
ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور عية عبد الرحمان، أن المجالس المحلية تعاني من نقص في التحصيل الضريبي وعدم التوازن في قيمة الجباية المحصلة بفعل عدم توازن التنمية بين مختلف البلديات.
وتقسم الضرائب المحلية المحصلة بين البلدية والولاية، إلى جانب ميزانية مستقلة للبلدية، وأغلب هذه الضرائب لا يتم تحصيلها ما عدا في البلديات التي تعرف نشاطا صناعيا مكثفا، أو نشاطات لاستخراج النفط والغاز، وهو ما يتطلب، بحسبه، اللجوء إلى تنفيذ ما جاء ضمن قانون المالية لسنة 2019، في إطار ما يسمى بالتضامن المالي بين البلديات من خلال إرساء إدارة خاصة به على مستوى كل ولاية تسمى «إدارة تسيير التضامن المالي» يتكفل بها مختصون، مما يسهل على المنتخبين عملية التسيير.
ويكون لإدارة التضامن المالي، بحسبه، مهمة التقسيم العادل للضريبة بين البلديات، وإلزام المتعاملين الاقتصاديين بوضع مقراتهم الاجتماعية أو فروع لها في نفس البلدية التي يمارس فيها نشاطهم الانتاجي، مع متابعة فروع الشركات الكبرى والملف الضريبي في كل بلدية ينشطون فيها.
وتابع قائلا، «لقد حان الوقت لمنح هذه الجماعات المحلية الحرية والاستقلالية في تعبئة وجمع الجباية المحلية ومختلف الموارد المالية الأخرى وتثمين لا مركزية الجباية المحلية، مع تطبيق رقابة صارمة، وفي نفس الوقت استمالة دافعي الضرائب المحتملين وإقناعهم بأهمية عملية الدفع وانعكاساتها على حياتهم اليومية، فيما يتعلق بالضرائب المفروضة على السكان».
يذكر، أنه تقرر في إطار قانون المالية لسنة 2019 تعزيز نظام التضامن المالي ما بين الجماعات المحلية، للحد من اللامساواة بين الجماعات المحلية، وبالتالي ضمان التوازن الميزانياتي للجماعات المحلية المحرومة.
ويستهدف تحقيق التضامن المالي بين البلديات للجماعات المحلية التي لديها فائض في الإيرادات مقارنة باحتياجاتها، منح إعانات لفائدة الجماعات المحلية التي تعاني من صعوبات مالية.
ويمثل الرسم على النشاط المهني 58٪ من الموارد الجبائية للبلدية و35٪ بالنسبة للرسم على القيمة المضافة، في حين لا تمثل الضرائب الأخرى سوى 4٪ من الجباية المحلية.