حقّقت القضية الصحراوية في خضم استئناف الكفاح المسلح في 13 نوفمبر 2020، مكاسب دبلوماسية أبقتها على أجندة اجتماعات المنظمات الدولية، كما بقيت مكرسة في لوائح تلك الهيئات، خلافا لما كانت تسعى إليه الرباط، والتي راهنت على مقايضة التطبيع مع الكيان الصهيوني مقابل اعتراف إدارة ترامب بـ»السيادة» المزعومة على الصحراء الغربية، دون أن تجني ثمار هذه الصفقة بعد عام من عقدها.
دفع خرق المغرب لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الطرفين عام 1991 بإشراف الأمم المتحدة، وإقدام قواته العسكرية في نوفمبر 2020 على الاعتداء على متظاهرين سلميين في منطقة الكركرات العازلة، القيادة الصحراوية إلى الإعلان في 14 نوفمبر من نفس السنة عن قرار «إنهاء العمل باتفاق وقف إطلاق النار دفاعا عن النفس ولحماية المدنيين».
وتزامنا مع العودة إلى الكفاح المسلح وفي انتظار استرجاع الأرض المغتصبة، واصلت الدبلوماسية الصحراوية تكثيف اتصالاتها وجهودها من أجل استعادة الحقوق المسلوبة للشعب الصحراوي ومنها ثرواته الطبيعية التي عمدت القوة القائمة بالاحتلال على استغلالها دون وجه حق.
وفي هذا الملف، حققت القضية الصحراوية «نصرا كبيرا» بحسب المراقبين، حيث ألغت محكمة العدل الأوروبية في 29 سبتمبر الماضي اتفاقيتين تجاريتين بين الاتحاد الأوروبي والمغرب بناء على دعوى قدمتها جبهة البوليساريو، المعترف بها دوليا كممثل شرعي للشعب الصحراوي - مستندة (المحكمة) في قرارها إلى أن الاتفاقيتين وقعتا « دون موافقة شعب الصحراء الغربية»، الاقليم غير المستقل، مثلما تؤكده لوائح الأمم المتحدة.
تأييد دولي منقطع النظير
عرفت القضية الصحراوية، مزيدا من مواقف التأييد والتعاطف عبر العالم، باعتبارها قضية تتعلق بتصفية استعمار، وفق ما تؤكده لوائح منظمة الأمم المتحدة حيث توسعت حركة التضامن مع الشعب الصحراوي ونضاله العادل بشكل ملفت، سيما منذ استئنافه الكفاح المسلح من أجل الحرية والانعتاق.
وإيمانا منها بعدالة القضية أعلنت جمهورية البيرو استئناف العلاقات الدبلوماسية مع الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية التي تم قطعها، منذ 1996، في خطوة وصف بأنها «انتصار جديد» للشعب الصحراوي وقيادته.
جاء في بيان مشترك للبلدين ان «حكومة جمهورية البيرو ونظيرتها الجمهورية العربية الصحراوي الديمقراطية، اتفقتا يوم 8 سبتمبر 2021 على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين» مع التأكيد على «احترامهما للقانون الدولي ومبادئ تقرير مصير الشعوب».
فشل الاحتلال
أما بالنسبة للرباط التي اعتبرت إعلان الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب في العاشر من ديسمبر 2020 الخاص بالاعتراف بـ «السيادة» المزعومة للمغرب على الصحراء الغربية مقابل التطبيع بالكيان الصهيوني، «انتصارا دبلوماسيا كبيرا»، فإنها وبعد عام من صدور هذا الإعلان، المخالف لقرارات الشرعية الدولية، لم تجن ثمار هذه الصفقة، لتفشل بذلك في تحقيق مكاسب كانت تطمح إلى تحقيقها على حساب القضية الصحراوية.
فقد ترك ترامب الذي فشل في الفوز بعهدة رئاسية ثانية، مصير وعوده للمغرب باستثمارات أمريكية بقيمة 3 مليون دولار على مدار ثلاث سنوات، مقابل التطبيع مع الكيان الصهيوني، في يد الإدارة الأمريكية الجديدة.
إلا أن الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن الذي نصب في 20 جانفي2021، أظهرت «مواقف مغايرة تماما لسياسة سابقتها» وأكدت على تمسكها بالشرعية الدولية في عدة قضايا منها ملف الصحراء الغربية، بدليل موقف الدعم الذي أبان عنه رئيس الدبلوماسية الأمريكية أنتوني بلينكن، خلال اجتماع افتراضي مع الأمين العام الأممي أنطونيو غوتيريس في مارس الماضي، حيث شدد على دعم واشنطن لاستئناف المفاوضات السياسية بين جبهة البوليساريو والمغرب من أجل إيجاد حل لقضية الصحراء الغربية، وحث غوتيريش على « الإسراع في تعيين مبعوثه الشخصي» إلى الصحراء الغربية المحتلة. وفي ضربة أخرى للمغرب، اعترض نواب الكونغرس الأمريكي على فتح قنصلية للولايات المتحدة بمدينة الداخلة الصحراوية المحتلة وكذا بيع طائرات مسيرة للمغرب.
ومن جهته، رفض جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، صفقة ترامب مع المغرب ووصفها بأنها «تقويض خطير لعقود من السياسية الأمريكية تجاه قضية الصحراء الغربية «، قائلا: «كان من الممكن التوصل إلى اتفاق مغربي مع الكيان الصهيوني دون التخلي عن التزام الولايات المتحدة بالاستفتاء حول مستقبل الصحراء الغربية».
حصيلة قتالية معتبرة للجيش الصحراوي
أكد المدير الوطني للأمن والتوثيق وحماية المؤسسات بالجمهورية الصحراوية، سيدي أوكال، أن الذكرى الأولى لخرق المغرب لاتفاق وقف إطلاق النار، تحل و»الجيش الصحراوي البطل يقف أمام حصيلة قتالية معتبرة وعمل ميداني متميز من حيث الشمولية واستهداف العدو المغربي في كافة مواقع تواجده».
وقال سيدي أوكال في تصريح إعلامي في ذكرى خرق المغرب لاتفاق وقف إطلاق النار في 13 نوفمبر 2020 بمنطقة الكركرات واستئناف الكفاح المسلح، أن « الميزات التي تميز بها العمل العسكري طوال سنة، يستشف منها جاهزية جيش التحرير الصحراوي وانخراطه في الحرب التحريرية وقدراتة القتالية والروح المعنوية العالية التي يتمتع بها».
وأوضح المسؤول، أن الجيش الصحراوي يعتمد على خصوصية تجربته القتالية التي أصبحت تدرس في أكاديميات عسكرية، مبرزا أن السنة الماضية «ركزت على استنزاف العدو في طاقاته المادية والمعنوية وأن الحصيلة التي تم الوقوف عليها ستكون قاعدة للانطلاق نحو أعمال قتالية أكثر».
أشاد سيدي أوكال، بما قدمته قوات الجيش الصحراوي المؤمنة والمقتنعة بأن تضحي من أجل حقها، من جهته، قال رئيس أركان الجيش الصحراوي، محمد الوالي اعكيك إن الجيش الصحراوي على أتم الاستعداد لتحرير جميع الأراضي الصحراوية المحتلة ونيل الاستقلال، داعيا الشركات التجارية إلى الابتعاد عن الاستثمار في الأراضي المحتلة لأنها «منطقة حرب وغير آمنة».
أوضح محمد الوالي اعكيك في تصريح إعلامي بمناسبة الذكرى الأولى لخرق المغرب لاتفاق وقف إطلاق النار في 13 نوفمبر 2020 بمنطقة الكركرات، أن الجيش الصحراوي يحيي هذه الذكرى وهو «منتصر» منذ استئناف الحرب التحريرية الثانية، حيث يكبد جيش الاحتلال «خسائر فادحة في الأرواح والعتاد». وأضاف في سياق متصل أن الجيش الصحراوي «على أتم الاستعداد لمواصلة المقاومة المسلحة في كل أماكن تواجد الاحتلال المغربي إلى غاية تحقيق الاستقلال»، متوعدا بـ «توسيع رقعة المعارك إلى ما وراء الجدار العازل».